نجح الأكراد في فرض أنفسهم بقوة على الساحة السورية عبر مجموعة من التحالفات المحلية والدولية. آخر تلك الانتصارات كان في مدينة الشدادي التي تقع جنوب مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا. وقد جسَّدت سيطرة الأكراد على تلك البلدة، نجاح العلاقة بين الولايات المتحدة والقوات المحلية الكردية.
رغم هذا الدعم الهائل الذي أتى بهم إلى المشهد الدولي، إلا أن الطبيعة المعقدة لعلاقات الأكراد الإقليمية لا يتيح لهم فرصة التمتع بالاستقرار الداخلي، بمعزل عن سياسات بعض دول المنطقة تجاه الوضع السوري عامةً والكردي خاصةً.
مقدمة
بات دور المجموعات الكردية في سوريا يتصاعد بشكل كبير، خصوصًا بعد عملية انتزاع مدينة كوباني من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في بداية العام الماضي. حينها قامت طائرات التحالف الدولي بتقديم الدعم الجوي للمقاتلين الأكراد الذين أثبتوا فعاليتهم في معارك عديدة ضد التنظيم المتشدد. بالإضافة إلى الدعم الجوي، عبر ضرب مواقع الدولة الإسلامية، بدأت الولايات المتحدة بتقديم مساعدات عسكرية أخرى للقوات الكردية التي ارتأت واشنطن الاعتماد عليها في حربها المستمرة على ما تسميه الإرهاب في سوريا.
الرهان الأمريكي
حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، أبرز الأحزاب الكردية في سوريا، يشن حملة عسكرية ضد تنظيم الدولة عبر ذراعه العسكرية، وحدات حماية الشعب (YPG)، التي باتت تشكِّل إحدى أبرز القوى العسكرية في الحرب الأهلية السورية. نجح الأكراد في فرض أنفسهم بقوة على الساحة السورية عبر مجموعة من التحالفات المحلية والدولية. آخر تلك الانتصارات كان في مدينة الشدادي التي تقع جنوب مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا. وقد جسَّدت سيطرة الأكراد على تلك البلدة، نجاح العلاقة بين الولايات المتحدة والقوات المحلية الكردية؛ حيث إن الشراكة الموجودة بين الطرفين تقترح خطة واضحة لإخراج تنظيم الدولة الإسلامية من أكبر قدر ممكن من المناطق، في سبيل التفرغ للمعركة الكبرى من أجل السيطرة على الرقة، التي يتخذها التنظيم المتطرف عاصمة له في سوريا (1).
العلاقة المتطورة بين الولايات المتحدة والمجموعات الكردية في سوريا تقلق تركيا بالدرجة الأولى؛ فأنقرة تعتبر الاتحاد الديمقراطي جزءًا من منظومة حزب العمال الكردستادني (PKK) المُدرَج على قائمة الإرهاب الدولية.
تدرك تركيا تمامًا حجم العلاقة العضوية بين الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني؛ فالعديد من كوادر وقيادات الأخير، ذي الأصول السورية والتركية على حدٍّ سواء، قد لجؤوا إلى الأراضي السورية تزامنًا مع اندلاع الثورة السورية وامتدادها إلى المناطق الكردية؛ وبالتالي لا يرى القادة الأتراك فرقًا بين التنظيمين.
أميركا أيضًا على دراية بهذه العلاقة بين الحزبين الكرديين؛ حيث إن القرار السياسي والعسكري تتم صناعته من قِبل قيادات قنديل (المعقل العسكري للعمال الكردستاني) (2) ، لكن واشنطن تُصرُّ على غضِّ النظر عنها -أو عدم الاعتراف بها- لاعتبارات قانونية واستراتيجية. بمجرد الإقرار أن الاتحاد الديمقراطي أو وحداته العسكرية جزء من العمال الكردستادني، فذلك يضعه في قائمة الإرهاب الدولية، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة الأميركية؛ ذلك أن الاستمرار في التعاون مع أكراد سوريا ضد تنظيم الدولة الإسلامية سيكون غير ممكن (3).
