موسكو – يجري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السبت محادثات هاتفية جديدة مع نظيريه الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون وسط تصاعد تحذيرات دول غربية من احتمال اندلاع حرب في أوكرانيا في أي لحظة.
وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن بوتين طلب إجراء المحادثة الهاتفية الاثنين لكن بايدن أرادها في وقت أقرب، في حين تحدثت الولايات المتحدة تفصيلا عن علامات تزداد وضوحا على احتمال شن هجوم على أوكرانيا.
ونفت موسكو مرارا قراءة واشنطن للأحداث، وتقول إنها حشدت أكثر من مئة ألف من قواتها قرب الحدود الأوكرانية حفاظا على أمنها في مواجهة أي عدوان من دول حلف شمال الأطلسي.
ويسعى بوتين لضمانات أمنية من بايدن تؤكد عدم انضمام أوكرانيا لحلف الأطلسي وعدم نشر صواريخ قرب حدود روسيا.
وترى واشنطن أن كثيرا من المقترحات تجهض المحادثات من بدايتها، لكنها تحث الكرملين على مناقشتها معها ومع حلفائها الأوروبيين.
ولا يزال بايدن يرى أن تواصل كل على حدة مع بوتين ربما يكون أفضل فرصة للوصول لقرار. وسيُجري المحادثة الهاتفية من المنتجع الرئاسي الجبلي في كامب ديفيد بولاية ماريلاند.
ولم تسفر مكالمتان بين بايدن وبوتين في ديسمبر عن أي انفراجة وإن كانت قد مهدت الساحة لمسار الدبلوماسية بين مساعديهما. كما لم تسفر محادثات رباعية في برلين بين روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا الخميس عن أي تقدم.
ومن المزمع أن يتحدث بوتين أيضا مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت حسبما ذكرت وكالة تاس الروسية للأنباء.
وفي إطار مساع دبلوماسية حثيثة لدرء غزو محتمل، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنه سيتحدث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف السبت، مضيفا أن واشنطن مستعدة للدبلوماسية أو “العدوان” من جانب موسكو في الأزمة الأوكرانية.
وصرح بلينكن للصحافيين في فيجي بأنه إذا كان بوتين حريصا فعلا على حل الأزمة المتصاعدة دبلوماسيا فإن واشنطن مستعدة للقيام بدورها، لكنها ستفرض عقوبات اقتصادية سريعة إذا قامت موسكو بغزو أوكرانيا.
وأضاف خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع مع زعماء دول المحيط الهادي “ما زلت أتعشم ألا يختار مسار تجدد العدوان وأن يختار مسار الدبلوماسية والحوار”. وتابع “لكن إذا لم يفعل فنحن مستعدون”.
وأكد بلينكن أنه “إذا قرر الرئيس بوتين القيام بعمل عسكري فسوف نسارع بفرض عقوبات اقتصادية صارمة بالتنسيق مع الحلفاء والشركاء في أنحاء العالم، سنعزز قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها وسندعم حلفاءنا على الجانب الشرقي لحلف شمال الأطلسي”.
وأشار إلى أنه سيسأل لافروف عن الرد الروسي على الاقتراحات الأميركية لحل الأزمة.
وأمام تصاعد التحذيرات الغربية بشأن قرب غزو روسي محتمل لأوكرانيا، بدأت العديد من الدول إجلاء دبلوماسييها ودعوة رعاياها للمغادرة وتجنب السفر إلى كييف.
وانضم كل من الإمارات والعراق والكويت إلى الدول التي حثت رعاياها على مغادرة البلاد حفاظاً على سلامتهم، بعد أن قالت واشنطن إن غزوا روسيا -ربما يشمل هجوما جويا- يمكن أن يحدث في أي وقت.
جاء ذلك وفق 3 بيانات منفصلة للسفارة الإماراتية لدى كييف، ووزارتي الخارجية الكويتية والعراقية، بحسب وكالات الأنباء الرسمية.
وحثت السفارة الإماراتية لدى كييف، السبت المواطنين الإماراتيين الراغبين في السفر إلى أوكرانيا، بتأجيل السفر حالياً، كما دعت جميع مواطني الدولة الموجودين في أوكرانيا إلى التواصل معها عبر خط الطوارئ.
وبدورها حثت الخارجية العراقية، رعاياها المتواجدين في أوكرانيا على مغادرة البلاد وعدم السفر إليها. وقالت إن القرار يأتي “حرصاً من وزارة الخارجية على أمنِ وسلامة أبناء الجالية العراقية في أوكرانيا ونتيجة للظروف الاستثنائيّة هناك”.
