أنقرة- أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء عن في البلاد بنسبة 45 في المئة، اعتباراً من يوليو المقبل، في خطوة تسبق الانتخابات بأيام قليلة، وتظهر أن الرئيس المنتهية ولايته وجد في زيادة الرواتب آخر الحلول لإنقاذ موقفه الانتخابي في ظل استطلاعات رأي تضعه في مرتبة متأخرة عن مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو، كما تؤشر على أن حزبه مهدد بخسارة كبيرة.
وقال أردوغان الثلاثاء إنه بهذه الزيادة سيرتفع أدنى راتب للموظفين الحكوميين إلى 15 ألف ليرة تركية (حوالي 768 دولارا)، مشيرا كذلك إلى أن حكومته تقوم أيضا بإعداد خطة لزيادة الحد الأدنى للأجور ورواتب المتقاعدين.
وتعهّد بزيادة الرواتب الصافية للمحاربين القدامى والمتضررين من الإرهاب وأقارب الشهداء ممن ينضوون تحت بند الوظيفة الحكومية.
وأكد على أن أولويات حكوماته (حزب العدالة والتنمية) دوما هي حماية الوظيفة الحكومية والمواطنين بشكل عام من آثار التضخم.
◙ المعارضة تستفيد من غضب الفئات الشبابية الواسعة على سياسات أردوغان الاجتماعية، وخاصة نظامه الذي يقوم على التسلط وسن قوانين زجرية تحد من حرية الرأي
ويقول مراقبون أتراك إن أردوغان يهدف من وراء هذه الإجراءات الشعبوية إلى تغيير وجهة تصويت الناخبين في آخر لحظة، في حين تقول استطلاعات الرأي إن الأتراك صاروا يميلون إلى المعارضة ويبحثون عن شخصية جديدة لرئاسة البلاد بعد فشل الرئيس الحالي في تحسين أوضاعهم المعيشية، وذلك بالرغم من أن الإجراءات تتعارض مع الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، ويمكن أن تسهم في احتداد الأزمة.
ويفترض أن تنفذ تركيا حزمة من الإصلاحات تقوم على التقشف للخروج من الأزمة الحادة التي تعيشها، لكن على العكس من ذلك فضّل أردوغان البحث عن مصلحته ومصلحة حزبه من خلال الإعلان عن زيادة كبيرة في الرواتب لفائدة الموظفين وقبلهم المتقاعدون.
وسبق للرئيس التركي أن أعلن في ديسمبر الماضي عن زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة تقارب 55 في المئة، وهي ثالثة الزيادات في العام الماضي، بعد أن سنّت الدولة زيادة بنسبة 50 في المئة خلال بداية عام 2022، ما رفع الحد الأدنى للأجور إلى 4250 ليرة تركية. ثم تقرر بعد ذلك زيادة الحد الأدنى للأجور في البلاد مرة أخرى بنسبة 30 في المئة خلال منتصف العام، في محاولة لحماية الأسر من ارتفاع نسبة التضخم.
وتشير تقارير تركية إلى أنه عقب كل زيادة في الأجور تعلن عنها الحكومة أو الرئيس أردوغان، تتخذ الأسعار منحى تصاعديا، وهو ما تترتب عليه نتائج عكسية تماما مع ارتفاع نسب التضخم.
ونشبت الأزمة الاقتصادية الأخيرة في تركيا عندما قام أردوغان، الذي لطالما كان يعارض أسعار الفائدة المرتفعة، بالضغط على المصرف المركزي بغية خفض الارتفاع الشديد في أسعار الاستهلاك من خلال خفض تكاليف الاقتراض.
وتقوم التوصيات الاقتصادية التقليدية على دفع صناع السياسات إلى لجم التضخّم عبر احتواء الطلب ورفع كلفة الأعمال من خلال زيادة أسعار الفائدة.
واتهم زعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو حكومة أردوغان بالتستر على الحالة الحقيقية للاقتصاد والمالية في البلاد.
ووصف كليجدار أوغلو الإدارة الحالية بعبارات قاسية، مشيرا إلى أن البيانات الاقتصادية الرسمية غير موثوق بها ودعا إلى إجراء تحقيق بشأن البورصة التركية التي قال إنها تحولت إلى “أداة للسرقة”.
وقال في مقابلة مع بلومبرغ إنه في حالة انتخابه ستشكل حكومته فريقا لتقييم الأضرار وفهم ما يحدث بالفعل في الاقتصاد التركي، مشددا على أن “الأرقام في تركيا ليست شفافة، ولا تتسم بالدقة”.
وتعتبر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستُجرى الأحد بمثابة حكم على أردوغان الذي أمضى الفترة الأطول في الحكم، وعلى التحوّل الاجتماعي الذي قاده حزبه ذو الجذور الإسلامية.
وتعدّ هذه الانتخابات الأكثر أهمية في تركيا منذ أجيال، كما أنّها الأصعب في مسيرة الرجل البالغ من العمر 69 عاما.
وتُظهر استطلاعات الرأي أنّ أردوغان يخوض معركة متقاربة مع منافسه العلماني كمال كليجدار أوغلو وتحالفه القوي المعارض المكوّن من ستة أحزاب تعكس الانقسام الثقافي والسياسي في تركيا.
◙ أردوغان يهدف من وراء هذه الإجراءات الشعبوية إلى تغيير وجهة تصويت الناخبين في آخر لحظة
ويعكس الجو المحموم المخاطر بالنسبة إلى جميع الأطراف؛ إذ ترى المعارضة أنّ هذه الانتخابات هي أمر حاسم بالنسبة إلى مستقبل تركيا الديمقراطي.
من جهته ركّز أردوغان السلطة في يديه وأطلق العنان لعمليات تطهير واسعة في العقد الثاني من حكمه. غير أنّ تقرّبه من روسيا وتوغّلاته العسكرية في سوريا أدّيا إلى تدهور علاقاته مع الغرب.
لكنّ الرئيس المنتهية ولايته لا يزال يحظى بدعم بين الناخبين الأكثر فقرا والأكثر تديّنا، والذين لا يزالون يتذكّرون الفساد والضائقة اللذين تميّز بهما نصف قرن من الحكم العلماني.
إلّا أن المعارضة تستفيد من غضب الفئات الشبابية الواسعة على سياسات أردوغان الاجتماعية، وخاصة نظامه الذي يقوم على التسلط وسن قوانين زجرية تحد من حرية الرأي والإعلام وتطارد النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونظّم أردوغان تجمّعا لعرض قوته في إسطنبول الأحد استقطب مئات الآلاف من مناصريه المتحمّسين.
العرب