في هذا الإطار الحساس، يحاول الاتحاد الديمقراطي جاهدًا إظهار استقلاليته السياسية والعسكرية عن حزب العمال الكردستاني. فلطالما أكَّد قادة الحزب أنهم غير مرتبطين بالحزب الكردي في تركيا لكنهم في الوقت ذاته يدركون تمامًا مدى صعوبة إبعاد أنفسهم عن العمال الكردستاني، سواء أيديولوجيًّا أو عسكريًّا (4)؛ فالمنظومة الشاملة للـ PKK تقدِّم غطاءً سياسيًّا وعسكريًّا للحزب الكردي السوري، بالإضافة إلى دعم مادي وجماهيري؛ ومن ثَمَّ فأي انفصال عن الكردستاني من شأنه إضعاف التعاطف الكردي مع الاتحاد الديمقراطي في الدول المجاورة لسوريا، خصوصًا في تركيا؛ حيث أن أنصار العمال الكردستاني في المنطقة يرون في إنجازات الحزب الكردي السوري، تجسيدًا لأيديولوجية الحزب الأم وقائده السجين عبد الله أوجلان. ولذلك فهم يتعاملون مع الاتحاد الديمقراطي على أنه مجرد جناح للعمال الكردستاني في سوريا. وعليه، فإن أي فكِّ ارتباط بين الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني سيُضعف الأول في المحيط الكردي الإقليمي كقوة قادرة على تمثيل الطموحات القومية في سوريا.
أكراد سوريا، بمن فيهم تلك القوى المناهضة للاتحاد الديمقراطي، يعتبرون الاتحاد الديمقراطي امتدادًا للعمال الكردستاني؛ ذلك الحزب الذي أتى إلى سوريا في نهاية الثمانينات من القرن الماضي ونجح في بناء قاعدة شعبية واسعة بين أكراد سوريا، بدعم مباشر من نظام الأسد الأب. ويعلم الأكراد جيدًا أن أي فصل بين العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي لن يكون سوى انتحار سياسي للأخير في الوسط الكردي خارج حدود سوريا.
في ظل هذه الضبابية حول شكل العلاقة بين واشنطن والاتحاد الديمقراطي وشرعيتها، يسعى هذا الحزب إلى توظيف الدعم الأميركي في سبيل تحقيق انتصارات على الأرض ضد تنظيم الدولة الإسلامية والقوى الأخرى المنافسة؛ فالإدارة الأميركية تبدو غير مهتمة بهذا التطور بقدر ما هي منهمكة بالحرب على تنظيم الدولة الإسلامية.
ويبدو أن تركيا تدرك أن حليفتها أميركا لن تتخلى عن دعمها لأكراد سوريا بمجرد الضعط عليها عبر الغرب وحلفائها في الناتو؛ لذلك لجأت أنقرة إلى التعامل مع الملف الكردي بمفردها، فشرعت المدفعية التركية باستهداف المواقع الكردية في العمق السوري؛ حيث وقع الكثير من الضحايا المدنيين نتيجة ذلك القصف. كما هدَّد القادة الأتراك بالتدخل العسكري في سوريا، في حال تطلَّب الأمر ذلك (5).
تهديد الأتراك بتدخل عسكري مباشر في سوريا ليس سوى تلميح إلى رفض تركيا للتقدم الكردي في بعض مناطق ريف حلب. ورغم أن هذا التهديد يبقى في الإطار النظري، في الوضع الراهن على الأقل، إلا أن أنقرة مصمِّمة على منع الأكراد من الوصول إلى غايتهم الأساسية، وهي ربط منطقة كوباني بعفرين في شمال غربي حلب على الحدود التركية.
