بغداد ـ عاد الزخم بشكل متصاعد إلى احتجاجات ساحتي التحرير والخلاني وجسري الجمهورية والسنك في بغداد، كرد فعل على القمع الذي تعرض له المتظاهرون قرب السنك خلال اليومين الماضيين.
وأصيب عشرات المحتجين العراقيين الاثنين، بحسب مصادر أمنية وطبية، في بغداد ومدن أخرى في اشتباكات مع قوات الأمن التي كانت تحاول فتح الطرق بعد أن تجددت المظاهرات المناوئة للحكومة بالتزامن مع انتهاء هدنة كان حددها المحتجون للاستجابة لمطالبهم وعلى رأسها الإسراع بتشكيل حكومة جديدة.
وقال شهود عيان إن محتجين ألقوا القنابل الحارقة والحجارة على الشرطة التي ردت بقنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت في ساحة الطيران ببغداد أثناء الليل.
وأفادت خلية الإعلام الأمني العراقية بإلقاء القبض على محتجين حاولوا قطع طريق في بغداد الاثنين، وذكرت الخلية، في بيان على حسابها على موقع فيسبوك، أن :”مجموعة خارجة عن القانون حاولت في تمام الساعة الثامنة والنصف صباح اليوم، قطع طريق أسفل جسر 600 على سريع محمد القاسم في منطقة الصليخ (بجانب الرصافة في بغداد)، وقد توجهت القوات الأمنية وأعادت افتتاحه وألقت القبض على هذه المجموعة وأحالت أفرادها للقضاء” .
وتشهد الاثنين شوارع بغداد و9 محافظات جنوبية اضطرابات أمنية وإغلاق الشوارع الرئيسية والجسور وإحراق الإطارات في مسعى من المتظاهرين للضغط على الأحزاب والكتل السياسية للإسراع بتشكيل حكومة جديدة.
وأوضح شهود عيان أنه “منذ ساعات متأخرة من ليلة الأحد وفجر الاثنين انطلقت مجاميع من المتظاهرين بفرض إجراءات مشددة لإغلاق الطرق الخارجية الرابطة بين محافظات بغداد وكربلاء والنجف وبابل والبصرة والناصرية وميسان وواسط والديوانية والمثنى وقطع الجسور والضغط على الدوائر الحكومية بعدم الانتظام بالدوام وإيقاف الدوام في المدارس والجامعات من أجل تلبية مطالب المتظاهرين لتشكيل حكومة جديدة”.
وذكر الشهود أن “الحياة شبه متوقفة وأن سحب كثيفة من الدخان تغطي الشوارع على خلفية إحراق الإطارات فيما رافق هذه الاضطرابات أعمال عنف ومصادمات بين القوات الأمنية والمتظاهرين استخدمت خلالها الغازات المسيلة للدموع وخاصة في بغداد والناصرية”.
وأعلنت محافظات الناصرية والديوانية وبابل الاثنين عطلة رسمية خوفا من اتساع رقعة الاضطرابات رغم الانتشار الكبير للقوات الأمنية في الشوارع وفي محيط البنوك والمصارف والأبنية الحكومية.
ويسعى المحتجون في العراق، وفق مراقبين، إلى إعادة أدوات الضغط على السلطة والأحزاب التي اعتبرت الأحداث الأخيرة بين إيران والولايات المتحدة داخل العراق فرصة لها للتهرّب من التزامات واستحقاقات وإصلاحات ينتظر الشارع أن تُنفَّذ سريعاً.
ويعد إيقاف إنتاج النفط الخام من حقل الأحدب النفطي الذي تديره شركة النفط الوطنية الصينية في محافظة واسط جنوب شرقي بغداد أحد أخطر ما تشهده البلاد من اضطرابات أمنية فيما تشير وتيرة الاضطرابات إلى أن حقولا ومنشآت نفطية مهددة بالتوقف على خلفية قطع المتظاهرين الطرق المؤدية إلى حقول الانتاج الكبرى في محافظات البصرة وميسان والناصرية.
وذكر الشهود أن ساحات التظاهر تكتظ منذ ساعات الصباح بآلاف المتظاهرين وخاصة من طلبة الجامعات والمراحل الدراسية لدعم الضغط على أحزاب السلطة لتشكيل حكومة جديدة تتولى التهيئة لإجراء انتخابات مبكرة في البلاد تعمل على إعادة كتابة الدستور وتحسين الخدمات وحل مشكلة البطالة والفقر.
وعلى الصعيد نفسه أكد عضو تحالف الفتح في البرلمان العراقي النائب حمد الكناني في تصريح لوكالة الأنباء العراقية أن “الكتل السياسية ماضية في اختيار رئيس وزراء مستقل لا تنتمي جذوره لأي كتلة سياسية”.
وأضاف “في حال اختيار رئيس الـوزراء فإن البرلمان سيعقد جلسة حتى لو كان في عطلة تشريعية للتصويت على البرنامج الحكومي والتشكيلة الوزارية الجديدة”.
وفيث سعي منها للتخفيف من حدة التوترات التي تنزلق بالبلاد إلى وضع خطير، حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت على تجديد الجهود من أجل الإصلاح، معربة عن قلقها إزاء استمرار انتهاكات حقوق الإنسان بالعراق.
وأكدت الممثلة الأممية، في بيان تم نشره الاثنين على الصفحة الرسمية لبعثة الأمم المتحدة في العراق على موقع فيسبوك، على أهمية المضي قدما لتلبية احتياجات الشعب العراقي، وذلك في ظل استمرار المظاهرات في أنحاء كثيرة من العراق لشهرها الرابع.
وقالت الممثلة الخاصة: “في الأشهر الأخيرة، خرج مئات الآلاف من العراقيين من جميع مناحي الحياة إلى الشوارع للتعبير عن آمالهم في حياة أفضل، خالية من الفساد والمصالح الحزبية والتدخل الأجنبي”.
وأشارت إلى أنه “بعد شهرين من إعلان رئيس الوزراء استقالته، لا يزال القادة السياسيون غير قادرين على الاتفاق على طريق المُضي قدما”.
وقالت الممثلة الخاصة: “إن أية خطوات اتخذت حتى الآن لمعالجة شواغل الناس ستبقى جوفاء إذا لم يتم إكمالها”.
ولفتت إلى أنه “من الواضح أن التصعيد الأخير في التوترات الإقليمية قد أخذ الكثير من الاهتمام بعيداً عن العمل المحلي العاجل غير المنجز”، وأكدت على ضرورة “ألا تطغى التطورات الجيوسياسية على المطالب المشروعة للشعب العراقي”.
وحثت الممثلة الخاصة السلطات العراقية على بذل قصارى جهدها لحماية المتظاهرين السلميين. وقالت إن “القمع العنيف للمتظاهرين السلميين لا يمكن قبوله ويجب تجنبه بأي ثمن”.
كما دعت “المتظاهرين إلى الالتزام بالسلمية وتجنب العنف الذي يؤدي إلى نتائج عكسية وتدمير للممتلكات”.
يشهد العراق احتجاجات غير مسبوقة منذ مطلع أكتوبر الماضي، تخللتها أعمال عنف خلفت 505 قتلى وأكثر من 17 ألف جريح، معظمهم من المحتجين حسب مصادر حقوقية وطبية وأمنية.
العرب