كشفت الحكومة التونسية عن معالم استراتيجية تمتد حتى العام 2020 لإنتاج الطاقة البديلة لتلبية احتياجات البلاد المستقبلية من الطاقة في إطار تنويع مصادر الطاقة، بعد توقعات ببدء تراجع إنتاج الغاز بالبلاد والذي يعد المحرك الأساسي لإنتاج الكهرباء.
وأعلنت وزيرة الطاقة والمناجم هالة شيخ روحو أن التحضيرات جارية لإطلاق استثمارات بقيمة ملياري دينار (نحو مليار دولار)، من خلال مشاريع ستعمل على إنتاج ألف ميغاواط من الطاقة البديلة خلال السنوات الأربع المقبلة.
وأكدت الوزيرة أن الحكومة ستطلق العام الجاري مجموعة من المشاريع موجهة بالأساس للقطاع الخاص بهدف إنتاج نحو 600 ميغاواط من الطاقة البديلة باستثمارات تتجاوز 600 مليون دولار.
وقالت أثناء لقاء للغرفة التونسية الفرنسية للصناعة والتجارة بتونس، الخميس، إن “النصوص التطبيقية والأوامر الترتيبية الخاصة بقانون إنتاج الكهرباء بواسطة الطاقات البديلة سيقع نشرها في الأسابيع القادمة بعد أن صادقت عليها لجنة المنافسة بوزارة الصناعة والتجارة”.
وستكون هذه المشاريع مجرد انطلاقة فقط من أجل بلوغ مستوى إنتاج بمقدار ثلث احتياجات البلاد من الكهرباء بواسطة الطاقات المتجددة بحلول العام 2030.
وذكرت شيخ روحو، أن المشاريع التي سيتم إطلاقهاهذا العام تتراوح طاقة إنتاج كل واحد منها بين 10 ميغاواط من الطاقة الشمسية و30 ميغاواط من طاقة الرياح، لكنها لم تكشف بالتحديد عدد تلك المشاريع.
هالة شيخ روحو: المشاريع التي سيتم إطلاقها تتراوح طاقة إنتاج كل منها بين 10 و30 ميغاواط
ووضعت الحكومة في نطاق خطة لتعزيز دور القطاع، “أطلس الرياح” لتحديد أماكن تركيز محطات الرياح في أنحاء البلاد. وقد مكنت هذه العملية من اعتماد قائمة للمشاريع المتوقع إنجازها على مراحل في إطار المخطط الخماسي للدولة الذي ينتهي في 2020.
وفي غضون أسابيع قليلة، سيكون الاستثمار في القطاع مفتوحا أمام المستثمرين سواء في القطاع الخاص أو التابع منه للدولة، حيث يخضع الاستثمار في الطاقات البديلة إلى ترخيص إذا كان حجم الإنتاج محدودا، أما إذا كان حجم الإنتاج ضخما فإنه سيخضع إلى مناقصات.
وفي ما يتعلق بالقطاع العام، قالت الوزيرة إن “الشركة التونسية للكهرباء والغاز والطاقات المتجددة ستعمل في الفترة المقبلة على تركيز مشروعات لإنتاج 380 ميغاواط من الطاقات المتجددة”.
وأشارت إلى أن شركة الكهرباء الحكومية شرعت بالفعل مؤخرا في إنشاء محطة لإنتاج الطاقة في محافظة توزر جنوب البلاد بطاقة إنتاج تقدر بنحو 10 ميغاواط من الطاقة الشمسية.
وتعي الحكومة أهمية قطاع الطاقة البديلة، ليس لتوفير فرص العمل وحفز الاستثمارات الخاصة من خلال ما يتيحه قانون إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة فقط، بل أيضا لمواجهة المصاريف التي تثقل كاهل الدولة.
ويقول خبراء إن توجه تونس نحو الطاقة البديلة يأتي في ظل اتساع العجز عن توفير الطاقة، إذ ارتفعت واردات الطاقة خلال السنوات الست الأخيرة بنحو 45 بالمئة، مع انخفاض في معدل إنتاجها، الذي من المتوقع أن يصل إلى ما دون 15 بالمئة بحلول 2030.
وأكدوا أن الحكومة مجبرة على تحفيز قطاع الطاقة البديلة للضغط على كلفة إنتاج الكهرباء، وذلك انسجاما مع ما جاء في موازنة العام الحالي، وذلك بهدف الحـد من الإخلال الذي يسببه ذلك على التوازنات المالية للبلاد، والتي تشكو عجزا متفاقما منذ سنوات.
نافع البكاري: إيرادات الطاقة في تونس ستقفز من 3 بالمئة إلى 30 بالمئة بحلول 2030
وتستهدف تونس إنتاج قرابة 16 غيغاواط من الطاقة البديلة لمواجهة النقص الحاصل في الطاقة الكهربائية بكلفة استثمار تقدر بنحو سبعة مليارات دولار، مما سيمكن الدولة من توفير قرابة 13 مليار دولار من قيمة الفاتورة الاستهلاكية الإجمالية للبلاد.
وكان البرلمان التونسي قد صادق في يوليو الماضي، على كافة النصوص الترتيبية المتعلقة بضبط شروط وإجراءات إنجاز مشاريع إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة، وهو ما يعني أن المستثمرين سيشرعون في غضون أشهر في تنفيذ مشاريعهم.
لكن هذه المشاريع تصطدم بتعنّت البيروقراطية التي تعطل الاستثمار في هذا المجال. ويقول اقتصاديون إن ضعف الاستثمار في القطاع يرجع بالأساس إلى مشكلات إدارية لأن الجهات الحكومية المتداخلة لم تستوعب إلى حد الآن أهمية هذا القطاع الاستراتيجي.
ويؤكد نافع البكاري، نائب مدير الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة الحكومية، أن تونس تمتلك مخزونا كبيرا من الإمكانيات لاستغلالها في إنتاج الطاقات البديلة، لكن العراقيل لا تزال كبيرة وتتعلق بالجوانب القانونية والاجتماعية والتمويل والتنفيذ.
وقال في تصريحات سابقة إن “اعتماد سياسة استباقية في مجال إنتاج الطاقة سيمكن من الرفع من إيرادات الطاقة البديلة بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي من 3 بالمئة حاليا إلى نحو 30 بالمئة بحلول 2030”.
ووفق البيانات الرسمية، فإن حجم الإنتاج من الطاقة البديلة لا يزيد حاليا عن نحو 4 بالمئة من حاجيات البلاد، أي ما يعادل 148 ميغاواط فقط.
العرب اللندنية