الأهم من ذلك كله، هو أن الولايات المتحدة لم تتجه إلى تقديم الدعم للأكراد إلا بعد أن فقدت الأمل في تجهيز قوة سُنِّية تقوم بمحاربة المتطرفين. برنامج وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) الذي تم إعداده في 2013 لتدريب قوى المعارضة السورية لقتال قوات النظام السوري، تحوَّل بعد صعود تنظيم الدولة الإسلامية، إلى برنامج الغاية منه فقط محاربة الأخير. لكن المعارضة السورية اشترطت على واشنطن دعمها لإسقاط الأسد مقابل القبول بمحاربة تنظيم الدولة، وهذا ما دفع واشنطن للإسراع في البحث عن شريك محلي ليس لديه نية سوى قتال الدولة الإسلامية دون شروط مسبقة (6).
ما يبدو غير اعتيادي هو أن واشنطن ترغب في الاعتماد على القوات الكردية من أجل المعركة الكبرى لتحرير الرقة. وما الإعلان عن “قوات سوريا الديمقراطية”، في أكتوبر/تشرين الأول 2015، إلا إشارة واضحة إلى هذه الرغبة. قوات سوريا الديمقراطية تعد خليطًا من فصائل كردية، عربية ومسيحية، بقيادة الوحدات الكردية. الهدف الأساسي من إنشاء هذه القوات المدعومة أميركيًا هو محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (7).
لكن دخول الوحدات الكردية لمناطق ذات غالبية عربية سيكون خطأً استراتيجيًّا من جانب حزب الاتحاد الديمقراطي، فمهما كان الدعم الأميركي كبيرًا إلا أن عدم وجود حاضنة شعبية للمقاتلين الأكراد خارج مناطق سيطرتهم التقليدية قد يؤدِّي إلى تأجيج مشاعر العداء القومي بين الكُرد والعرب. أَضِف إلى ذلك أن الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب تُعتبر حليفة للنظام عند الكثير من السكان العرب في الرقة وغيرها من المناطق. وما إنشاء قوات سوريا الديمقراطية إلا محاولة للتغطية على سمعة الاتحاد الديمقراطي بين الأطراف العربية. وبغضِّ النظر عن قدرات القوات الكردية في التقدم نحو الرقة، سيكون من الصعب على الأكراد إحكام السيطرة على مناطق عربية مثل الرقة حتى ولو كانت هناك فصائل غير كردية مشاركة معها.
المثير في تحركات قوات الاتحاد الديمقراطي هو أنها ابتعدت كثيرًا عن مهمتها الأساسية التي تشكَّلت هذه الوحدات بناءً عليها وهي حماية المناطق الكردية فقط؛ فالسيطرة على مناطق مثل سدِّ تشرين والشدادي قد يكون مهمًّا من الناحية الاستراتيجية، لكنها لن تجني سوى المزيد من التصادم بين العرب والكُرد في المستقبل.
رغم العلاقة التي تبدو متينة بين الاتحاد الديمقراطي والولايات المتحدة، إلا أنها ما زالت في إطار أمني عسكري بحت. ورغم أن الأكراد يسعون إلى الأخذ بهذه العلاقة في اتجاه سياسي، إلا أن واشنطن تُصرُّ على إبقائها في إطار التعاون ضد ما تسميه بالإرهاب، والدليل على ذلك أن الإدارة الأميركية ترفض استقبال زعيم الحزب الكردي، صالح مسلم، الذي حاول أكثر من مرة الحصول على تأشيرة الدخول للأراضي الأميركية (8).
الفرصة الروسية
تحالفات الاتحاد الديمقراطي لا تقتصر على التعاون العسكري مع الولايات المتحدة؛ فالحزب الكردي لجأ أيضًا إلى موسكو، مطالِبًا بالمزيد من الدعم العسكري والسياسي؛ فسارعت الحكومة الروسية إلى تلبية بعض هذه المطالب وكان إحداها افتتاح مكتب تمثيلي للأكراد في موسكو (9). عسكريًّا، تُقدِّم الطائرات الروسية دعمًا كبيرًا للوحدات الكردية، خصوصًا في مناطق ريف حلب الشمالي والشرقي؛ حيث إن القوات الكردية وحلفاءها من قوات سوريا الديمقراطية، بفضل الدعم الجوي الروسي، نجحت في السيطرة على مناطق واسعة في شرقي حلب كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، وكذلك مناطق في الريف الشمالي للمحافظة كانت تحت سيطرة قوات المعارضة السورية (10).
