كان حائط المبكى جزءًا من الجدار الجنوبي الغربي للحرم الشريف. أطلق عليه اليهود اسم “ها-كوتيل ما-أرافي” (الحائط الغربي)؛ وأطلق عليه المسلمون اسم “حائط البُراق” (من اسم الدابة التي حملت النبي محمد إلى القدس والتي كانت مربوطة هناك)؛ وأسماه المسيحيون الغربيون “حائط المبكى”.
كان امتدادًا قصيرًا من جدار مع رصيف أمامه، وقد اختاره اليهود منذ قرون كمكان للبكاء والرثاء.
كانت فكرة حائط المبكى قديمة، لكنني لم أتمكن أبدًا من معرفة سبب ارتباط الفكرة بهذا الجزء بالذات من الجدار وليس بأي جزء آخر. كانت الفكرة، باختصار، كما يلي: لقد رأى الله من المناسب أن ينفي شعبه من هيكلهم، وحكم عليهم بفترة طويلة من الكارثة، تنتهي عندما يأتي المسيح ويعيدهم إلى مكانهم الصحيح.لذلك يتحسر شعبه ويصلون أمام جدار الهيكل، وخاصة في الأيام المقدسة العالية للدين، “يوم الغفران” و”يوم تدمير الهيكل”.
أصبحت هذه الفكرة عن مكان للرثاء خارج المعبد المدنس أقوى بمرور القرون وتراكُم التقاليد. واعتقد معظم اليهود المتدينين أن الحجارة القديمة للجدار كانت في الواقع حجارة هيكل سليمان.
ولم يكن هذا صحيحًا من الناحية الأثرية؛ كانت أقدم الحجارة في جدار الحرم يونانية-رومانية، من فترة هيرودس؛ لكن الحقائق الأصلية لم تُحدث فرقًا في المعتقد الديني. خلال هذه القرون، كان حائط المبكى يمثل رمزًا أو أثرًا للمعبد نفسه.
وعلى سبيل المثال، كان اليهود في جميع أنحاء العالم الذين لم يتمكنوا من الذهاب إلى هناك في “يوم الغفران” يدفعون ليهودٍ آخرين ليفعلوا ذلك نيابة عنهم.
وعلى مدى مئات السنين كان هناك عدد قليل من اليهود المتدينين الذين يعيشون في القدس على الـ”هالوكا” (الصدقات المقدسة، للصلاة).
قبل القرن التاسع عشر، لم يكن هناك سجل لمتاعب في حائط المبكى. لم يقم المسلمون بأي محاولة لمنع زيارات اليهود إلى هناك، ونشأ حق إلزامي بذلك تم الحفاظ عليه في ظل الحكومات المتغيرة منذ ذلك الحين.
وكانت السجلات الوحيدة لمحاولة تجاوز الأغراض الأصلية للبكاء على الجدار مؤرخة في العامين 1837 و1912. في الوثيقة الأولى، منع حاكم القدس المصري اليهود من تعبيد المنطقة أمام الجدار أو فعل أي شيء آخر سوى “القيام بزياراتهم وفقًا للعرف القديم”.
وفي الوثيقة الثانية، مُنع اليهود من إحضار أيٍّ من “معدات أو أدوات الحيازة” إلى منطقة حائط المبكى، مثل الكراسي والشاشات والتابوت (أي أثاث الكنيس).
ومن الواضح أن رفض المسلمين السماح بهذه الابتكارات كان قائمًا على الخوف من أن اليهود إذا فعلوا ذلك، سيكون لديهم قريبًا كنيس يهودي عند جدار المسجد.
جلب انتصار الصهيونية في نهاية الحرب عنصرًا جديدًا إلى منطقة التساؤل. لم تكن المنظمة الصهيونية نفسها دينية، على الرغم من أنها كانت تضم جناحًا يمينيًا دينيًا (يشكل أقلية ومعارِضًا).
وتكونت عضويتها من مجموعة واسعة من المعتقدات في مثل هذه الأمور، من اللاأدرية إلى الأرثوذكسية، بل وشملت أيضًا بعض اليهود الذين تحولوا إلى المسيحية؛ لكنها اعتُبرت ككل هيئة سياسية حديثة، غربية، وعلمانية.
