معسكر نتنياهو يقلب المعادلة في انتخابات الكنيست

معسكر نتنياهو يقلب المعادلة في انتخابات الكنيست

نتائج الانتخابات التشريعية في إسرائيل حملت مفاجآت عدة لعل أهمها نجاح معسكر اليمين بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في حصد 59 مقعدا، الأمر الذي يعزز حظوظه لتشكيل الحكومة المقبلة، حيث أنه سيكون في حاجة فقط لاستمالة عضوين لتحقيق هذا الهدف، وهو أمر وارد جدا في ظل ورود أنباء عن فرص حدوث انشقاقات في الكتل المقابلة.

القدس – كشفت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية الإسرائيلية التي جرت الاثنين، عن فوز حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو بفارق مهم عن خصمه تحالف أزرق أبيض الذي يقوده الجنرال السابق بيني غانتس. وحصد الليكود 36 مقعدا فيما اقتصر “التحالف الوسطي” على 32 مقعدا.

وباحتساب عدد المقاعد الذي تحصل عليها باقي الطيف اليميني فباستطاعة الليكود تشكيل الحكومة المقبلة في حال نجح في استمالة عضوين من باقي الكتل وبالتالي تجنب عقد صفقات مع تحالف “أزرق أبيض” أو الخضوع لمساومات حزب “إسرائيل بيتنا” الذي يتزعمه وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان، والذي يبدو أنه بصدد خسارة لقب “صانع الملوك”.

وجدد ليبرمان في حديث للصحافيين أمام منزله في مستوطنة “نيكوديم” جنوبي الضفة الغربية، رفضه الانضمام إلى حكومة يقودها “الليكود” وتضم أحزابا دينية إسرائيلية. لكنه أضاف “كما وعدنا الناخبين فإننا سنقوم بكل شيء ممكن من أجل تفادي انتخابات رابعة”.

وكان ليبرمان “بيضة القبان” في انتخابات أبريل وسبتمبر، وقد أحبطت شروطه بإقصاء الأحزاب الحريدية جهود نتنياهو في تشكيل حكومة يمينية ما أدخل البلاد في حالة شلل سياسي لأشهر طويلة، ولكن وضع الأخير تغير وأصبحت فرص نجاحه في تأليف الحكومة أكبر.

ويمكن لنتنياهو أن يراهن اليوم على مجموع 59 مقعدا باحتساب عدد مقاعد حلفائه في أقصى اليمين والأحزاب اليهودية الدينية، ما يجعله يحتاج إلى مقعدين فقط للحصول على غالبية برلمانية (61 مقعدا) وتشكيل الحكومة، وقد بدأ بالفعل فتح قنوات تواصل مع بعض الفائزين في الاستحقاق وإغرائهم بامتيازات مقابل انشقاقهم عن كتلهم.

وتداولت تقارير إسرائيلية اسم عضو الكنيست أورلي ليفي أبيكاسيس، من كتلة “العمل – غيشر – ميرتس” التي رغم إعلان عدم نيتها الانشقاق إلا أن الليكود يسعى جاهدا لاستمالتها وإغرائها بمنصب وزاري.

وكان متوقعا فوز الليكود بهذه الانتخابات، خاصة وأن الحزب اليميني القابض على السلطة منذ 11 عاما، أدار حملته الانتخابية بشكل جيد إلى درجة أن الناخبين الإسرائيليين الذين صوتوا له لم يأخذوا بعين الاعتبار التهم التي تلاحق زعيمه نتنياهو والتي سيبدأ القضاء النظر فيها بعد نحو أسبوعين.

وتعتبر هذه النتائج الأفضل التي يحققها الليكود على الإطلاق في عهد نتنياهو الذي شغل منصب رئيس الوزراء أول مرة من العام 1996 حتى 1999 وبدأت ولايته الحالية سنة 2009.

ويقول محللون إن تحركات نتنياهو الخارجية وأيضا الهدية القيمة التي منحها له الرئيس الأميركي دونالد ترامب في يناير الماضي حينما أعلن عن خطته للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، هي من قلبت موازين القوى.

في المقابل فإن تحالف أزرق أبيض الذي كان حقق المفاجأة في الانتخابات السابقة التي جرت في سبتمبر، قد ظهر زعيمه غانتس خلال الحملة الانتخابية الأخيرة في ثوب السياسي المرتبك والمتردد.

وقال نتنياهو الذي لقبته الصحافة الإسرائيلية الثلاثاء بـ”الساحر السياسي” أمام حشد من أنصاره في تل أبيب ليل الاثنين الثلاثاء، “هذا أهم انتصار في حياتي”. وأضاف “أتذكر أن أول انتصار لنا في عام 1996 كان تاريخياً، وهذه المرة هذا النصر أحلى. لأنه نصر على كل الصعاب”.

وأفاد الليكود أن نتنياهو تحدّث إلى جميع قادة الأحزاب اليمينية و”اتفقوا على تشكيل حكومة وطنية قوية لإسرائيل في أقرب وقت ممكن”. ويثير فوز نتنياهو وإمكانية تشكيله حكومة قلق الفلسطينيين، خاصة بعد أن تعهد الأخير قبل يوم من الاستحقاق بضمّ المستوطنات وغور الأردن الذي يشكل ثلث مساحة الضفة الغربية في غضون أسابيع في حال حقق الانتصار.

وأعرب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات الثلاثاء، في لقاء صحافي عقده بمدينة رام الله، عن خشيته من أن تؤدي عملية الضم التي يرى أنها “الخطوة القادمة لنتنياهو” إلى “دفع الجانبين شعبا وحدودا إلى أتون العنف والفوضى والتطرف وإراقة الدماء”.

وقال عريقات “تظهر نتائج الانتخابات أن غالبية المجتمع الإسرائيلي ذهبت في طريق الاستيطان والضم والأبرتايد، لأن الحملة الانتخابية ركزت على الضم”.

من جهته نبه رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في كلمة خلال جلسة حكومته الأسبوعية من أن “هذه النتائج تضعنا أمام مرحلة صعبة وخطيرة من الاستيطان والضم، واستمرار قرصنة أموالنا، وتحويل المدن والقرى إلى معازل”.

وتمنح خطة السلام الأميركية إسرائيل الحق في ضم المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية والقدس، وأيضا غور الأردن، وكان نتنياهو أبدى تحمسا للإقدام على خطوات الضم قبل انطلاق الانتخابات بيد أنه لاقى فيتو أميركيا دعاه إلى التريث إلى حين انتهاء الاستحقاق وأيضا تشكيل لجنة ثنائية لدراسة عمليات الضم.

ويقول محللون إنه في حال شكل نتنياهو الحكومة فإن لا شيء سيوقفه عن خطوات الضم رغم أن ذلك قد يؤدي إلى تفجر الوضع في الداخل الفلسطيني، ويراهن زعيم الليكود هنا على الدعم الأميركي المفتوح.

العرب