
كانت تجربتنا كدول عربية مع تيار المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية في عندما اعترضت أصوات فيها على وقف الحرب ضد العراق في عام ١٩٩١م ، حيث كان يطالب أنصار هذا التيار في احتلال العراق وإلتخلص من حكم صدام حسين .
هذل التيار له جذور تاريخيّة في السياسة الأمريكية المعاصرة وله مفكرين وباحثين سياسيين يدافعون عن توجهاته في المراكز البحثية المنتشرة في الولايات المتحدة الأمريكية .
يرى هذا التيار ان تكون هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية والعسكرية والثقافية والاقتصادية مطلقة على العالم ، ويرى أنصار هذا التيار ان استخدام القوة العسكرية يعد مبدأ أساسي في السياسة الخارجية الأمريكية ولا تتواني عن استخدامها ضد اعدائها .
في كانون الأول / يناير عام ٢٠٠١م، جاءت إدارة جديدة إلى البيض الأبيض وهي إدارة جورج دبليو بوش الإدارة التي مثلت التيار المحافظ في السياسة الأمريكية ، وكان من أعضاء هذه الإدارة رامسفيلد وديك تشيني وريتشارد بيرل، وبول ولفرنيرز وجون بولتون وغيرهم الكثير ، ومع أحداق الحادي عشر من أيلول / سبتمبر من ذات العام ، تعرض مركز التجاري العالمي في نيويورك وقد تبنت القاعدة ذلك العمل. وكان هذا العمل مبرر للتيار المحافظ من الاحتلال افغانستان .
ومع كتابات أنصار هذا التيار من أمثال مارتن إنديك الذي وضع دراسة ناقشت موضوع الاحتواء المزدوج للعراق وايران ، فقد تمكن أنصار هذا التيار في إدارة البيت الأبيض من احتلال العراق في ٩ نيسان / أبريل عام ٢٠٠٣م.
وظن العرب والعالم بأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تنتج أسوأ من تيار المحافظين الجدد ، لكن اتضح هذا الظن ليس في مكانه اطلاقاً مع بروز شخصية مثيرة للجدل على المسرح السياسي الأمريكي وهو دونالد ترامب ، الذي يعد تياره ” التحالف الديني المسيحي والرأسمالية البشعة” أخطر بكثير من تيار المحافطين الجدد.
فالمحافظين جدد كان تركيزهم وخطرهم على منطقة شرق الاوسط ، بينما خطر إدارة ترمب الثانية لم تقتصر على ذلك با شملت الداخل والخارج الامريكي.
فبعد أقل من عام على عودته لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية وبالتعاون من أعضاء ادارته المتعالية والمتغطرسة فقد عاشت تلك الدولة على المستوى الداخلي وتحديدًا اقتصاديًا أطول اغلاق حكومي في تاريخه وهو الاغلاق الذي أثر بشكل سلبي على مفاصل الاقتصاد الأمريكي، أما سياسيًا، ونتيجة لتلك الغطرسة التي استفاد منها حزب الديمقراطي في الانتخابات الأخيرة فقد تمكن الحزب من الفوز بعمدة نيويورك والفوز بانتخابات حكام ولايتي فرجينيا ونيوجيرسي.
أما خارجيًا فمواقفه من دول قارات العالم تتسم بالتناقض وهو ما جعل -وسيجعل- الجماعة الدولية في حالة ارتباك، ففي عهده قد نشهد سباق نووي بين واشنطن من جانب والصين وروسيا من جانب آخر. وفي عهده أيضًا قد نشهد عدوان أمريكي وشيك على فنزويلا بذريعة محاربة تجارة المخدرات ذلك وإن حدث فإن دوافعه الحقيقية فلا تخفى عن أحد.
والسؤال الذي يطرح في هذا السياق ما الذي ينتظر الأمريكيون والعالم من إدراة التحالف المسيحي والرأسمالية التي ليس لها وجه إنساني؟!
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتجية