نشر موقع “ذا إنترسيبت” تقريرا من إعداد مرتضى حسين وماثيو كول كشفا فيه عن سجل الحرب السرية بين وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية وجماعة مجاهدي خلق الجماعة العسكرية بآلاف المقاتلين ومجموعة الضغط التي تحاول تحريض الدول الغربية ضد الحكومة الإسلامية في طهران.
ولم يعد للجماعة التي طردت من العراق بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 إلا معسكرات سرية في ألبانيا.
وقال الصحافيان إن الموقع حصل على كنز من الوثائق يكشف عن الحرب السرية كتبها عملاء للوزارة من الميدان في العراق في الفترة ما بين 2013- 2015.
وأشارا إلى مناسبة قام بها سجناء بسجن أمني غربي طهران حيث اجتمع زملاء قائد للحركة اسمه علي ساريم نهاية عام 2014 لإحياء ذكراه بعد أربعة أعوام من إعدامه. وشهدت المناسبة أشعارا وخطابات وكلمات تعدد مناقبه.
وما أغضب السلطات الإيرانية ليس المناسبة في حد ذاتها ولكن لقطات الفيديو التي التقطت من خلال الهواتف النقالة للسجناء والتي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، مما خلق انقلابا دعائيا لحركة صغيرة يظل تأثيرها شبه معدوم داخل إيران.
وتم وصف الاجتماع في وثائق سرية للمخابرات الإيرانية وتقدم صورة على الجهود الإيرانية لمواجهة حركة مجاهدي خلق التي قالت الحكومة الفرنسية عام 2018 إنها أحبطت محاولة رتبتها وزارة الاستخبارات الإيرانية والأمن ضد تجمع للحركة في العاصمة باريس. وتكشف الملفات حقدا على الجماعة للجهود الدعائية للحركة المضادة لإيران وصورة عن نشاطاتها حول العالم.
وترسم الوثائق السرية صورة عن الحركة التي كانت جماعة عسكرية قوية لم تعد إلا حركة دعائية على الإنترنت ضد الملالي في طهران. ومع أن الوثائق لا تقدم تفصيلا دقيقا للحركة ونشاطاتها حول العالم إلا أن التركيز هو على المجموعة التي تعمل في قاعدة بألبانيا.
وكانت حملة الجماعة ضد الحكومة الإيرانية مصدرا لقلق وزارة الاستخبارات، ففي وثيقة وصفت الوزارة أتباع مجاهدي خلق بالمنافقين. ولا يوجد للحركة أي حضور داخل إيران إلا أن الوزارة تعتبرها تهديدا للأمن القومي.
وواصلت الوزارة عمليات الرقابة لمجاهدي خلق وهي تحاول بناء علاقات مع الحكومات الأجنبية وتنظيم عناصرها في الغرب وشن حملات دعائية بل وتجنيد أتباع لها داخل إيران.
وفي برقية سرية زعمت أنها تقدم صورة واضحة عن النشاطات الشريرة للحركة أرسلت عام 2015 جاء أن مجاهدي خلق لديهم سجل “أسود” و”مخجل” بما في ذلك سجل من أعمال الخيانة ضد إيران و”تحاول الحركة ضرب النظام بعدة أساليب ومن هنا وجب متابعة نشاطاتها والأخبار المتعلقة بها”.
وبحسب التقرير فقد تم نشر أشرطة مناسبة ساريم على الإنترنت. وقدم كاتب التقرير ما جرى في حفل التأبين من لحظة صمت ثم قيام المنافقين المدانين بإلقاء خطابات عن ساريم والحديث عن الذكريات المشتركة ثم قراءة الشعر بطريقة جماعية، وفي النهاية أكدوا على مواصلة محاربة الجمهورية الإسلامية ووعدوا بعدم التوقف حتى سقوطها وتفكيكها. وأشارت البرقية إلى أن ما جرى في المناسبة تمت مشاركته على كل منصات التواصل الاجتماعي للحركة الإرهابية.
ودعا كاتب التقرير إلى ضرورة التحرك وجمع كل الهواتف النقالة وتلك المهربة داخل عنابر السجن، حتى يتم منع الدعاية التخريبية المعادية للثورة من داخل سجون البلد.
