كنوز إسرائيل من الغاز الطبيعي المتجه إلى أوروبا أخبار غير سارة للفلسطينيين

كنوز إسرائيل من الغاز الطبيعي المتجه إلى أوروبا أخبار غير سارة للفلسطينيين

لندن – تشكل المساعي الأوروبية لاستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل عبر عدة مسارات أخبارا غير سارة للفلسطينيين الذين قد تُعجل هذه الخطوة بتغيير علاقتهم مع أوروبا.

ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير الماضي أطلق الأوروبيون مساعيَ مكثفة للبحث عن بدائل للغاز الروسي في محاولة لمعاقبة موسكو على إعلانها الحرب على كييف.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في وقت سابق إن الاتحاد الأوروبي يعد مشروعين رئيسيين للبنية التحتية للطاقة لزيادة الروابط مع إسرائيل في مجال الطاقة. وتشمل المشاريع خط أنابيب غاز وهيدروجين في شرق البحر المتوسط وكابل طاقة تحت الماء يربط إسرائيل بقبرص واليونان.

وقال جوزيف دانا رئيس تحرير “إميرج 85” إن “أوروبا بذلك على وشك إحداث تحول كبير في الصراع الطويل في الشرق الأوسط، وتتطلع القارة الأوروبية اليوم إلى بدء استيراد الغاز الطبيعي الإسرائيلي، وهذه الثروة النقدية المفاجئة لإسرائيل قد تغير علاقتها مع الفلسطينيين إلى الأبد”.

جوزيف دانا: الثروة المفاجئة لإسرائيل ستغير علاقتها مع الفلسطينيين

وبدأت ألمانيا في تشغيل محطات تعمل بالفحم في خطوة اعتبرت نكسة كبيرة لسنوات من النمو الإيجابي في قطاع الطاقة النظيفة، وهي تلك المحطات التي كانت خاملة لفترة طويلة، وسوف يخفف الفحم من بعض المخاوف المتعلقة بالطاقة، لكنه لا يمكن أن يحل محل حاجة أوروبا إلى الغاز الطبيعي وهو ما حتم عليها مواصلة البحث عن بدائل.

واكتشفت إسرائيل العديد من حقول الغاز الطبيعي الضخمة في شرق البحر الأبيض المتوسط منذ أكثر من عقد من الزمان، وكانت حقول الغاز مصدرا للجدل المستمر وللمؤامرات الجيوسياسية منذ ذلك الحين.

وكانت تركيا أول دولة أبدت اهتمامًا جادًا بالغاز الطبيعي الإسرائيلي، على الرغم من محاولات أنقرة الطويلة للمزايدة بالقضية الفلسطينية من خلال زعم أنها تدافع عن الفلسطينيين في مواجهة إسرائيل.

وأرادت تركيا أن تصبح قناة رئيسية للغاز الإسرائيلي والذي يمر من أراضيها إلى أوروبا، في سعي منها لإعادة تقديم نفسها كدولة مركزية للنفط والغاز.

وتطلبت الصفقة التركية – الإسرائيلية خط أنابيب معقّدا، والذي كان يجب أن يمر بالمياه اليونانية والقبرصية وربما اللبنانية، وبحلول نهاية عام 2018، انهار المشروع وتم استبداله بسرعة بمشروع “خط أنابيب شرق البحر المتوسط” الجديد بقيمة 7 مليارات دولار والذي سيربط الحقول البحرية الإسرائيلية باليونان عبر قبرص وكريت.

وقال دانا “كتبت في عام 2019 أنه من المفترض أن ينقل خط الأنابيب 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًا إلى الأسواق المتعطشة للطاقة في الاتحاد الأوروبي مما سيجلب مليارات من الدولارات لإسرائيل واليونان وقبرص مع توفير رسوم غاز أقل للعملاء الشماليين الذين اعتمدوا على روسيا ودول الشرق الأوسط الأخرى إلى الآن”.

وأنهت الولايات المتحدة دعمها لخط أنابيب “شرق البحر المتوسط” في شهر يناير، لكن يبدو أن الصفقة تشكل الأساس لاتفاقية جديدة بين أوروبا وإسرائيل ومصر.

