كارثة أسعار النفط ناقوس خطر يرعب العراقيين

كارثة أسعار النفط ناقوس خطر يرعب العراقيين

بغداد – علمت “العرب” أن السلطات العراقية تلقت مؤشرات تؤكد أن الإحاطة التي قدمتها ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت بشأن القمع، الذي تعرض له المتظاهرون العراقيون خلال الشهور الخمسة الماضية على أيدي قوات الأمن والميليشيات، قد تقود إلى فرض عقوبات على بعض الشخصيات أو تفتح أمامهم باب الملاحقة القانونية.

وكانت بلاسخارت قالت في إحاطتها الدورية أمام مجلس الأمن في الثالث من الشهر الجاري إن أجهزة الأمن والجماعات المسلحة مارست عنفا مفرطا منذ أكتوبر الماضي ضد المتظاهرين في بغداد والمحافظات فتسببت في قتل الآلاف وجرحهم وتغييبهم.

وأضافت بلاسخارت أن “الجماعات المسلحة، التي تعمل خارج نطاق الدولة، تمنع استمرار الحياة في العراق، وهذا الأمر يجب ألا يخفيه القادة السياسيون”، داعية إلى ضرورة الإسراع بـ”تفكيك هذه الجماعات”.

وأشارت إلى أن “هذه الجماعات المدعومة من الخارج”، في إشارة صريحة إلى إيران، “تعمل على تقويض نظام الدولة”.

واطّلع مراسل “العرب” في بغداد على أجزاء من تقرير “سري ومحدود التداول”، قدمته بلاسخارت إلى مجلس الأمن، بشأن الأحداث التي رافقت التظاهرات في العراق، أكدت فقراته أن أجهزة الأمن و”مجموعات مسلحة مجهولة” تورطت منذ يوم الـ25 من أكتوبر 2019 في أعمال عنف بشعة ضد المتظاهرين العراقيين تضمّنت “القتل والاعتداء بهدف الإعاقة والاعتقال القسري وسوء المعاملة والتعذيب والعقوبة البدنية، والإعدام الفوري، والتهديد بالاغتصاب، والاعتداء المخل بالشرف، والعقوبات الجماعية والفردية والحصار، وفرض دية مالية على أهالي المتظاهرين، والاعتداء على الكرامـة الشخصية”.

وأكد التقرير أن “لجانا دولية” تعمل على تتبع المتورّطين في هذه الأعمال بهدف استصدار عقوبات دولية ضدهم وملاحقتهم قانونيا وتجريمهم.

وتعتقد السلطات العراقية أن العقوبات والملاحقات القانونية الدولية قد تشمل مسؤولين وقادة ميليشيات من الصف الأول.

وتقول مصادر حكومية رفيعة إن بغداد تلقت بالفعل مؤشرات على إجراءات دولية ضد شخصيات تنفيذية وعسكرية وأمنية وميليشياوية بارزة بتهمة التورط في القمع المميت للتظاهرات.

وأقر النائب البارز عن تحالف الفتح المقرب من إيران محمد الدراجي، وهو وزير سابق، بأن إحاطة بلاسخارت حوّلت النظام السياسي العراقي برمته إلى “نظام مارق” أمام المجتمع الدولي، محذرا من تبعات خطرة لهذا التصنيف.

وقال الدراجي إنه قلق من تداعيات هذا الأمر، داعيا السلطات إلى تصحيح الأوضاع مع المجتمع الدولي.

وبالرغم من أن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، أحد أبرز حلفاء إيران في العراق، انتقد “انتقائية” بلاسخارت في إحاطتها أمام مجلس الأمن، إلا أنه أقرّ ضمنا بصحة ما ورد فيها من اتهامات.

وقال الائتلاف إن التقرير “بالرغم من حديثه عن وقائع ومجريات الأحداث التي رافقت حركات الاحتجاج إلا أن السيدة بلاسخارت تناست أن تشير في تقريرها إلى مواقف القوى الوطنية والحكومة التي أدانت كل أشكال العنف المستخدم ضد المتظاهرين وكذلك ضد الأجهزة الأمنية”، معتبرا أن التقرير “كان غير منصف وسقط في الانتقائية لأنه يقدم صورة مشوشة وفيه إساءة للنظام السياسي الديمقراطي في العراق”.

وإذا كان دفاع القوى المقربة من إيران عن النظام السياسي والحكومة مفهوما، بسبب تماهيها التام مع مصلحة طهران، فإن الاندفاع الصدري للرد على بلاسخارت لم يكن مبررا، لأن الكثير من أعمال العنف ضد المتظاهرين وقعت على أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قبل أن ينقلب على الشارع، في شهر يناير الماضي.

وقدم نائب رئيس مجلس النواب حسن الكعبي، وهو أحد المقربين من الصدر، عريضة دفاع طويلة ضد بلاسخارت، مشيرا إلى أن تقريرها اتسم “بعدم الموضوعية في الطرح والقفز على العديد من الحقائق فضلاً عن استخدامه لتعابير واتهامات لا تأتلف مع واجبات بعثة الأمم المتحدة في العراق ولا تتسق مع مقتضيات الاحترام التام لسيادة البلاد وقادتها”.

ويرى الكعبي، أن “تقرير الممثل الخاص (للأمم المتحدة) وبدلا من التركيز على التقدم المحرز صوب الوفاء بجميع المسؤوليات المنوطة بالبعثة من تقديم المشورة والمساعدة إلى حكومة وشعب العراق (…)، جاء بطروحات تتناقض مع ما تضمنته الإحاطة السابقة للممثلة الخاصة المقدمة في اجتماع مجلس الأمن في أغسطس 2019، وتتعارض مع الجهود التي تبذلها الحكومة والبرلمان، في الاستماع إلى طلبات المتظاهرين السلميين والسعي الجاد لتحقيقها”.

وبالنسبة إلى ممثل الصدر في البرلمان فقد قال “جاء تقرير الممثل الخاص بشأن الكيانات المسلحة التي تعمل خارج نطاق سيطرة الدولة مبهما وغير محدد، مما يتسبب في خلط الأوراق والتغافل عما تحقق من إدماج لفصائل الحشد الشعبي ضمن القوات المسلحة تحت سيطرة الدولة والتي تضم العديد من التشكيلات التي تصدت لعدوان عصابات داعش وساهمت مساهمة فاعلة في تحرير المحافظات المحتلة”.

وباستثناء الإشارة إلى أن الحكومة تحقق في أحداث الاعتداء على المتظاهرين، حاول الكعبي في لائحة دفاعه الطويلة لفت الأنظار إلى ما يعتقد أنها إنجازات سياسية وحكومية، مستغربا خلوّ الإحاطة الأممية من أيّ إشارة إلى “المندسّين” و”اعتداءاتهم” على قوات الأمن، دون المرور على أيّ حقائق تتعلق بمقتل قرابة 700 متظاهر وجرح أكثر من 20 ألفا آخرين، أصيب على الأقل أربعة آلاف منهم بعاهات دائمة، فضلا عن اختطاف وتغييب المئات من النشطاء والصحافيين المساندين للاحتجاجات.

العرب