بيروت – ظهر بصيص أمل في بيروت باحتمال تشكيل حكومة جديدة برئاسة سعد الحريري وذلك بعد اتصال أجراه الأخير برئيس الجمهورية ميشال عون. وكانت مناسبة الاتصال تهنئة رئيس الوزراء المكلف رئيس الجمهورية بسلامة العودة من يريفان عاصمة أرمينيا، حيث حضر قمّة الفرانكفونية (الدول الناطقة بالفرنسية كلّيا أو جزئيا).
وعزت مصادر سياسية لبنانية السبب الوحيد الذي يمكن أن يدفع إلى المساعدة في تشكيل الحكومة إلى اقتراب موعد الذكرى السنوية الثانية لانتخابه رئيسا للجمهورية في الحادي والثلاثين من أكتوبر الجاري.
وقال مصدر مطلع على طريقة تفكير ميشال عون إنّه متضايق جدا من غياب حكومة لبنانية في هذه الظروف بالذات.
لكن وزيرا في الحكومة اللبنانية، رفض ذكر اسمه، أبلغ “العرب” بأن تشكيل حكومة لبنانية جديدة ما زال يواجه صعوبات كبيرة وذلك في ضوء إصرار رئيس التيار الوطني الحرّ، جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية، على تهميش القوات اللبنانية في هذه الحكومة.
وأوضح “الآن سعد الحريري لا يستطيع قبول ذلك نظرا إلى أن الحليفين الأساسيين اللذين يعتمد عليهما في هذه المرحلة، ولا غنى له عنهما، هما قائد القوات اللبنانية سمير جعجع والزعيم الدرزي وليد جنبلاط”.
واعتبر الوزير اللبناني أن حلّ العقدة المسيحية-المسيحية بين ميشال عون وجبران باسيل من جهة وسمير جعجع من جهة أخرى لا يعني نهاية ظهور للعقبات التي تواجه سعد الحريري.
وأشار في هذا المجال إلى أن حزب الله يتجه إلى إثارة موضوع التمثيل السنّي في الحكومة من منطلق أنه ليس لدى سعد الحريري وكتلته سوى 17 نائبا سنّيا في مجلس النوّاب من أصل 27 وأنه لا بد من إيجاد من يمثل النواب السنّة العشرة الآخرين في الحكومة.
وذكر أن ذلك كفيل وحده بخلق مشكلة كبيرة لسعد الحريري الذي سيجد في طلب حزب الله تعديا شخصيا عليه ومحاولة واضحة لإضعافه وإيجاد شرخ عميق داخل الطائفة السنّية.
ورأت مصادر سياسية لبنانية أن احتمالات تأجيل تشكيل الحكومة لا تزال تتقدّم على احتمالات تحقيق تقدم في هذا المجال، خصوصا في ظل رهان حزب الله على تغيير في المعطيات الإقليمية تصبّ في مصلحته، في سوريا وإيران والعراق تحديدا وفي منطقة الخليج العربي عموما.
ويدعو مراقبون إلى عدم الاستكانة إلى علامات التفاؤل واعتبروا أن تصريحات باسيل، السبت، أوصلت الأمور إلى مرحلة خطيرة في العلاقة مع القوات اللبنانية من خلال اتهامه بالإجرام والعمالة.
وكان باسيل قد اتهم القوات بالفساد مقابل تأكيده على العلاقة المتينة مع حزب الله على نحو يوحي للحريري بأن خيار التخلي عن القوات داخل الحكومة أمر وارد وأن الاستقواء بحزب الله هو أداة ذلك.
ويرى محللون أن تشكيل الحكومة بات قريبا وأن ضغوطا دولية لا سيما بعد اجتماع عون بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أيام في أرمينيا على هامش القمة الفرانكفونية.
ويضيف هؤلاء أن باسيل يدرك ذلك ويسعى لتصليب شروط اللحظات الأخيرة من جهة، ويودّ تثبيت الطلاق النهائي مع القوات اللبنانية وإنهاء مفاعيل “ورقة النوايا” بهدف إخراجه أو التعايش معه في الحكومة المقبلة وفق هذه المسلّمة.
وتعتبر بعض الآراء أن عملية التقارب الجارية بين القوات وتيار المردة بزعامة سليمان فرنجية مؤشر آخر على القطيعة المقبلة بين القوات والتيار الوطني الحرّ.
ويلفت برلمانيون إلى أن اعتبار باسيل أن التفاهم مع الحريري لم يعد كافيا يهدف إلى إرباك أي صفقة حكومية مقبلة والأخذ بالاعتبار القواعد الجديدة التي يريد الثنائي عون-باسيل فرضها على التوليفة الحكومية العتيدة. ولم يستبعد هؤلاء ألا تكون مواقف باسيل إلا ضجيجا لن ينال من أي تفاهمات أصبحت مطلوبة من المجتمع الدولي لإنتاج الحكومة الجديدة.
العرب