قد يُفسَّر الدعم الروسي للأكراد على أنه تكتيك استراتيجي من جانب الأكراد، إلا أن الواقع يقول: إن الروس هم مَن يرتؤون تقديم دعم كهذا؛ فروسيا تعتبر الوحدات الكردية جزءًا من القوات النظامية السورية؛ لذا فأي تعاون عسكري مع الأكراد -سواء ضد تنظيم الدولة الإسلامية أو فصائل المعارضة- يصبُّ في خانة الدعم التقليدي الذي تقدمه موسكو لحليفها الأسد في دمشق.
لكن للدعم الروسي للأكراد دلالات إقليمية أيضًا؛ فمنذ تأزم العلاقات بين روسيا وتركيا بعد إسقاط تركيا لطائرة حربية روسية على الحدود السورية-التركية في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، أصبح الصراع بين الطرفين أكثر وضوحًا على الأرض السورية. ويبدو أن حزب الاتحاد الديمقراطي وروسيا يستعملان نفس الورقة في وجه تركيا وهي التأكيد على أن حلفاء تركيا من المعارضة السورية قد يخسرون المزيد عسكريًّا إذا استمرت أنقرة في سياستها المعادية للطرفين (11).
ثمة عامل أخر يفرض على الاتحاد الديمقراطي المضي قدمًا بتحالفات كهذه، وهو قيادة العمال الكردستاني التي ترى إيران ومن خلفها روسيا حليفتين أساسيتين في المنطقة. وبالتالي، تقارُب الاتحاد الديمقراطي من موسكو يتعدى الحدود السورية، ليكون جزءًا من الرؤية الأوسع للعمال الكردستاني تجاه التطورات في الشرق الأوسط.
ويبدو أن الولايات المتحدة غير قلقة تجاه هذه الشراكة الروسية-الكردية، لأن واشنطن لا تريد أن تظهر بأنها تحتكر تعاونها مع الأكراد في الحرب على ما تسميه الإرهاب. وقد يكون ذلك إشارة أخرى لحلفاء واشنطن في تركيا، بأن الولايات المتحدة لا ترغب في بناء تحالف استراتيجي طويل الأمد مع أكراد سوريا؛ لذا فهي غير آبهة بتطور علاقات الأكراد مع القوى الدولية الأخرى. ترى واشنطن أن الأولوية الكبرى يجب أن تُعطَى للحرب على ما تسميه: الإرهاب؛ لذا لم تتوانَ الإدارة الأميركية عن مساعدة الأكراد في بناء مطار عسكري قرب القامشلي، كجزء من تعاون الطرفين ضد تنظيم الدولة الإسلامية (12).
يُرجَّح أن النظام السوري ليس بغافل عن هذا التحالف الذي يخدمه إلى حدٍّ بعيد؛ فأي دعم دولي لجهة سورية، لا تعادي النظام بالضرورة، من شأنه المساعدة على تمكين النظام عسكريًّا ودبلوماسيًّا. وما ترحيب النظام بالدعم الروسي للقوات الكردية إلا رغبة من الأسد في التأكيد على أن الأكراد يقفون إلى جانبه في الحرب على الأطراف المناهضة لدمشق. كما أن النظام يجهر عبر الإعلام بأن الأكراد مهما بلغ بهم الأمر في تعزيز استقلالهم عن النظام، سواء بالنسبة لإنشاء علاقات دولية أو تثبيت حكمهم الذاتي، لابد لهم من العودة إلى دمشق والاعتماد عليها في الكثير من الأمور. على سبيل المثال، ما زال التواجد المخابراتي لنظام الأسد مكثفًا في مناطق سيطرة الاتحاد الديمقراطي، كما لا يخفى أن الأسد صرَّح أكثر من مرة بأن نظامه يقدِّم الدعم العسكري والاستخباراتي لحزب الاتحاد الديمقراطي. يقول الكثير من المتابعين المحليين: إن النظام لا يزال يُعتبر الحاكم الفعلي للمناطق الكردية. ذلك بدون شك يعرقل مساعي الحزب الكردي بالمضي قدمًا في تجربة الإدارة الذاتية التي يروِّج لها في المحافل الدولية (13).
