دعم حذر من حلفاء إيران لتكليف الكاظمي ومحاصرته بالشروط

دعم حذر من حلفاء إيران لتكليف الكاظمي ومحاصرته بالشروط

بغداد – بدأت الأحزاب النافذة في البرلمان العراقي تضع شروطا معقدة أمام رئيس الوزراء المكلف الجديد مصطفى الكاظمي بينها تكوين حكومة “دون محاصصة” تكون قادرة على مواجهة تحديات اقتصادية وصحية كبيرة للغاية، في وقت حالت فيه هذه الأحزاب من قبل دون نجاح تكليف كلّ من محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي بسبب الشروط التي كانت تضعها للحصول على حقائب مهمة.

وقال حسن فدعم، وهو نائب في البرلمان العراقي عن تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، إن عددا من الكتل الشيعية خوّل الكاظمي باختيار وزرائه على أن يتحمل مسؤولية أدائهم أمام مجلس النواب، مشيرا إلى أن تيار الحكمة من بين الأطراف التي منحت الكاظمي تخويلا تاما شرط خروجه كليا عن نهج المحاصصة في تشكيل الحكومة.

ويتفق النائب غايب العمري عن تحالف سائرون الذي يرعاه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، أكبر كتل البرلمان، مع حسن فدعم في ضرورة حصول المكلّف على فرصة لتشكيل حكومة مستقلة، مؤكدا أن تحالفه لا يفكر في التفاوض من أجل الحصول على أيّ حقيبة وزارية في الحكومة الجديدة.

ويقرّ نواب في البرلمان العراقي بصعوبة التحدّيات التي تنتظر حكومة الكاظمي، وأبرزها جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط والصدمات الوشيكة التي تنتظر اقتصاد البلاد.

ويقول مقرّبون من الكاظمي إن الحكومة الجديدة قد تتشكل من 20 حقيبة وزارية وليس 22 كما هو الحال في حكومة عادل عبدالمهدي.

ولم يتضح بعد أيّ الوزارات التي يشملها التقليص وسط تأكيدات أن الكاظمي يفضل كابينة رشيقة.

وكان المكلف الجديد بتشكيل الحكومة قد قال في كلمة بمناسبة تكليفه إن أولويته ستكون موضوع الأسلحة التي “يجب أن تكون في أيدي الحكومة فحسب”، وإن الأهداف الأساسية لحكومته “تتمثل في محاربة الفساد وإعادة النازحين إلى ديارهم”.

ويبدو أن جبهة تأييد الكاظمي تتسع داخل الأوساط السياسية الشيعية، بالرغم من التحفظات الواضحة التي عبّر عنها زعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي الذي اشتهر بالاتهام الذي وجهه للكاظمي دون تسميته، قبل شهور، عندما قال إنه يتعاون مع الإسرائيليين ويشغّل محطات استخبارية داخل العراق لصالح الموساد.

وعندما قُتل قاسم سليماني وأبومهدي المهندس في غارة أميركية مطلع العام، تبنت وسائل الإعلام التابعة للخزعلي رواية تورط الكاظمي في التخطيط للعملية.

وقال الخزعلي بعد ساعات من تكليف الكاظمي إنه سيراقب أداء الحكومة الجديدة، مشترطا أن تضع إخراج القوات الأميركية من العراق على رأس اهتماماتها.

وعبّر الخزعلي باستعادة المكون الشيعي حقه في تكليف رئيس الوزراء، بعدما كرر اتهامه لرئيس الجمهورية برهم صالح بالتجاوز على حقوق الطائفة العراقية الأكبر في تسمية شاغل المنصب التنفيذي الأول داخل النظام السياسي.

لكن الاعتراض الأوضح والتصعيد الأكبر ضد الكاظمي جاء كما كان متوقعا من الفصيل الشيعي الأشد تطرفا والأكثر التصاقا بالحرس الثوري الإيراني وهو كتائب حزب الله.

وقالت ميليشيا الكتائب إن “الإجماع على ترشيح شخصية مشبوهة (الكاظمي) لا تنطبق عليها المعايير، وبهذا الشكل الاحتفالي، هو تفريط بحقوق الشعب وتضحياته وخيانة لتاريخ العراق”.

وأعلنت أنها لن تكون “جزءا من هذه المؤامرة مهما كانت الجهات الداعمة والأطراف المؤيدة لها”، في إشارة إلى جميع القوى الشيعية المقربة من إيران والتي تتبنى خيار ترشيح الكاظمي.

ويبدو أن مشهد الإجماع الشيعي حول الكاظمي ترك أثرا عميقا على الكتائب التي رأت فيه فرصة ضائعة “للعمل على تكليف شخصية وطنية مخلصة تنطبق عليها المعايير التي تخدم هذا الشعب المظلوم”.

ويقول مراقبون إن حلفاء إيران في العراق توزعوا في ثلاثة مستويات للتعاطي مع ملف تكليف الكاظمي ما يسمح بمناورات في مدى واسع جدا.

ويضم المستوى الأول القوى الشيعية التي تدعم الكاظمي علنا، برغم قربها الشديد من إيران، وهي منظمة بدر بزعامة هادي العامري وحركة عطاء بزعامة فالح الفياض.

وظهر كل من العامري والفياض خلال مراسم تكليف الكاظمي، بالرغم من الخلاف العميق بين الثاني الذي يشغل منصب رئيس هيئة الحشد الشعبي والمكلف الذي يشغل حتى الآن منصب رئيس جهاز المخابرات.

ويضم المستوى الثاني القوى التي يبدو أنها وافقت على مضض مثل ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي وحركة العصائب بزعامة الخزعلي.

وغاب ممثلو المالكي والخزعلي عن حفل التكليف، لكنهما أرسلا تواقيع حية على كتاب ترشيح الكاظمي لمنصب رئيس الوزراء.

أما المستوى الثالث فيضم الميليشيات التي تنظر إلى الكاظمي بصفته عدوّا شخصيا يجسد المشروع الأميركي على أفضل وجه، وفي مقدمتها كتائب حزب الله وحركة النجباء.

وبالرغم من انشغال إيران داخليا في احتواء تداعيات تفشي فايروس كورونا إلا أن مراقبين يعتقدون أنها تراقب الوضع العراقي جيدا، وإن كانت لا تديره بشكل مباشر.

العرب