ومع ذلك، كانت المزايا للصهيونية السياسية، المتمثلة في جعل حائط المبكى حالة اختبار، واضحة؛ إذا تمكن الصهاينة من الحصول على حقوق جديدة في الحائط -أو إذا قلنا ذلك بشكل أفضل، إذا تمكنوا من الحصول على حيازة مطلقة للمنطقة- فإنه يمكنهم الاعتماد على اعتراف والتزام عدد كبير من اليهود المتدينين الذين كانوا دائمًا باردين تجاه الحركة.
تم بذل محاولة في العام 1919 لشراء حائط المبكى مباشرة. وعرض الصهاينة (من خلال السير رونالد ستورز) 80.000 جنيه.(1) ورفض العرب البيع.
ومنذ ذلك الوقت فصاعدًا، وعلى فترات طوال فترة الاحتلال البريطاني وانتداب عصبة الأمم، كانت هناك “حوادث”.
وقد وقعت مثل هذه “الحوادث” منذ وقت وصولي إلى فلسطين وحتى مغادرتي، وأصبحت القضية الفلسطينية برمتها (الوطن القومي لليهود، وحقوق العرب، وموقف البريطانيين) متضمنة فيها بحيث تركَّز النضال الصهيوني على حائط المبكى والمقاومة العربية المتحالفة أمامه.
لم تعد المسألة دينية؛ لقد أصبحت سياسية وقومية أيضًا…
لم يكن هناك أي شك في ذهني بأن الشعور اليهودي تجاه حائط المبكى كان هائلاً ومريرًا. ولم يتمكن حتى اليهود الذين اعترفوا صراحة بأنهم بلا دين من مناقشة الموضوع من دون أن تظهر عليهم علامات الإثارة.
لم يكونوا يعتقدون أنهم يستطيعون وضع التماسات في شقوق الحائط (كما يفعل اليهود الأرثوذكس) ثم يستقبلونها محمّلة بروح الهيكل القدوس؛ لم يكونوا يريدون الحائط لأنفسهم على الإطلاق.
لكنهم شعروا بأن الأمة اليهودية في فلسطين (كما تصوروا أنه وصف مستوطنات الأقلية هذه) يجب أن تمتلك مكانًا مقدسًا واحدًا، هو بقايا الهيكل (الأثر الوحيد، كما كانوا يعتقدون بشكل فضفاض بطريقة ما)، وأن اليهود المتدينين حقًا، ومعظمهم ليسوا صهاينة، يجب أن تكون لديهم الصهيونية ليشكروها على ذلك.
كان العرب، الذين حط الصهاينة من شأنهم كعرق “غير متحضر”، وأشار إليهم بعضهم بـ”الهنود الحمر” والبعض الآخر بـ”الهمجيين”، يمتلكون حيازة مكان يمثل شيئًا كبيرًا حقًا للعالم اليهودي بشكل عام.
وأعتقد أن هذه الحقيقة أضرت بكبرياء جميع اليهود، ولكن الغريب في الأمر هو أن الشباب اللاأدريين وغير المؤمنين هم الذين شعروا بالإهانة الشديدة وعبروا عن أنفسهم بصوت عال.
كان ما ظهر في الحديث اليومي في القدس هو ما لخصته صحيفة “جويش كرونيكل” في لندن بدقة مثيرة للإعجاب: “لقد أصبح الحائط مقياسًا لمكانة اليهودية في فلسطين”.
… في 6 آب (أغسطس)، تمّ فتح الباب الجديد المفضي من الحرم الشريف إلى الرصيف أمام حائط المبكى، واتخذت الصحافة اليهودية والجمهور اليهودي في فلسطين نبرة أكثر سخونة من أي وقت مضى.
تنافس “مكابيو”(2) فلاديمير جابوتنسكي -الشباب الذين اتبعوا الزعيم التحريفي الصهيوني- مع صحيفتهم المفضلة، “دوار هيوم” (الصحيفة العبرية ذات الانتشار الأوسع)، في التعبير عن كراهيتهم الشديدة للسلطات الإسلامية، والحكومة الفلسطينية، وحتى السلطات الأكثر اعتدالاً في المنظمة الصهيونية نفسها.
