عقدت الخارجية الإيرانية اجتماعا الأربعاء تحت عنوان “الحوار بين الأفغان”، بمشاركة ممثلين عن الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، وشخصيات سياسية وثقافية أفغانية، تزامنا مع تصعيد الحركة هجماتها شمال غربي أفغانستان.
وجرى هذا الاجتماع بحضور وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي قال إن “الصراع في أفغانستان لم يحقق أي نتائج إيجابية، والعودة إلى طاولة الحوار بين الأفغانيين والالتزام بالسبل السياسية أفضل الحلول أمام التيارات السياسية الأفغانية لتحقيق الاستقرار”، مؤكدا أن “إيران مستعدة للمساعدة في عملية الحوار بين التيارات الأفغانية بهدف التوصل إلى حل للخلافات والأزمات التي تعاني منها أفغانستان”.
وأضاف ظريف “نؤكد التزام إيران بتقديم المساعدة لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية الشاملة في أفغانستان، بعد إحلال السلام في هذا البلد”.
وتابع أنه “يتعين اليوم على الشعب الأفغاني وقادته السياسيين تقرير مصير بلدهم بأنفسهم”.
وقبل أكثر من شهرين على الموعد الذي حددته واشنطن لإنجاز انسحاب الجيش الأميركي من أفغانستان في 11 سبتمبر، دعا ظريف “شعب أفغانستان وقادتها السياسيين إلى اتخاذ قرارات صعبة لمستقبل بلادهم”.
ويقود نائب الرئيس الأفغاني السابق يونس قانوني وفد الحكومة الأفغانية، فيما يرئس وفد طالبان كبير مفاوضيها شير محمد عباس ستانيكزاي.
وبينما يعقد الوفدان الأفغانيان اجتماعهما في طهران، شنت حركة طالبان أول هجوم لها على عاصمة ولاية في قلعة ناو في شمال غرب البلاد، منذ بدء عمليتها العسكرية واسعة النطاق مطلع مايو على القوات الحكومية.
واندلع قتال عنيف في منطقة قلعة ناو عاصمة ولاية بادغيس، بعدما هاجم المسلحون كل الأقاليم المحيطة بالولاية.
وقال حاكم بادغيس حسام الدين شمس للصحافيين في رسالة نصية “العدو دخل المدينة، سقطت كل الأقاليم. القتال بدأ داخل المدينة”.
وأكد رئيس مجلس ولاية بادغيس عبدالعزيز بك وعضو المجلس ضياء غول حبيبي أن القتال بين طالبان والقوات الحكومية اندلع داخل المدينة.
وقال بك إن “القتال مستمر في مختلف أنحاء المدينة الآن”، مضيفا أن بعض مسؤولي الأمن استسلموا لطالبان خلال الليل.
وأعلن حبيبي أن حركة طالبان دخلت مقر الشرطة في المدينة والمكتب المحلي لوكالة الاستخبارات الأفغانية “مديرية الأمن الوطني”.
وأضاف أن “مسؤولي مجلس الولاية فروا إلى معسكر للجيش في المدينة، والقتال مستمر في المدينة”.
وإيران قلقة جدا من الوضع في أفغانستان المجاورة التي لها حدود مشتركة طويلة معها، وهي تستضيف الملايين من اللاجئين الأفغان منذ سنوات.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن ظريف أسف “للنتائج السلبية لتواصل النزاع في أفغانستان، ودعا الطرفين إلى العودة إلى طاولة المفاوضات”.
واندلعت الاشتباكات بين حركة طالبان والقوات الحكومية في ولايات عدة، لكن المتمردّين شنّوا حملة مدمرة عبر الريف الشمالي خصوصا، وسيطروا على العشرات من الأقاليم خلال الشهرين الماضيين.
والثلاثاء نشرت السلطات الأفغانية مئات الأفراد من قوات خاصة وميليشيات موالية للحكومة، بهدف مواجهة الهجوم العنيف الذي تشنه طالبان في الشمال، والذي أدى إلى فرار أكثر من ألف جندي أفغاني إلى طاجيكستان المجاورة.
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع فؤاد أمان “نخطط لشن هجوم كبير من أجل استعادة الأراضي التي سيطر عليها العدو”، مضيفا “يجري تنظيم قواتنا على الأرض من أجل هذه العملية”.
وانتشرت المئات من القوات والميليشيات الموالية للحكومة في ولايتي تخار وبدخشان الشماليتين، حيث سيطرت طالبان على مساحات شاسعة من الأراضي، دون أي قتال في أحيان كثيرة.
وقال مسؤولون أفغان في مجال الدفاع، إنهم يريدون تأمين المدن الرئيسية والطرق والبلدات الحدودية في مواجهة هجوم طالبان، الذي تزامن مع مضي القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي قدما في سحب جنودهما في أوائل مايو.
وأثارت انتصارات المسلحين مخاوف من أن القوات الأفغانية تعاني أزمة، خصوصا في الوقت الحالي، بعد تقليص الدعم الجوي الأميركي الحيوي بشكل كبير بتسليم قاعدة باغرام الجوية.
والأسبوع الماضي غادرت جميع القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي قاعدة باغرام الجوية قرب كابول، المركز الأساسي للعمليات الأميركية الاستراتيجية في أفغانستان، بعد تدخل استمر عشرين عاما في البلاد. ويفترض أن ينجز الانسحاب الكلي في 11 سبتمبر المقبل.
وتعتبر السرعة والسهولة اللتان تسيطر بهما طالبان على مساحات شاسعة من تخار وبدخشان، منذ الانسحاب الأميركي من قاعدة باغرام، ضربة معنوية كبيرة للحكومة الأفغانية.
وقال المحلل في كابول عطا نوري “انهارت معنويات القوات الأفغانية”، محذّرا من أن “الوضع طارئ بالنسبة إلى الحكومة الأفغانية وعليها تكثيف هجومها المضاد في أقرب وقت ممكن”.
صحيفة العرب