يعاني السنة في العراق من موجة جديدة من الاضطهاد على يد الميليشيات الشيعية المتطرفة التي باتت تتمتع بسلطات واسعة بعد المشاركة في استعادة مدن سنية من سيطرة داعش، كان آخرها مدينة تكريت مسقط رأس الرئيس الأسبق صدام حسين.
وخلال العشرة شهور الماضية، اضطرت أعداد كبيرة من العراقيين إلى النزوح مجددا، ووصل تماسك النسيج الاجتماعي العراقي، الذي تأثر كثيرا خلال سنوات الحرب الأهلية، إلى أدنى مستوياته.
وأغلب هؤلاء النازحين، الذين يشكلون ما يقرب من ربع السكان في العراق، كانوا من السنة الذين اضطروا للهروب من ممارسات داعش الوحشية أو الانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات الشيعية وقوات الأمن العراقية تجاههم.
وقال إياد علاوي، نائب الرئيس العراقي، “بات من المرعب أن تكون سنيا في العراق”.
وأضاف في تصريح لصحيفة الغارديان البريطانية “أن تكون سنيا يعني أن تكون غير آمن ومرتبكا طوال الوقت. أنا أشفق عليهم”.
ويخضع السنة الذين يحاولون الوصول إلى منازلهم في مناطق القتال إلى فحص أمني دقيق من قبل رجال تابعين لميليشيات “الحشد الشعبي” وآخرين ينتمون إلى أجهزة الأمن العراقية.
وكان هؤلاء يعاملون السنة بتمييز شديد. ويقول علاوي، الذي كان أول رئيس للحكومة العراقية بعد الغزو الأميركي عام 2003 “شيوخ العشائر الذين يأتون إلى بغداد للقائي يتحدثون تلقائيا عن التحرش بهم على نقاط التفتيش. إنه أمر لا يطاق”.
وحينما يكون على العراقيين السنة مغادرة منازلهم، يلجأ الكثير منهم إلى ترك أسمائهم وراءهم.
وكان عمر مازن، الذي تعرض منزله للحرق وفقد والده، من بين هؤلاء السنة الذين اضطروا إلى تغيير أسمائهم وهربوا من بعقوبة إلى بغداد على بعد 60 ميلا جنوبا.
كانت رحلة عمر محفوفة بالمخاطر. وفي كل نقطة تفتيش كان الجنود وعناصر الميليشيات الشيعية يفحصون هويته بتدقيق مبالغ فيه، وفي كل مرة كانت شكوكهم تحوم من أول وهلة حول اسمه السني المدون في بطاقة هويته.
يقول عمر “لم أرغب في إظهار أوراقي”. ويعود ليؤكد مخاوفه لمراسل صحيفة “الغارديان” البريطانية “في كل مرة كنت أشعر بالخوف الشديد. فالكثير من السنة اختفوا في نقاط التفتيش. كان أبي من بين هؤلاء”.
وبعد اجتياز مناطق القتال خلال رحلته الشاقة، اكتشف عمر أن الإقامة في بغداد، التي ينظر فيها إلى السنة باعتبارهم حاضنة شعبية أو عملاء للجماعات المتطرفة، لن تكون آمنة تماما. وقتها قرر عمر تغيير اسمه.
كان عمار هو الاسم الأقرب إلى اسمه الأصلي، وكذلك الأكثر شيوعا بين السنة والشيعة على حد سواء. وفي فبراير الماضي ذهب عمر إلى دائرة الأحوال المدنية وبدأ إجراءات تحويل اسمه.
واضطر السنة، الذين قرروا العودة إلى مناطقهم بعد أن هدأت حدة الاضطرابات العنيفة بحلول عام 2008، إلى المغادرة مرة أخرى لكن هذه المرة بسبب ممارسات داعش الدموية واستيلاء التنظيم على ممتلكاتهم.
وفي بعقوبة، أجبرت الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران الكثير من السكان السنة على النزوح إلى خارج المدينة. وحدث الشيء نفسه لاحقا في تكريت التي ساهمت الميليشيات والقوات العراقية في استعادتها من سيطرة داعش الأسبوع الماضي وما تبع ذلك من نشر تقارير تناولت أحداث السلب والنهب وتفجير منازل في المدينة التي تسكنها أغلبية سنية.
صحيفة العرب الندنية