وجاء الإعلان وسط زخم من النشاط، بما في ذلك زيارة قام بها رئيس الوزراء الايطالي ماريو دراغي إلى إسرائيل لإجراء محادثات حول الطاقة مع نظيره الإسرائيلي، وإبرام مذكرة تفاهم عُدت تاريخية بين إسرائيل ومصر وأوروبا.

وستشهد الصفقة تصدير إسرائيل للغاز الطبيعي إلى مصر، حيث سيتم تسييله وإرساله إلى أوروبا، وتمهد مذكرة التفاهم الطريق لأولى صادرات الغاز الإسرائيلي إلى الاتحاد الأوروبي.

ولا يزال هناك العديد من التحديات الكبيرة في مشهد الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث يمثل حقل غاز كاريش بين إسرائيل ولبنان بؤرة ساخنة.

وتزعم إسرائيل أن الحقل يقع في المنطقة الاقتصادية الخالصة التي حددتها الأمم المتحدة، لكن لبنان يقول إن المنطقة متنازع عليها، وفشلت المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين إسرائيل ولبنان في التوصل إلى تسوية حيث قالت ميليشيا حزب الله هذا الشهر إنها ستقوم باتخاذ خطوات إذا بدأت إسرائيل الحفر في المنطقة المتنازع عليها قبل التوصل إلى اتفاق.

إسرائيل اكتشفت العديد من حقول الغاز الطبيعي الضخمة في شرق البحر الأبيض المتوسط منذ أكثر من عقد من الزمان

وبعيدًا عن مسألة النزاعات الإقليمية، فإن الوصول الوشيك للغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى أوروبا سيعيد إشعال مخاوف كبيرة بشأن علاقة الاتحاد الأوروبي بإسرائيل، فالاتحاد هو الشريك التجاري الأكثر أهمية لتل أبيب، ويرى النشطاء الذين يدعمون المقاطعة التي يقودها الفلسطينيون للشركات الإسرائيلية أن أوروبا ساحة معركة حاسمة.

ونجح نشطاء المقاطعة على مدى العقد الماضي في الضغط على الشركات الأوروبية لإنهاء العلاقات التجارية مع إسرائيل، فعلى سبيل المثال انسحبت شركة “سيسترا” الفرنسية من مشروع القطار الخفيف في القدس، بينما أنهت شركة الأمن البريطانية “جي فور أس” أعمالها في إسرائيل.

واعتبر دانا أن “مثل تلك الانتصارات لا معنى لها في مواجهة صفقة الغاز الطبيعي الهائلة التي ستشهد ارتفاع ثروات إسرائيل، فهل سيحتدم الصراع بسبب صفقات الغاز الطبيعي الإسرائيلية الجديدة مع المجتمع المدني الأوروبي؟ ومع التركيز الشديد على الإجراءات الروسية في أوكرانيا وما تلاها من توقف لإمدادات الغاز الطبيعي الروسي، فمن غير الواضح ما إذا كانت هناك مناقشات جديدة حول ما يعنيه الغاز الطبيعي الإسرائيلي بالنسبة إلى التزام أوروبا بحقوق الإنسان”.

وأكد أن “إسرائيل على وشك تحقيق مكاسب نقدية لا مثيل لها على مدى تاريخها القصير، وسيؤدي ضخ رأس المال هذا إلى تغيير جذري في علاقتها مع المجتمع الدولي حول الاحتلال المستمر للأراضي الفلسطينية، ومع اتفاقيات التطبيع الأخيرة في العالم العربي، تُظهر إسرائيل للعالم أنها تستطيع الحفاظ على هيمنتها الوحشية على الفلسطينيين بينما تصنع حلفاء جددا وتزداد ثراء بفضل احتياطاتها من الغاز وسيكون الأثر قريب المدى هو الحفاظ على الوضع الراهن وتوسيع المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، أما الأثر بعيد المدى لتلك التطورات فسيكون قاتماً، على الأقل من المنظور الفلسطيني”.

العرب