تواصلت الاحتجاجات العنيفة في كازاخستان اليوم الخميس، فقد اشتبكت قوات الأمن مع المحتجين في الساحة الرئيسية بمدينة ألماتي كبرى مدن البلاد، في حين أعلنت الشرطة أنه تم “القضاء على عشرات المهاجمين” ممن وصفتهم بالقوى المتطرفة الليلة الماضية، وبينما أرسلت روسيا قوات لحفظ السلام، صدرت مواقف من إيران ومنظمة الدول التركية وأطراف إقليمية ودولية.
ومع التطورات المتسارعة التي شملت إعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد وتوقف الرحلات الجوية كليا من كازاخستان وإليها، أعلنت -اليوم الخميس- منظمة “معاهدة الأمن الجماعي” التي ترعاها روسيا أن موسكو أرسلت أول كتيبة من “قوات حفظ السلام” تلبية لطلب من الرئيس قاسم جومرت توكاييف.
وقال هذا التحالف العسكري -في بيان نشرته عبر تطبيق تليغرام المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا- “أرسلت منظمة معاهدة الأمن الجماعي قوة جماعية لحفظ السلام إلى كازاخستان لمدة محدودة، من أجل ضمان استقرار الوضع وتطبيعه”.
من جهتها، قالت وزارة الدفاع الروسية إن قوة حفظ السلام في كازاخستان تضمّ قوات من روسيا وبيلاروسيا وأرمينيا وطاجيكستان وقرغيزستان.
ونشرت الوزارة صورا تظهر مغادرة مجموعة من المظليين الروس إلى كازاخستان، قالت إنهم سيشاركون في حماية المنشآت المدنية والعسكرية.
ورأت وزارة الخارجية الروسية أن ما يحدث في كازاخستان “محاولة مدعومة خارجيا لتقويض أمن الدولة بالقوة”.
وأضافت -في بيان صدر اليوم الخميس- أنها ستتشاور مع كازاخستان والحلفاء بشأن اتخاذ خطوات إضافية لدعم “مكافحة الإرهاب”، وفق تعبيرها.
من جهته، قال يوري شفيتكين نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي (الغرفة السفلى للبرلمان) إن مهمة قوات حفظ السلام قد تستمر نحو شهر واحد للمساعدة في تحييد من يقف وراء الاضطرابات وأعمال الشغب.
أما مجلس الاتحاد الروسي (الغرفة العليا للبرلمان) فقال إن من بين المحتجين في كازاخستان مسلحين قاتلوا في الشرق الأوسط والشرق الأدنى وأفغانستان.
من جهته، أكد المتحدث باسم منظمة معاهدة الأمن الجماعي فلاديمير زينت الدينوف أن قوات حفظ السلام التابعة للمنظمة باشرت عملها على الأرض في كازاخستان، وستتركز مهمتها على حماية المنشآت الحكومية والعسكرية.
وقال “بناء على طلب الرئيس الكازاخي قاسم جومرت توكاييف اتخذنا هذا القرار، تم إرسال قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى كازاخستان لمدة محدودة بهدف تطبيع الوضع في البلاد، بمشاركة قوات من أرمينيا وبيلاروسيا وقرغيزيا وروسيا وطاجيكستان”.
وأوضح أن الأهداف الأساسية لمهمة قوات حفظ السلام تتلخص في حماية المنشآت الحكومية والعسكرية المهمة، والمشاركة في جهود الأمن الكازاخي في استعادة الأمن والاستقرار، وإعادة الأوضاع إلى مناخها القانوني.
وأعلن المتحدث أنه تم “القضاء على عشرات المهاجمين”، ويجري حاليا التعرف على هويات القتلى.
وأشار أزيربك إلى أن ما سماها عملية مكافحة الإرهاب مستمرة في ألماتي، وتدور في محيط بعض المرافق والدوائر الحكومية في المدينة، داعيا السكان وضيوف ألماتي إلى تجنب الخروج إلى الشوارع.
وفي وقت لاحق، أفادت وسائل إعلام محلية بمقتل 30 شخصا من المحتجين خلال الاشتباكات مع قوات الأمن في ألماتي.
ومن جهتها، أعلنت وزارة الصحة الكازاخية اليوم الخميس عبر قناة تلفزيونية رسمية أن أكثر من ألف شخص جرحوا في الاحتجاجات وأعمال الشغب التي تهز كازاخستان منذ أيام.
