ويستمر كيل الغرب بمكيالين تجاه العرب والمسلمين

ويستمر كيل الغرب بمكيالين تجاه العرب والمسلمين

استوقفتني قرارات اتخذتها كل من الكويت وقطر مؤخراً وكذلك قرارات قبلهما، فضحت حجم البغض والحملات العنصرية وكيل الغرب بمكيالين تجاه قضايا ومواقف الدول العربية والمسلمة. الأول استدعاء الاتحاد الأوروبي السفير الكويتي في بروكسل للاحتجاج على إعدام 7 أشخاص بينهم كويتيون ارتكبوا جرائم قتل وتمت محاكمتهم في جميع درجات التقاضي. لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أكدت المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي سيواصل إثارة هذا الموضوع مع الجانب الكويتي على جميع المستويات!
رفض وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم عبدالله الصباح التدخل في الشؤون الداخلية الكويتية، وفي النظام القضائي الكويتي قائلا «إن نظامنا القضائي وأحكامه عادلة وشفافة» وأكد «نحن نفتخر بديمقراطيتنا. وأنه لا يوجد من هو أحرص على حياة الإنسان من الكويت وقيادتها» وتمنى الوزير من الدول الأوروبية عدم تسييس موضوع إعفاء الكويتيين من تأشيرة شنغن.
لو نسمع نفس المنطق والأسلوب واستدعاء المفوضية الأوروبية السفير الأمريكي في الاتحاد الأوروبي والاحتجاج على إعدام المئات في أمريكا. والاستمرار في إثارة موضوع الإعدامات مع الجانب الأمريكي. لكن بالعكس ما نشهده من الأوروبيين هو صمت مطبق، برغم كون أمريكا الدولة الوحيدة في الغرب التي تطبق عقوبة الإعدام!
علماً أنه قد أُعدم في الولايات المتحدة 1532 مداناً في 27 ولاية أمريكية تطبق عقوبة الإعدام منذ عام 1976 بحقن المدانين بمادة قاتلة حتى الموت. وآخرها تزامن إعدام الكويت 7 مدانين الأسبوع الماضي مع إعدام مدان بقتل ابن صديقته البالغ عمره 3 أعوام في ولاية أوكلاهوما!
وينتظر 2436 مداناً تنفيذ أحكام الإعدام! أين حملة التشهير واستدعاء السفراء الأمريكيين احتجاجاً على أحكام الإعدام؟!
الحدث الثاني المتصاعد والمستمر منذ حظيت قطر بشرف استضافة كأس العالم لكرة 22 في الدوحة، هو استمرار فصول الحملات العنصرية، والمطالبة بحرمان قطر من استضافة أهم حدث رياضي لأهم بطولة في العالم وحرمانها من تحقيق إنجاز تاريخي غير مسبوق بكونها الدولة الخليجية ـ والعربية ـ والمسلمة التي تستضيف كأس العالم.

كيل الغرب بمكيالين تجاه قضايا ومواقف الدول العربية والمسلمة لم يعد مقبولاً ويجب فضحه ورفضه

