كثف المغرب من جهوده لمعالجة الاختلالات في سوق العمل من خلال عقد شراكة جديدة تخول له ترجمة خططه لتطوير مجال التوظيف في البلاد وجعلها مواكبة للمتغيرات العالمية والتكنولوجية، بما يساهم في مكافحة البطالة، وفي الوقت ذاته تحفيز النمو الاقتصادي.
الرباط – تستعد الحكومة المغربية لتفعيل مبادرة جديدة ترمي إلى تسريع الوظائف وتطوير سوق العمل بالبلاد، في سياق جهود لمعالجة مشكلة البطالة، بعدما كشفت بيانات لمندوبية التخطيط عن بلوغها معدل 13 في المئة.
وستتم الاستفادة من خدمات مبادرة موروكو جوبز أكسيليرايتور كأول منصة من نوعها في العالم، تعنى بالتشغيل، وتقدم حلولا عملية وتقنية لتطوير فرص العمل، وتحفيز الطلب داخل سوق الشغل، للعديد من الدول، بينها المغرب، خصوصا من قبل القطاع الخاص.
وتركز المنصة على تحديد الرهانات المتعلقة بالتحولات الكبرى لما بعد الوباء وتأثيرها على قابلية التوظيف وسوق العمل بصفة عامة.
كما تهدف إلى الإسهام بشكل فعلي في صياغة واختبار وتوفير حلول مبتكرة في المجالات المحورية من قبيل التكوين المهني وريادة الأعمال وتوفير فرص العمل في القطاعات الواعدة.
ووقّع وزير الإدماج الاقتصادي يونس السكوري الجمعة الماضي اتفاقية مشتركة لتفعيل هذه المبادرة مع كل من المنتدى الاقتصادي العالمي والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وهو تجمع يمثل أرباب العمل، والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات.
وأفاد السكوري أثناء ندوة صحفية عقدت بمناسبة التوقيع على الاتفاقية بأن تفعيل المبادرة سيتيح الاستفادة من “خدمات تعنى بالتشغيل، وتتوجه إلى مجموعة من البلدان، بينها المغرب، بحلول عملية”.
وقال إن “المنصة ستعمل مع شركاء، مثل الاتحاد العام لمقاولات المغرب والجمعية الوطنية للمدبرين والمكونين في مجال الموارد البشرية وجامعات مغربية، في سياق حشد الدعم لفائدة السوق لتعزيز قدرتها على التشغيل، وستجري تعبئة خبرات في هذا السياق”.
وأوضح أنها ستساعد في البحث على مكامن الخلل ببرامج التشغيل، في بعض المجالات الواعدة، مثل التكنولوجيات الحديثة والذكاء الاصطناعي والتحول النظيف.
وأشار السكوري إلى أن الأسابيع القليلة المقبلة ستشهد إطلاق مجموعة من المبادرات في إطار سياسة الحكومة من أجل التشغيل.
وفي تشخيصها لوضعية سوق العمل خلال عام 2023، أفادت مندوبية التخطيط بفقدان الاقتصاد 157 ألف فرصة عمل أغلبها في الأرياف، مقابل توفير 41 ألف فرصة عمل بالمدن.
ووفق الإحصائيات، بلغ العدد الإجمالي للعاطلين بنهاية العام الماضي، نحو 1.58 مليون شخص، أي 10 في المئة من إجمالي القوى العاملة بالبلاد الذي يناهز عدد سكانه 38 مليون نسمة.
ويستمد 75 في المئة من سكان الأرياف، دخلهم من الزراعة، إذ يشغل القطاع 33 في المئة من إجمالي القوى العاملة النشطة بالبلاد، فيما تشكل الصادرات الزراعية 14 في المئة من إجمالي الصادرات السنوية، ويسهم بنحو 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضح شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن القطاع الخاص واع بالتحدي الذي ينتظره على مستوى تطوير سوق العمل.
وأكد أن المغرب بصدد تنظيم حدثين مهمين، هما كأس أمم أفريقيا 2025 ومونديال كرة القدم 2030، وبالتالي فالشركات محتاجة إلى يد عاملة كفؤة وذات مهارات وتكوين خاصين.