وكان المسلمون غاضبين جدًا لدرجة أنه لم يمر يوم جمعة من دون وقوع “حادث” بسيط عند حائط المبكى.
وارتفعت حرارة المشاعر خلال الأسبوعين الأولين من شهر آب (أغسطس) -كان يمكنك وضع يدك في الهواء والشعور بالسخونة.
خلاصة
سوف أعرض الآن لحادث غريب. أما كم هو غريب (وفي الواقع، كم هو فظيع) فسيظهر لاحقًا في القصة…
بعد ظهر يوم الأربعاء، 14 آب (أغسطس)، كنت أكتبُ في غرفتي في “التكية النمساوية” عندما اقتحم أحد خدَمنا التيروليين (3) اللاهثين دائمًا ليقول لي إن هناك سيدة في الطابق السفلي جاءت لرؤيتي.
ألقيت عليّ رداء استحمام ضخمًا وهبطت بجلبة الدرج الحجري الكبير المفضي إلى الباب. وهناك رأيتُ، لدهشتي، مواطنةً لي كنت أعرفها قليلاً جدًا، يهودية أميركية كنتُ قد التقيت بها في الأوساط الصهيونية…
وكان ما قالته لي، وما تلاه في ذلك المساء، مترابطين بوضوح شديد في مذكراتي. وسوف أقتبس النص الذي كتبته في اليوم التالي (15 آب/ أغسطس، في الصباح)، وسأسمي السيدة الشابة “الآنسة س”:
“الخميس، 15 آب (أغسطس). بالأمس كانت عشية ’تيشا بآف‘ (التاسع من آلاف)، التي يسميها يهود الشتات “تيشابوف”. واليوم هو يوم الصوم الفعلي: إحياء ذكرى تدمير الهيكل.
ويرتبط اليوم بشكل خاص بحائط المبكى؛ ومع تشكيل الوكالة اليهودية الجديدة للتو، ومع اندفاع كل هذه الدعاية عن حائط المبكى بكامل طاقتها، وحيث العرب في حالة نادرة من القلق، كان الوضع مهيأ لأي شيء.
المتاعب، والمتاعب، والمزيد من المتاعب. وسيكون هناك الكثير منها. لم أكن أعرف شيئًا عن ذلك على الإطلاق -لم أكن أعرف حتى أن ذكرى ’تيشابوف‘ كانت قريبة جدًا- عندما وصلت ’الآنسة س‘ إلى دار المسنين عند الساعة الثالثة بعد الظهر، بعد أن كانت مدونة الأمس في هذا الكتاب قد كُتبت بالفعل.
قالت إنها مضطرة للذهاب إلى حائط المبكى وكتابة برقية حول هذا الموضوع لصحيفة ’التايمز‘… فهل يمكن أن أذهب معها وأساعدها؟ لم أستطع أن أفهم السبب، لكنها قالت إنه سيكون هناك شجار‘.
وقد جاءت من تل أبيب خصيصًا لهذا الغرض… وقالت إن الخبر قد انتشر وإن مئات من الحلوتزيم (1) سوف يأتون خلال فترتي ما بعد الظهر والمساء من المستعمرات وتل أبيب، مستعدين للقتال”.
لم أستطع، ببساطة، أن أصدق كل هذا. قالت إن الحالوتزيم سيكونون مسلحين -“ثلاثة أرباعهم”- وسيكون من الجيد إذا حدث شجار عند الجدار؛ “أن نُظهر لهم أننا هنا”. لم أصدق حتى كلمة لعينة واحدة من هذا: إنه تفكير خيالي وأحمق جدًا؛ لكنني أخبرتها بأنني سأكون مستعدًا للذهاب عند الساعة الخامسة إذا عادت إليّ. قالت إن أيّ متاعب لن تحدث حتى غروب الشمس، وإن الخامسة ستكون مناسبة.
ذهبت معها عندما عادت. كانت متشائمة بشكل لا يمكن تصوره ومتقلبة حول كل شيء.
