الكويت – قالت مصادر سياسية كويتية إن الانزعاج الذي ظهر في كلمة أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد من الإشاعات الأربعاء يعود بالأساس إلى بعض الدعوات التي تسربت سابقا من مواقع وحسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي تحث على العودة إلى الشارع أو استغلال اسم هذه القبيلة أو تلك في التحرك السياسي.
وكان لافتا قول الشيخ نواف الأحمد “الكويت أمانة في أعناقنا ولن نسمح لكائن من كان أن يزعزع أمنها واستقرارها من خلال دعوات مغرضة هدفها المسّ بوحدتنا الوطنية”، في إشارة واضحة إلى التأثير الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي على المشهد الكويتي ودورها في إذكاء الأزمة السياسية بين الحكومة ومجلس الأمة.
وخصص أمير الكويت فقرة في كلمته الأولى، التي يلقيها بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان وهو تقليد دأب عليه الأمراء السابقون، للحديث عن السوشيال ميديا قائلا “جميعنا مطالبون بالوقوف في وجه الإشاعات التي تبث في منصات التواصل الاجتماعي وتحرّي الدقة لمعرفة الحقيقة كاملة”.
ومعلوم أن الجيوش الإلكترونية للمعارضة الكويتية وتحديدا جيش الإخوان المسلمين وجيش ما يعرف بـ”غروب الفنطاس” في لندن هما الأقوى في الكويت.
و”غروب الفنطاس” هم مجموعة من العناصر التي شكلت “غروب” في تطبيق الواتساب وصدرت ضدها أحكام قضائية، وهرب أعضاؤها إلى لندن ومنهم عذبي الفهد المدير السابق لأمن الدولة وشقيق الشيخ أحمد الفهد، والشيخ خليفة العلي رئيس تحرير صحيفة “الوطن” السابق وابن الشيخ علي الخليفة المتهم في قضية الناقلات، ومحمد الهارون الهارب على ذمة قضايا كثيرة، والمتهم بفبركة “شرائط الفتنة” للشيخ أحمد الفهد قبل سنوات.
وأشار مراقبون محليون إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تصبّ الزيت على مشهد كويتي مشتعل بطبيعته، وتضخ المزيد من الإشاعات التي تستهدف الجميع بمن في ذلك أمير الكويت باعتباره المرجع الأخير لحل الخلافات وتطويقها وتهدئة الخواطر.
وأضاف هؤلاء المراقبون أن الحرية في الكويت التي كانت السلطات تتحكم فيها إلى حد ما، تحولت الآن إلى صراع دون ضوابط على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونشطت الدعوات إلى استعادة دور القبيلة، وأخرى تظهر الارتباط الفكري والسياسي لبعض الأفراد والكيانات بالخارج، ما يمسّ من قيمة الوحدة الوطنية.
ولفتوا إلى أن ما يثير قلق السلطات الكويتية هو العجز عن مواجهة سيل الإشاعات الذي طال كل شيء خاصة في قضايا الفساد، وهو أمر وصل إلى شيوخ من الأسرة الحاكمة التي كانت في السابق تتكتم على كل أخبارها، وتنجح في تطويقها وتحول دون أيّ توظيف لها في الداخل أو الخارج قد يمسّ من مصداقية القيادة السياسية في البلاد.
وفرض الاهتمام البالغ بقضايا الفساد على مواقع التواصل على القضاء الكويتي أن يتحرّك ضد شخصيات مجتمعية مهمة بعضها من الأسرة الحاكمة، في رسالة واضحة على أن السلطات باتت مضطرة للتفاعل الإيجابي مع الضغوط، والتعاطي بإيجابية مع الاتهامات التي تصدر من هنا وهناك.
وقررت محكمة الوزراء الكويتية الشهر الماضي حبس رئيس الحكومة السابق الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح احتياطيا على ذمة التحقيقات معه في شبهات فساد جرت قبل سنوات في صندوق مالي تابع للجيش.
وبقدر ما مثّل القرار سابقة في الكويت، إذ أنّها المرّة الأولى التي يُحبس فيها رئيس وزراء سواء أثناء أداء مهامّه أو خلال وجوده خارج المنصب، فقد لفت في الآن نفسه إلى تغلغل ظاهرة الفساد في مفاصل الدولة الكويتية وشمولها كبار المسؤولين إلى جانب قطاعات تعدّ حساسة في البلاد مثل القضاء.
وأحالت النيابة العامة الكويتية إلى محكمة الجنايات الأسبوع الماضي ثمانية قضاة ومحامييْن، وذلك لمحاكمتهم في قضية استغلال الوظيفة والرشوة والتزوير وغسيل الأموال.
ورغم الانزعاج من ثقل التأثير الذي باتت تمتلكه مواقع التواصل الاجتماعي فقد حرص أمير الكويت في كلمته الأربعاء على التهدئة بين مختلف السياسيين، وخاصة ما تعلق بالصراع بين الحكومة والبرلمان.
وأكد على أن التعاون بين سلطات الدولة ومؤسساتها “هو الأساس لأيّ عمل وطني ناجح”، أي أنه يقول للمعارضة إن تعطيل الجلسات لا يخدم التعاون.
كما أكد على ضرورة التمسك “بالنهج الديمقراطي الذي ارتضيناه مُبتعدين عن أجواء الاحتقان والتوتر وعن كل ما يدعو إلى التفرقة”، أي القبول بديمقراطية الانتخابات وما تلاها من إيصال مرزوق الغانم إلى رئاسة مجلس الأمة وتعيين صباح الخالد رئيسا للحكومة وفق الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور.
وأضاف أن “التعاون بين سلطات الدولة ومؤسساتها هو الأساس لأيّ عمل وطني ناجح، والأسلوب الأمثل نحو الإنجاز تحقيقا للتطلعات التنموية التي ينشدها أبناء شعبنا الأوفياء”.
ودعا إلى الالتزام “بالحوار الهادئ والهادف دون تجريح أو اتهام لتفويت الفرصة على المتربصين للنيل من ثوابتنا الوطنية”.
وأشار إلى أن أهم الأولويات في هذه المرحلة “هي رعاية هذا الجيل الواعد من شبابنا، من خلال تأهيله بأفضل الوسائل العلمية والأكاديمية الحديثة”.
وقال “أسجل بالغ الإشادة بالعاملين في الصفوف الأمامية والمتطوعين في كافة القطاعات من مواطنين ومقيمين لمواجهة وباء كورونا، وندعو الجميع إلى ضرورة الالتزام بالاحترازات الصحية”.
العرب