كشفت مصادر مصرية أن زيارة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إلى القاهرة هدفها إضفاء مشروعية سياسية على التفاهمات التي توصّلت إليها قيادات من الحركة مع القيادي الفلسطيني محمد دحلان، وذلك تحسّبا لأيّ مواقف من قيادات مقرّبة من إيران أو قطر يمكن أن تتبرّأ باسم حماس من هذه التفاهمات.
ودأبت قيادات مختلفة من حماس على النّأي بالموقف الرسمي للحركة عن خطوات سبق أن أقدمت عليها، مثل موقفها المناوئ للرئيس السوري بشار الأسد ومغادرة قيادات بارزة لدمشق والاستقرار في الدوحة.
وتحاول حماس مدّ الجسور مع الأسد عبر بناء علاقات جديدة مع حزب الله وإيران، وتتصدر مشهد التطبيع مع المحور الإيراني قيادات في لبنان وعناصر فاعلة في كتائب عزالدين القسام الذراع العسكرية للحركة.
وعلمت “العرب” أن محمد دحلان قائد التيار الإصلاحي في حركة فتح ونائبه سمير مشهراوي وعددا من قادة التيار سيصلون القاهرة اليوم الأحد، وسيتم عقد اجتماع مع وفد حماس بقيادة هنية. وقال مصدر مطلع لـ”العرب” إن مصر ترى أن حماس لم تحرز تقدما أمنيا يرضيها فيما يتعلق بمطالب أمن الحدود.
ووصف المصدر ما تحقق حتى الآن بأنه “ليس على المستوى المطلوب” في الشق الأمني المرتبط بضرورة مكافحة الإرهاب بصورة أكثر جدية، والشق السياسي المرتبط بوحدة الصف الفلسطيني وتأييد فكرة إنهاء المشاكل المثارة مع إسرائيل.
وتعد زيارة هنية للقاهرة الأولى من نوعها بعد انتخابه خلفًا لخالد مشعل، ما يعكس أن الحديث عن دفع التفاهمات التي جرت بين حماس وتيار دحلان مؤخرًا أصبح في حاجة إلى مستوى سياسي بالتوازي مع المستوى الأمني.
حركة حماس لا تمانع أن يكون لتيار دحلان دور قوي في الخارطة الجديدة باعتباره من الشخصيات التي بإمكانها جلب المساعدات الخارجية لإعادة إعمار القطاع بعد خفوت الدعم المالي القطري
وكان يحيى السنوار، القيادي العسكري ورئيس مكتب الحركة في الداخل، زار القاهرة وعقد لقاءات مع ممثلي التيار الإصلاحي الفلسطيني بقيادة دحلان.
وقالت مصادر على صلة باللقاءات الفلسطينية لـ”العرب” إن القاهرة طلبت أن يتم استكمال التفاهمات بين حماس وتيار دحلان بحضور القيادات السياسية الأعلى في الحركة بهدف وضع النقاط على الحروف بشأن تفعيلها على الأرض دون تأخير، ومنعا لأيّ تراجع حمساوي عنها.
وأضافت أنه ستتم مناقشة ترتيب الأوضاع الأمنية مستقبلًا داخل غزة وآلية تأمين معبر رفح الحدودي كي لا يتسبب فتحه بشكل مستمر في أضرار على الأمن القومي المصري، والتطرق إلى ملف تبادل الأسرى مع الجانب الإسرائيلي وهو الملف الذي بدأت مصر التشاور مع حماس بشأنه منذ فترة.
وقال أيمن الرقب، القيادي بالتيار الإصلاحي، إن هذه الخطوة تهدف إلى ترسيخ التفاهمات بين دحلان وحماس بشأن رسم خارطة الوضع الأمني في غزة أملًا في إعادة الحياة للقطاع من جديد.
وأوضح الرقب لـ”العرب” أن القاهرة وحماس وتيار دحلان لديهم قناعة بأن ربط الحالة الإنسانية في غزة بالوضع الأمني هناك يساهم في تخفيف حالة الإحباط لدى الشباب الفلسطيني وما يترتب عنه من تهدئة الوضع الملتهب في سيناء، بحيث يتشارك الجميع في حماية الأمن القومي.
وأشار إلى أن اللقاء مع مسؤولين أمنيين في مصر يتطرق إلى ضرورة تسريع القاهرة إجراءات مدّ المنطقة الحدودية العازلة بأجهزة متطورة تساعد القوى الفلسطينية على مراقبة الحدود بدقة.
وتدرك السلطات المصرية أن تأمين سيناء يبدأ من داخل غزة من خلال تكثيف الإجراءات على الحدود بما يمنع تسلّل الجماعات المتطرفة عبر الأنفاق، ويصبّ تقريب وجهات النظر بين حماس ودحلان في صالح حماية الأمن القومي المصري لأن الجانبين سوف يكونان شريكين في تأمين وضبط الحدود وتطهير غزة من المتطرفين.
ومن بين التفاهمات التي جرت في القاهرة، الترتيب لإنشاء جهاز شرطي مشترك بإمكانيات وكفاءات عالية مهمته تأمين الحدود مع مصر والإشراف على معبر رفح وترتيب الأوضاع داخل غزة وتفعيل لجنة المصالحة المجتمعية لحل مشكلة الدم العالقة بين الجانبين (دحلان وحماس) منذ الانقلاب الذي قادته حماس في غزة عام 2006.
ولا تمانع حركة حماس أن يكون لتيار دحلان دور قوي في الخارطة الجديدة باعتباره من الشخصيات التي بإمكانها جلب المساعدات الخارجية لإعادة إعمار القطاع بعد خفوت الدعم المالي القطري.
ويرى البعض من المراقبين أن محادثات القاهرة بين قادة الصف الأول بحماس وتيار دحلان تمثل رسالة قوية لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس باعتباره أحد أبرز من عارضوا تفاهمات دحلان وحماس، خاصة وأنها تقضي بالدعوة إلى انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
صحيفة العرب اللندنية