قالت إن الشجار سيكون شيئًا جيدًا جدًا للقضية الصهيونية؛ سوف يثير يهود العالم ويزيد من المساهمات للوكالة الجديدة.
وقبل أن نصل إلى الجدار كان من الواضح أن الشرطة مستعدة جيدًا. كانت هناك كتل صغيرة من رجال الشرطة، البريطانيين والفلسطينيين، عند كل منعطف في الطريق، وكانت قوة تتكون من حوالي 20 رجلاً منهم في الخدمة عند الجدار نفسه، نصفهم أمام منزل المفتي والنصف الآخر في الطرف الآخر.
لم تكن هناك أي اضطرابات من أي نوع، وكان حوالي نصف دزينة فقط من اليهود المتدينين واليهود (الشرقيين) يصلون ويبكون على الجدار.
ونحو الساعة السادسة، وربما قبل ذلك بقليل، غادرنا الحائط إلى فندق “سانت جون” لشرب كوب من البيرة، وجلسنا هناك قليلاً؛ لم أستطع فهم وجهة نظرها على الإطلاق، وحاولت أن أعرف.
عندما عدنا إلى الحائط، قبل السابعة بقليل، كان كل شيء قد تغير. كان هناك حشد كثيف يتكون أساسًا من الحلوتزيم، في المنطقة الصغيرة أمام الجدار.
كان يهودي يمني يردد الرثاء، من الكتاب، بينما جلس أربعة يمنيين آخرين حوله، يبكون ويؤرجهون أنفسهم إلى الأمام والوراء. وبدا لي أن هؤلاء هم أكثر التجسيدات الدينية صدقًا بين الحاضرين -لم يعيروا أي اهتمام لمحيطهم، وإنما استغرقوا في رثائهم فحسب.
أما بقية هذا الحشد فكان يعبث باحثًا عن شجار؛ أعني الحشد الذي كنت فيه. أما أبعد، عند نهاية الجدار أمام منزل المفتي، فكان يقرأ الخدمة قائد لجوقة مرتلين (من السفارديم،(2) على ما أعتقد)، توقف ونظر حوله بغضب عند أدنى ضوضاء.
وبما أن الضوضاء كانت تصدر باستمرار، فقد كان يتوقف باستمرار، ولكن كان عليه دائما أن يبدأ من جديد، حيث اكتشف أن الأصوات تأتي من شخص من الحالوتزيم متحمس، ولكنه لا يوقر الشعائر الدينية.
ولم يكن عدد اليهود المشاركين في هذه المجموعة السفاردية أكثر من 16. وقد أحصيتهم، قدر الإمكان، من المكان الذي وقفت فيه، وأنا متأكد تمامًا من الرقم.
كان هذا عند منزل المفتي. وكانت المجموعة الأخرى في الطرف الآخر، مقابل الجدار نفسه، جالسة على الدرج الذي ينزل إلى أحد المنازل المغربية.
وبدا أن جميع الأشخاص الذين خنقوا المنطقة كانوا إما أشخاصًا مثلي، جاؤوا بدافع الفضول أو الاهتمام، أو من الحالوتزيم، الذين كانوا -كما قالت الآنس “س” -“’تواقين‘ للبدء…”.
دليل على الاستعداد
لا بد أن العرب والشرطة كانوا قد تلقوا تحذيرًا من هذا الغزو من المستعمرات، لأنه كان هناك دليل على الاستعداد. فعلى سبيل المثال، ظل العرب غير مرئيين.
وتم إغلاق نوافذ دار المفتي وإحكام مغاليقها عند حوالي الساعة 7:30 صباحًا حتى لا يضطر إلى النظر إلى الغوغاء الذين يدورون في الجوار؛ وكانت الشرطة متأهبة ويقظة.
أعتقد أن سلوك هذا الحشد عند جدار المسجد كان مهينًا بطريقة لعينة. لو أنني كنت عربيًا لكنت غاضبًا، غاضبًا جدًا، ولا أعتقد للحظة أن هذا قد انتهى.
كانت “الآنسة س” مدفومعة بالمصلحة الذاتية بشكل لا يصدق. لا أعتقد أنها رأت في أي وقت شخصًا مصابًا، أو شاهدت أبدًا قتال شوارع؛ إنها لا تستطيع أن تفهم فظاعة الأشياء التي قالتها الليلة الماضية.