وتوفر المنصة بيئة ملائمة لتبادل الخبرات وتطويرها، وكذلك للتعاون أكثر بين الفاعلين المحليين والدوليين، بغية تعزيز قابلية التشغيل عبر معالجة قضايا حاسمة مثل الإدماج الاقتصادي للفئات الهشة والشراكة بين المؤسسات الأكاديمية والدولية للنهوض بسوق العمل وتطوير الكفاءات.
وستشرف وكالة التشغيل والكفاءات على أنشطة المنصة وتتبعها، وتتمحور الأنشطة حول النمو الاقتصادي والتحول والعمل والأجور، والكفاءات والتعلم والتنوع والإنصاف والإدماج، بالإضافة إلى الاقتصادات العادلة.
ويرى المسؤولون عن المنصة أن المغرب سيتموقع بفضل هذه الشراكة رفيعة المستوى مع المنتدى الاقتصادي العالمي، كدولة رائدة في تنزيل منصة “جوبز” تسريع فرص العمل من الجيل الجديد لمعرفة مدى نجاح العديد من المبادرات في مجال تشغيل الشباب.
وتقول سعدية زاهيدي، مديرة المنتدى الاقتصادي العالمي، إن المنصة الجديدة ستوفر مواكبة تقنية خاصة للفاعلين المعنيين بالشغل في المغرب، من خلال تمكينهم من فهم التحولات التي تعيشها السوق، وطبيعة الوظائف و”البروفايلات” المطلوبة.
ودشنت مندوبية التخطيط عملية تحديث البحث عن وظائف محليا، والذي يعد ركيزة أساسية في جمع المعلومات حول العمل، وذلك نظرا للتحولات العميقة التي يشهدها السوق.
وزادت من حدة هذه التحولات الثورة الرقمية وكذلك الديناميكية الاجتماعية والاقتصادية، التي انخرط فيها المغرب، فأصبح من اللازم ملاءمة آليات القياس وتتبع الوضع الاجتماعي والاقتصادي، والذي يعتبر سوق الشغل مكونا رئيسا له.
ويشمل مسلسل التحديث حسب بيان تلقت “العرب” نسخة منه مراجعة الإطار المفاهيمي للبحث ومنهجية المعاينة الخاصة به وتوسيع التغطية الموضوعاتية.
وستمتد عملية التحدي خلال سنتي 2024 و2025، بهدف وضع جهاز جديد لرصد وتتبع وضعية سوق الشغل مع بداية سنة 2026. كما سيتم تصميم هذا النظام واختباره خلال سنة 2024.
ولمواكبة التحولات الجارية في سوق العمل أعلن رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال افتتاح فعاليات الدورة الثانية من جيتكس أفريقيا المغرب بمراكش الأسبوع الماضي، أن إستراتيجية “المغرب الرقمي 2030” ستخرج إلى حيز الوجود في غضون أسابيع.
وقال “تهدف هذه الإستراتيجية، إلى تحسين القيمة المضافة وتوفير فرص العمل”، مؤكدا أن الحكومة تضع التحول الرقمي على رأس أولوياتها.
وأظهر المنتدى الاقتصادي العالمي أن أكثر من ربع الوظائف ستعرف تغييرات خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث سيختفي بعضها وسيعوض البعض الآخر.
وأشار في السياق ذاته إلى أهمية تكييف سوق العمل مع متغيرات التكنولوجيات خلال الفترة المقبلة، خصوصا الذكاء الاصطناعي، الذي لا يعني بالضرورة القضاء على فرص عمل قائمة، حيث يمكن أن يكون محركا للتشغيل في حال استخدامه بشكل مسؤول.
واعتبرت بشرى نحيلي رئيسة الجمعية الوطنية للمسيرين والمكونين في مجال الموارد البشرية، أن منصة موروكو جوبز أكسيليرايتور ستخوّل الفاعلين المعنيين بملف التشغيل تبادل النقاش والأفكار والممارسات الجيدة.
وقالت إن ذلك يصب في مصلحة “الزيادة في مستوى تشغيل الشباب، ومنحهم فرصة الوصول إلى فرص وظيفية تناسب طاقاتهم وكفاءاتهم”.
العرب