وصرّح آجر غينات نائب وزير الصحة، لقناة “خبر 24″، بأن “أكثر من ألف شخص أصيبوا بجروح نتيجة أعمال الشغب في مناطق مختلفة من كازاخستان، أُدخل 400 منهم إلى المستشفى و62 شخصا في العناية المركزة”.
كما أعلنت السلطات عبر القناة نفسها مقتل 12 من عناصر قوات الأمن وجرح 353 آخرين خلال الشغب والمظاهرات، وأضافت القناة أنه “عثر على جثة أحدهم مقطوعة الرأس”.
فوضى واعتقالات
وأعلنت الشرطة اعتقال أكثر من ألفي شخص قالت إنهم شاركوا في أعمال الشغب.
ومع انتشار الفوضى، أعلن البنك المركزي في كازاخستان إيقاف عمل البنوك والبورصة، إثر أعمال نهب تعرضت لها المؤسسات المالية في مدن عدة. وتحدثت وسائل إعلام محلية عن توقف العمل بمحطات الوقود في ألماتي ونفاد المنتجات الغذائية من المتاجر.
وأفادت وكالة “سبوتنيك كازاخستان” (Sputnik Kazakhstan) بتوقف حركة الطيران كليا من كازاخستان وإليها، جراء الاحتجاجات العنيفة.
وقد امتدت حركة الاحتجاجات -التي اندلعت شرارتها الأحد الماضي إثر زيادة في أسعار الغاز المسال بمدينة جاناوزن (غربي البلاد)- إلى مدينة ألماتي، العاصمة الاقتصادية وكبرى مدن البلاد مساء أول أمس الثلاثاء.
وبعد ليلة من الاحتجاجات العنيفة اعتقلت السلطات فيها أكثر من 200 شخص، اقتحم آلاف المتظاهرين أمس الأربعاء مبنى إدارة المدينة، على الرغم من إطلاق الشرطة قنابل الصوت والغاز المدمع.
السلطة تتهم “الإرهابيين”
من جهته، رأى الرئيس قاسم جومرت توكاييف -الذي أقال الحكومة وأعلن حالة الطوارئ- أن الاضطرابات الحالية أدّت إلى “هجمات ضخمة على قوات الأمن”.
وأضاف -في كلمة متلفزة أمس الأربعاء- أن “مجموعات من عناصر إجرامية تضرب جنودنا وتهينهم وتسحلهم عراة في الشوارع، وتعتدي على النساء وتنهب المتاجر”.
وقال توكاييف إنه دعا رؤساء دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي لمساعدة كازاخستان على “هزيمة التهديد الإرهابي”، وأضاف أن “عصابات إرهابية” تلقّت “تدريبا عاليا في الخارج” تقود المظاهرات.
وأعلنت الرئاسة الكازاخستانية اليوم الخميس تشكيل فريق تحقيق لتقديم مرتكبي أعمال الشغب للمحاكمة.
من ناحية أخرى، قالت السفارة الأميركية في كازاخستان -اليوم الخميس- إنها تراقب الوضع من كثب، وأعلنت إدانتها أعمال العنف وتدمير الممتلكات.
ودعت السفارة كلا من السلطات والمتظاهرين إلى ضبط النفس واحترام المؤسسات، كما حثت جميع الأطراف على التوصل إلى حل سلمي، وطالبت بعودة الإنترنت.
مواقف إقليمية
وفي إيران قال المتحدث باسم الخارجية سعيد خطيب زاده إن بلاده تتابع بدقة تطورات الأوضاع في كازاخستان، وإن لديها قناعة كاملة بأن الحكومة والشعب في كازاخستان لديهما القدرة على حل خلافاتهما عبر الحوار، وبطرق سلمية، من دون تدخل قوى خارجية.
وأكد خطيب زاده أن استقرار كازاخستان وأمنها يحظيان بأهمية قصوى لدى إيران، وأنه يجب عدم إيجاد أرضية تسمح لجهات أجنبية باستغلالها كما أعرب عن أمله أن يعود الهدوء والاستقرار إلى كازاخستان في أقرب فرصة.
في السياق ذاته، أصدرت منظمة الدول التركية بيانا أكدت فيه أهمية خاصة للسلام والاستقرار في كازاخستان.
وجاء في البيان “ندعم كازاخستان، الدولة العضوة في منظمتنا، ونودّ التعبير عن ثقتنا بحكمة الشعب الكازاخي الشقيق ورغبته في العودة للوضع الطبيعي في بلاده”.
يذكر أن منظمة الدول التركية التي مقرها أنقرة تضمّ في عضويتها أذربيجان وتركيا وكازاخستان وقرغيزستان.
المصدر : الجزيرة + وكالة سند + وكالات