تتواصل الاحتجاجات في بغداد ومدن عراقية أخرى منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقد شارك فيها الآلاف للمطالبة بالإصلاحات السياسية.
ولم تغب العشائر العراقية عن ساحات الاحتجاج وخاصة في الأيام الأخيرة عندما تعرض المتظاهرون لعنف مفرط وتحديدا في محافظات الجنوب.
ولم ينحصر تأييد المظاهرات على عشائر الجنوب، بل حظيت بتأييد واسع من قبل أبناء المناطق الشمالية والغربية في البلاد، حيث تضامن شيوخ عشائر محافظة صلاح الدين (شمال بغداد) مع المتظاهرين وساندوا حركة الاحتجاجات في المدن العراقية.
تدخل لصالح المحتجين
ومنذ اندلاع المظاهرات، شهدت محافظة البصرة (جنوبي البلاد) حملة اعتقالات من قبل القوات الأمنية، احتجز على إثرها عشرات المحتجين والناشطين، مما دعا شيوخ عشائر المحافظة للتدخل والضغط على السلطات للإفراج عنهم.
وانتشر مقطع فيديو مصور لعشائر محافظة الناصرية (جنوب) وهي تحمل السلاح، بعد أن تعرض أبناؤها للقمع المفرط من قبل قوات الأمن.
كما رفض شيوخ عشائر محافظة كربلاء (جنوب) الاعتداء والتجاوز على الممتلكات العامة من قبل بعض الخارجين على القانون، فوقفوا في وجوههم وحموا المباني الحكومية والممتلكات العامة.
وفي فيديو أخر يظهر قائد شرطة محافظة ذي قار محمد القريشي أبو الوليد وهو يأمر الأجهزة الأمنية بوقف إطلاق النار على المتظاهرين وسحب القطعات الأمنية من مركز المدينة، بعد أن ضغط شيوخ المحافظة عليه.
وفي العشرين من الشهر الماضي، لجأ رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى شيوخ العشائر العراقية لمحاورتهم بهدف البحث في سبل تهدئة الغضب الشعبي ومناقشة الحلول الناجعة للخروج من الأزمات.
وأدت تلبية دعوة عبد المهدي هذه من قبل بعض شيوخ العشائر إلى ردود أفعال مختلفة في أوساط شعبية وسياسية، ولكنها في الغالب أغضبت المحتجين.
دور بارز
وعن دور العشائر في الاحتجاجات الحالية، بيّن المحلل السياسي غانم العابد أن هذا الدور لم يظهر في البداية، ولكن ما جوبه به المتظاهرون من عنف وقتل أشعر حينها العشائر بأن أبناءها يواجهون مخاطر كبيرة، مما قادهم إلى التدخل للسيطرة على الوضع وحماية أبنائهم من آلة القتل.
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن هناك دورا آخر للعشائر يتمثل في دعم مطالب المتظاهرين وضبط الأمن ومنع الخارجين على القانون من التخريب وإبعاد المندسين أو الجهات التي تسعى لإنهاء المظاهرات، وتابع قائلا إن “دخول العشائر في التظاهرات منح المتظاهرين قوة، كما أنه رسالة إلى الحكومة بأنهم لن يسكتوا عن قتل أبنائهم”.
من جهته قسم مستشار رئيس مجلس النواب لشؤون العشائر الشيخ علي كاظم زعير السعدون، العشائر إزاء الاحتجاجات الحالية إلى ثلاثة أقسام: الأول من هم مع المتظاهرين، والقسم الآخر العشائر التابعة للحكومة، أما النوع الثالث فهي العشائر التي تقف في الحياد ولا تريد المساس بالدولة ولا التعرض للمتظاهرين، مضيفا “نحن كعشائر نريد تحسين الوضع الحالي نحو الأحسن سواء مع الحكومة الحالية أو مع الحكومة القادمة”.
وأضاف “دورنا هو التقليل من نثر الدم، وقد تدخلنا لمنع القوات الأمنية من استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين، حيث تقف العشائر دائما مع المتظاهرين إذا تعرض أبناؤها للقتل، أو عندما تحمل الدولة السلاح ضد الشعب، ولكن في الظروف الحالية، نحن نقف في الحياد، حيث قوات الشرطة والشغب هم جزء من الشعب”.
ومع تصاعد وتيرة الاحتجاجات ورفع سقط مطالب المتظاهرين، يعزز أبناء العشائر حضورهم إلى ساحات الاحتجاج لتحقيق الإصلاح الذي يطالب به العراقيون.
مكانة عراقية
يشار إلى أن المنظومة العشائرية تؤدي دورا مهما على المستوى الاجتماعي والسياسي في العراق، حيث تلجأ الأطراف المتخاصمة إلى العشيرة في حل مشكلاتها، وأحيانا تتدخل في القضايا السياسية لما يتمتع به شيخ العشيرة من مكانة لدى أفراد الشعب والحكومة على حد سواء.
وفي عام 2016، صوّت مجلس النواب العراقي على تشكيل لجنة المصالحة والعشائر والشؤون الدينية ضمن 23 لجنة دائمة، للتمثيل السياسي وتنظيم شؤون العشائر، ويتميز المجتمع العراقي بتعدد مكوناته وقومياته وأديانه، إضافة إلى تنوع عشائره التي ساهمت في نشوء تركيبة سكانية ومكونات بارزة ساهمت في الضبط الاجتماعي.
وقد تجلى حضور العشائر في الوقوف ضد تنظيم الدولة الإسلامية إبان سيطرته على عدة مناطق عراقية في 2014، وأعطت تضحيات كثيرة خلال محاربتها التنظيم حتى طرده من المناطق التي سيطر عليها.
المصدر : الجزيرة