كما دعت الكويت رعاياها في أوكرانيا، السبت، إلى مغادرة البلاد حفاظا على سلامتهم، والتواصل مع السفارة الكويتية في كييف.
وطالبت وزارة الخارجية الكويتية، في بيان الكويتيين الراغبين في السفر إلى أوكرانيا بتأجيل سفرهم في الوقت الراهن.
وطلبت الولايات المتحدة من جميع الموظفين غير الأساسيين في سفارتها بكييف، مغادرة أوكرانيا بسبب احتمال حصول غزو روسي للجمهورية السوفياتية السابقة.
وقالت وزارة الخارجية في تحذير السفر المحدث إنها “أعطت الأمر بمغادرة غالبية الموظفين الأميركيين المعينين مباشرة من سفارة كييف بسبب التهديد المستمر من تحرك عسكري روسي”.
في المقابل، حضت أوكرانيا مواطنيها على التحلي بالهدوء وعدم الاستسلام للهلع في وجه المخاوف المتزايدة من أن تكون روسيا تستعد لغزو جارتها.
وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان “في هذه المرحلة من المهم للغاية التحلي بالهدوء وتعزيز البلاد داخليا وتجنب التصرفات التي تزعزع استقرار الوضع وتزرع الذعر”.
وتأتي هذه التطورات بينما أعلن البنتاغون أنّ الولايات المتّحدة بصدد إرسال ثلاثة آلاف عسكري إضافيين إلى بولندا من أجل “طمأنة الحلفاء في حلف شمال الأطلسي”.
وأكد ساليفان أنه من غير المعروف إن كان بوتين اتخذ قرارا نهائيا من عدمه، وأن الولايات المتحدة تستعد للأسوأ بما يشمل “هجوما خاطفا” على العاصمة كييف.
وجاءت تصريحات ساليفان بعيد محادثات بين بايدن وستة زعماء أوروبيين ومسؤولي حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، تناولت أخطر أزمة بين الغرب وروسيا منذ نهاية الحرب الباردة قبل ثلاثين عاما.
وفي أعقاب المحادثة الهاتفية المشتركة بين الرئيس الأميركي والقادة الأوروبيين، قال المتحدث باسم المستشار الألماني أولاف شولتس إن الهدف هو منع وقوع حرب في أوروبا”. لكن إذا لم تنسحب موسكو فإن “الحلفاء عازمون معاً على اتخاذ عقوبات سريعة وجذرية في حقّ روسيا”.
وقد تستهدف العقوبات قطاعي المال والطاقة، وفق رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين.
وتحدث ساليفان إلى كبير موظفي فون دير لايين، بيورن زيبرت في اتصال بالفيديو الجمعة من أجل تنسيق “تفاصيل رد محتمل من جانبي الأطلسي، بما يشمل عقوبات مالية وضوابط على الصادرات”، بحسب بيان للبيت الأبيض.
وتحيط قوات بحرية وجنود روس، بما يشمل وحدات استقدمت من كافة أنحاء البلد الشاسع، بأوكرانيا من الجنوب والشرق والشمال.
تسيطر روسيا التي تنفي أن يكون لديها أي نية في مهاجمة أوكرانيا، على شبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014 وتدعم انفصاليين يسيطرون على إقليم دونباس الاوكراني في الشرق.
ويقول الكرملين أن هدفه هو الحصول على موافقة من حلف شمال الأطلسي بعدم ضم أوكرانيا لعضويته، والانسحاب من دول أوروبية شرقية منضوية فيه، ما يعيد تقسيم أوروبا إلى مناطق نفوذ على غرار ما كان قائما خلال الحرب الباردة.
وترفض الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون تلك المطالب وتؤكد أن حلف شمال الأطلسي لا يمثل تهديدا لروسيا.
وزادت من حدة التوتر مناورات عسكرية روسية واسعة بدأت الجمعة مع الحليف السلطوي بيلاروس، الواقعة إلى الشمال من كييف وتشترك في حدود مع الاتحاد الأوروبي.
كذلك أعلنت وزارة الدفاع الروسية الجمعة إجراء تدريبات عسكرية قرب حدود أوكرانيا في البحر الأسود.
ووفق رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية النرويجي، فإن روسيا فعليا مستعدة لإجراء عمليات عسكرية واسعة في أوكرانيا، والمطلوب فقط إشارة من الكرملين.
العرب