ستكون السوق الأوروبية مفتوحة أمام السلع القادمة من المملكة المتحدة دون رسوم جمركية بموجب اتفاق 24 ديسمبر/كانون الأول الحالي، الذي ينص على ضرورة تقيد لندن بحزمة من الالتزامات يؤدي الإخلال بها إلى فرض عقوبات تجارية.
ويضم نص الاتفاقية المبرمة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي أكثر من 1500 صفحة، وبسبب عدم نشرها حتى الآن يصعب تحليل تفاصيلها.
وقال آلان جيلمول، في مقال نشرته صحيفة “لاكروا” (La Croix) الفرنسية، إن المملكة المتحدة تستطيع بموجب هذه الاتفاقية تصدير منتجاتها دون ضرائب أو حصص إلى السوق الأوروبية، والعكس صحيح. وستخضع السلع المصدرة لتصريحات وفحوص الصحة النباتية، مما سيؤدي إلى إضافة بعض الإجراءات الروتينية على الحدود، ومن ثم تضخيم التكلفة بالنسبة للشركات.
وينص ملخص الاتفاقية التي نشرتها المفوضية الأوروبية على ضرورة توافق السلع المصدرة المعفاة من الرسوم الجمركية مع قواعد المنشأ. ونتيجة لذلك، لن تتمكن بريطانيا من إعادة تصدير المنتجات البحرية إلى الاتحاد الأوروبي من بلدان غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ستكون النزاعات موضوع تحكيم
ومقابل الوصول المجاني إلى السوق الأوروبية وقّعت بريطانيا سلسلة من الالتزامات للحفاظ على مستوى عال من الحماية في مجالات مثل احترام البيئة ومكافحة تغير المناخ والحقوق الاجتماعية وقانون العمل والشفافية الضريبية ومساعدة الدولة، وذلك بهدف ضمان الحفاظ على شروط المنافسة المنصفة. وفي حال أخلّ أحد الطرفين بالتزاماته فالاتفاقية تنص على إمكانية فرض عقوبات تجارية، حسب الكاتب.
وأُسس “مجلس شراكة” لضمان التنفيذ السليم للاتفاقية، حيث ستكون المنازعات موضوع تحكيم ولن تبت فيها محكمة العدل الأوروبية كونها مرتبطة بلندن.
وأشار الكاتب إلى أن الاتفاق يضم فصلا يتعلق بحقوق الصيد، يقرّ بضرورة تخلي الصيادين الأوروبيين تدريجيًا عن 25% من صيدهم في المياه البريطانية الممتلئة بالأسماك، أثناء المرحلة الانتقالية التي تمتد حتى يونيو/حزيران 2026. وبعد انتهاء المدة المحددة بموجب الاتفاق، سيكون هناك تفاوض مرة أخرى بشأن إمكانية الوصول إلى هذه المياه.
وتضمن الاتفاقية إمكانية بقاء البريطانيين في الاتحاد الأوروبي أو بقاء الأوروبيين في المملكة المتحدة دون تأشيرة لمدة 90 يوما.
وفي الوقت ذاته يضمن الاتفاق إطارا قانونيا لاستمرارية النقل البري والسكك الحديدية والنقل الجوي فضلا عن حقوق الأوروبيين والبريطانيين في الاستفادة من الضمان الاجتماعي، سواء كانوا يعيشون في المنطقة الأوروبية أو في المملكة المتحدة.
وعلى الرغم من أن جميع مسائل الدفاع والدبلوماسية تظل خارج نطاق الصفقة، حيث تحتفظ بريطانيا بسيادتها، فإن الاتفاق يرسي أسس التعاون الأمني.
لندن.. المركز المالي لأوروبا
لا يحدد نص الاتفاقية الشروط التي تُمكّن الشركات البريطانية من العمل في القطاع المالي داخل الاتحاد الأوروبي، ولا سيما بعد فقدان جواز السفر المالي المهم جدا بالنسبة للندن، مما يشير إلى أن هذه المسألة ستكون محل نقاش في اتفاق آخر.
وبوجه عام، يمثل القطاع المالي 15% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة، وبهذا تعد لندن المركز المالي الرائد في أوروبا.
نحو عودة رسوم التجوال؟
لم تتطرق الاتفاقية لبعض المسائل التي لا تقل أهمية عن التجارة والتي تتطلب تغييرات كبيرة. فعلى سبيل المثال، بدءا من يناير/كانون الثاني سيكون لمشغلي الهاتف الأوروبيين مرة أخرى الحق في فرض رسوم التجوال على المكالمات التي تُجرى من بريطانيا، وذلك في وقت يُمنع فيه فرض رسوم على المكالمات التي تُجرى من دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي بموجب لائحة أوروبية.
وأورد الكاتب أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تسبب في خسارة البريطانيين والأوروبيين جملة من الحقوق، حيث لم يعد بإمكان الأوروبيين الاستقرار والعمل بحرية في المملكة المتحدة، والعكس ينطبق على البريطانيين في أوروبا.
وحُرم البريطانيون أيضا من المشاركة في برنامج التبادل “إيراسموس”. ولم يعد بإمكان الجيش البريطاني تلقي الإشارة العسكرية من شبكة الأقمار الصناعية الأوروبية “غاليليو”.
ومن أجل إظهار قدرة بلاده على استعادة السيطرة على مصيرها، وعد رئيس الوزراء بوريس جونسون بتزويد بلاده بشبكة فضائية جديدة.
المصدر : لاكروا