غادرنا منطقة الحائط عند حوالي الساعة التاسعة… صعدنا إلى حدائق بريستول لتناول العشاء. كانت “الآنسة س” عصية على الوصف -مستمتعة على ما يبدو بانطباع الرعب الذي كانت تصنعه علي.
قالت إنه لا بد أن يحصل شجار، إن لم يكن الليلة، فغدًا؛ “علينا أن نُظهر أننا هنا”؛ و”لن يكون هناك أي ضرر إذا ما أصيب شخص أو شخصان”.
حاولت أن أخبرها، وهي جالسة هناك تحت شجرة ليمون، ما يعنيه هذا النوع من الأشياء، وما الذي يمكن أن يؤدي إليه. يعلم الله أنني رأيت ما يكفي من ذلك في زمني.
لكنها ضحكت فقط. أعتقد أنها فكرت بأنني مجنون لأنني آخذ الأمر بهذه الجديَّة. ووفقًا لها، فإن الاشتباك لا يمكن أن يسبب أي ضرر ولن يجلب سوى الشواقل فقط.
قلت لها إنها قتلت بالتأكيد أي بقايا من التعاطف كانت لديّ مع الحركة الصهيونية…
في وقت لاحق من اليوم نفسه أضفت ملاحظات أخرى إلى دفتر يومياتي:
“… اليهود يستعرضون مرة أخرى اليوم. استفزاز شديد، لكن العرب لا يفعلون شيئًا. مر جيش صغير من الحالوتزيم -من هؤلاء المكابيين (2)- قبل نصف ساعة، في طريقهم إلى الحائط، حاملين علمًا، العلم الوطني الصهيوني، على ما أعتقد، لكنني لم أستطع رؤيته: كان ملفوفًا. كانت الصرخات والهتافات تأتي من هناك. كل شيء يجعلني متوترًا جدًا… يا له من عرض للحماقة التي تلف كل شيء! لولا الشرطة البريطانية لحدثت مذابح فظيعة على ما أعتقد. من المؤكد أن إعجابي بالصهيونية قد هبط إلى نقطة الصفر.
وإذا استمر هذا، فسوف ينخفض قريبًا عن ذلك ويتحول إلى عداء فعليّ”.
كانت هذه المدونة الطويلة (15 آب (أغسطس) 1929) واحدة من أكثر الملاحظات بعثًا على الحيرة في كل مجلد مذكراتي السمين. ما الذي يعنيه ذلك؟ ماذا يمكن أن يعني ذلك؟ لا يمكن لأي إنسان عاقل أن يصدق أن الصهاينة المسؤولين، مثل ساشر أو كيش، يمكن أن يأمروا أتباعهم بالقيام بمثل هذا الاستعراض للقوة عند جدار الحرم الشريف: مثل هذا الشيء سيكون جنونًا.
ومع ذلك، من الذي طلب من الشباب أن يأتوا من جميع أنحاء البلد إلى هنا؟ لقد رأيتهم، وشعرت بحرارتهم، وعرفت أنهم خارجون بحثًا عن المتاعب.
كنت قد رأيت الغوغاء ومعارك الشوارع من شيكاغو إلى هانكوف والعودة مرة أخرى؛ وكنت أعرف الكهرباء التي تخلقها الكراهية في الهواء.
وكنت قد رأيت كل إراقة الدماء التي أردت أن أراها في حياتي -كل ما أردته لعشرات الأعمار، في تجسيدات لا حصر لها. لكن مشهد هؤلاء الشباب الغاضبين بطاقتهم الحالوتزية المرتفعة إلى هذا الحد ملأني بالقلق.
لم أكن أعرف ما يمكنني فعله حيال ذلك، ولكن بدا لي… أننا كنا نتجه إلى نوع من الهول أسوأ بكثير مما يمكن أن يتوقعه الشباب الحمقى.
وإذا كانت “الآنسة س” يمكن أن تكون نموذجًا بأي شكل من الأشكال، فإنه لم يكن لديهم حتى أدنى تصور لفداحة هذه المسائل على المسلمين.
الغد