وتكشف الحملة الدعائية بين الوزارة والحركة عن جهود شخص حددت الوزارة هويته باسم محمدي الذي قام بسلسلة اتصالات بريئة وعشوائية إلى غيلان في شمال- غرب إيران عام 2015. وكان الغرض من المكالمات جمع معلومات عن ارتفاع الأسعار واللحوم والمنتجات في المنطقة. وكانت اتصالاته جزءا من التحقيق في ظروف العمال والمستهلكين العاديين لعرض صورة قاتمة عن الظروف داخل إيران، وكذا رد السكان على كوارث مثل الحريق الذي اندلع في كانون الأول (ديسمبر) 2014. ولم يكن محمدي صحافيا بل متعاطفا مع مجاهدي خلق يعيش خارج إيران يحاول جمع معلومات سرية تقدم صورة مشوهة عنها.
وجاء في تقرير وزارة الاستخبارات والأمن: “في المحادثة الهاتفية، حاول عضو الجماعة السرية بطريقة هادئة ومحترمة الحديث عن زيادة أسعار الخبز وأثره على بقية البضائع”. واعترف الكاتب للتقرير أنه حصل على المعلومات التي كان يريدها، مضيفا أن الذين تلقوا اتصالاته لم يثقوا به بشكل كامل و”من الملاحظ أن عضو الجماعة السرية طلب رقم هاتف وعمل الذين اتصل بهم”.
وبحسب التقارير السرية حاولت جماعة مجاهدي خلق الحصول على دعم عناصر داخل إيران من خلال التواصل معهم مباشرة عبر الإنترنت. وليس من الواضح إن نجحت الحركة في جهودها إلا أن وزارة الاستخبارات والأمن كانت قلقة من نشاطاتها للوصول إلى عناصر داخل البلاد وإجبارهم للتضامن معها. وعادة ما حفلت الحسابات المؤيدة لمجاهدي خلق على منصات التواصل الاجتماعي بصور تظهر انتشار الشعارات الجدرانية المعادية للنظام. ومع أن هناك شكوكا حول هذه الصور إلا أنها استخدمت لقياس مدى الدعم الحزبي للحركة داخل أمريكا. ولكن وزارة الاستخبارات شعرت أنها بحاحة للرد على أشرطة الفيديو التي تصنعها الحركة بنفسها وحذرت في برقية سرية عام 2015 من قيام حركة مجاهدي بخلق إثارة أعمال كتابة جدرانية على جدران طهران وصناعة أشرطة فيديو وبثها على تلفازها المسمى تلفزيون الحرية في إشارة لقناة الحركة “صوت الحرية”.
ولعدة سنوات عقدت الحركة مؤتمرات سنوية حضرها عدد من المسؤولين الأمريكيين البارزين مثل محامي الرئيس دونالد ترامب روديو جولياني ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون. وحصلت الجماعة على دعم مشرعين ديمقراطيين مثل هاورد دين وبراد شيرمان وشبكة من السياسيين المتقاعدين في أوروبا وكندا. وتعاملت وزارة الاستخبارات الإيرانية مع هذه النشاطات كمحاولة لعزل الحكومة الإيرانية على المسرح الدولي. وذكرت تقارير وبانزعاج المؤتمرات التي عقدتها الحركة في ألبانيا وكردستان العراق.
وكانت الحركة تخطط لعقد مؤتمر في ألمانيا حيث اعتقد الوزارة أن مجاهدي خلق تحظى بدعن البرلماني أوتو بيرنهاردت. وحسب برقية سرية تعود إلى 2015 فقد كانت الحركة تخطط لعقد مؤتمر كبير في برلين تناقش فيه حقوق الإنسان في إيران، الهدف منه التشويه وعرض محفزات رحلات جانبية وترفيه للمشاركين فيه.
وجاء في البرقية إن الجماعة المنافقة تحاول بناء علاقات مع النخب والمسؤولين في الدول الأخرى بهدف إرباك علاقات الجمهورية الإسلامية وتمرير سياستهم المنافقة. ولهذا دعت الوزارة القيام بحملة دعائية قوية وتنوير الناس حول الجماعة الإرهابية، خاصة على المستويات البرلمانية والسياسية. إلا أن جهود الحكومة الإيرانية وقف نشاطات ودعاية مجاهدي خلق لم تحقق أغراضها، فلا تزال الجماعة تحظى بدعم البرلمانات حول العالم. ولا تزال عناصر في إدارة ترامب تقدم الدعم لهم.
القدس العربي