التناقضات الكردية
داخليًا، المشهد الكردي في سوريا معقد أكثر مما يبدو عليه. صحيح أن حزب الاتحاد الديمقراطي مسيطر على زمام الوضع الأمني في المناطق الكردية، إلا أنه توجد قواعد شعبية لأحزاب أخرى لها تجربة مريرة مع نظام الأسد. المجلس الوطني الكردي، وهو جسد سياسي يضم عدة أحزاب كردية سورية، بات تلقائيًّا في خانة المعارضة المحلية بالنسبة للاتحاد الديمقراطي؛ ذلك أن المجلس الذي هو عضو في الائتلاف السوري المعارض، لا يعترف بسلطة الاتحاد الديمقراطي ويعتبرها غير شرعية (14).
يعتبر المجلس الكردي حكومة إقليم كردستان العراق، خصوصًا حزب رئيس الإقليم مسعود بارزاني، حليفًا ومموِّلًا أساسيًّا له، وهذا ما يزعج الاتحاد الديمقراطي الذي يرى العلاقة المتينة بين بارزاني والحكومة التركية خطرًا على مشروعه في سوريا.
رغم ضعف المجلس الوطني على عدَّة أصعدة محليًّا، في ظل احتكار الاتحاد الديمقراطي للمشهد السياسي، إلا أنه يمتلك حضورًا إقليميًّا ودوليًّا. فكان متواجدًا في المحادثات الأولية بين المعارضة والنظام في جنيف، بدون دعوة الاتحاد الديمقراطي. وهذا ما عقَّد موقف المجلس على الأرض مع غريمه الاتحاد الديمقراطي الذي اتهم المجلس بالتبعية لجهات سورية وإقليمية معادية للأكراد. الحقيقة أن الاتحاد الديمقراطي لم يكن يرغب في أن ينحصر تمثيل الأكراد بالمجلس الوطني، لا بل لم يكن يعتبر المجلس الوطني ممثلًا للأكراد في جنيف؛ فحاول قادة الحزب إقناع الأطراف الدولية بالمشاركة في المحادثات، لكن محاولاتهم باءت بالفشل بسبب إصرار تركيا وفرنسا على عدم مشاركتهم. حتى في تلك الأثناء، لم تُبدِ واشنطن أية رغبة في العمل على ضَمِّ حليفتها إلى المحادثات، لا بل قامت وزارة الخارجية الأميركية -بمباركة روسية- بالطلب من رئيس الحزب صالح مسلم مغادرة جنيف، إرضاءً لتركيا التي اشترطت خروجه من المدينة مقابل استمرارها في دعم المحادثات (15).
لكن الواقع هو أن الأطراف التي ترفض مشاركة الاتحاد الديمقراطي في مفاوضات جنيف ستُضطر إلى القبول بانضمام هذا الحزب إلى المحادثات في إحدى المراحل، كونه جزءًا أساسيًّا من النزاع الحاصل في سوريا.
مستقبل مرهون
إن وضع الأكراد في سوريا مرهون بثلاث نقاط أساسية: التطورات الإقليمية، والحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، ونتائج محادثات جنيف التي ستحدد مصير البلاد. طالما الحرب على الإرهاب مستمرة، سيبقى أكراد سوريا (حزب الاتحاد الديمقراطي على وجه التحديد) رقمًا صعبًا في المعادلة السورية والإقليمية. وكذلك بالنسبة للدعم الأميركي سيستمر باستمرار الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية. قد تتطور العلاقة بين الاتحاد الديمقراطي والولايات المتحدة في مرحلة ما، لكن يبقى ذلك مرتبطًا -إلى حدٍّ كبير- بموقف أنقرة ودورها في تحديد شكل هذه العلاقة.