وتبرز ازدواجية المعايير الغربية في حملة الافتراءات الممنهجة ضد قطر برفع قضايا تتعلق بحقوق العمالة الوافدة وأعداد وفياتهم ومعاملتهم الذين أنشأوا البنى التحتية والملاعب الرياضية الثمانية التي ستحتضن مباريات كأس العالم في الدوحة. وكذلك ينتقدون موقف قطر من المثليين ومجتمع ميم في بلد مسلم تحرم الشريعة الإسلامية تلك الممارسات! الغرب يتصرف بتعميم وفرض ثقافته على الآخرين! وهو ما نبه إليه وزير الخارجية البريطاني الجديد باحترام ثقافة الدولة المضيفة. وطالب الرئيس الفرنسي بعدم تسييس الرياضة. وأكد رئيس فيفا أن استضافة قطر والشرق الأوسط كأس العالم هو حدث استثنائي وقطر ترحب بالجميع. كما يشكل قرار قطر قبل يومين من انطلاق بطولة كأس العالم بمنع بيع البيرة في ملاعب كرة القدم، موقفاً مبدئياً ملفتاً، سيتسبب بمزيد من الانتقادات الغربية لقطر.
وكان نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن ندد بحملة الافتراءات ضد استضافة قطر كأس العالم وأشار أنه برغم أن هؤلاء أقلية، إلا أن هناك من لا يرغب أن تستضيف دولة في الشرق الأوسط كأس العالم، ورغم ذلك بيعت 97 في المئة من تذاكر المباريات.
في المقابل لا أذكر أن المسؤولين والإعلام الغربي اعترضوا واحتجوا على استضافة روسيا التي تغزو وتضم دولا وأقاليم لأراضيها كما فعلت عام 2008 في أبخازيا وأوسيتا وفي جمهورية جورجيا عام 2008 وفي احتلال شبه جزيرة القرم وانتزاعها من أوكرانيا وضمها لروسيا عام 2014 كل ذلك لم يمنع فيفا والغرب من مقاطعة بطولة كأس العالم في روسيا عام 2018!
ولم يقاطعوا ويحتجوا على استضافة الصين التي تقمع شعب هونغ كونغ وترهب تايوان وتقمع أقلية مسلمي الإيغور عن استضافة أولمبياد الألعاب الصيفية في الصين!
وكان ملفتاً غياب حملات التشهير والانتقادات لخرق حقوق الإنسان والقمع والغزو والعنف والاحتلال الذي أودى بحياة عشرات الآلاف؟!
يفضح تعصب وكيل الغرب بمكيالين تجاه العالمين العربي والإسلامي انحيازه في مواقفه. كما أن تحول الغرب بانتخاب اليمين المتطرف يكرس الشعوبية والعداء للمهاجرين وخاصة المسلمين. صُدمنا العام الماضي بالعنصرية بضرب اللاجئين العراقيين والسوريين وغيرهم ومنعهم من الدخول إلى بولندا من روسيا البيضاء. بينما رحبت بولندا نفسها بعد أشهر بملايين اللاجئين الأوكرانيين واستضافتهم على أراضيها وكذلك فعلت ألمانيا ودول أوروبية أخرى. وقبل ذلك ذُهلنا من مجازر الصرب والكروات بحق مسلمي البوسنة والهرسك في الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي!
للأسف هذا السلوك العنصري والتعصب الغربي نشهده تجاه قضايا العالمين العربي والإسلامي، صار نهجاً ينسحب على الكثير من الحالات والمواقف، من الانحياز وعدم التنديد بجرائم العدوان الإسرائيلي المتكرر ضد الشعب الفلسطيني الأعزل الذي أودى بحياة 200 فسلطيني منذ مطلع العام دون مطالبات بمحاسبة إسرائيل على جرائمها، دع عنك فرض عقوبات! وكذلك في انتخاب الصهاينة لأعتى الفاشيين في انتخابات الكنيست الخامسة في أقل من 4 سنوات، وعودة نتنياهو المتحالف مع أقصى اليمين الديني المتطرف الفاشي لتشكيل أكثر حكومة تطرفاً في كيان الاحتلال! ولم نلمس من أوروبا وأمريكا قلقا من تعيين المتطرفين في الحكومة خاصة بن غفير!
كيل الغرب بمكيالين تجاه قضايا ومواقف الدول العربية والمسلمة لم يعد مقبولاً ويجب فضحه ورفضه، واستحضارهم معزوفة حقوق الإنسان والحريات انتقائياً في قضايا وإغفالها في قضايا مماثلة بات ذريعة مفضوحة، خاصة بالنظر لسجل الغرب الاستعماري الكولونيالي ونهب خيرات الدول والشعوب ورفض حتى الاعتذار عن جرائمهم وسرقاتهم! لذلك الدول الغربية ليست في موقع يسمح لها بإلقاء محاضرات ومواعظ علينا وهم الملطخة أيديهم بدماء احتلالهم وماضيهم الاستعماري الدموي!

القدس العربي