ما كان مستحيلاً في الماضي، أصبح الآن ممكناً، هذا ما يمكن أن توصف به العلاقة التي كانت بين السلطة الفلسطينية وإيران، على ضوء الخلافات السياسية “العميقة” السابقة بين الجانبين، التي سرعان ما انتهت وذابت بعد إرسال السلطة، وفداً إلى طهران استمرت زيارته ليومين لبحث توطيد العلاقة وإعادة المياه لمجاريها من جديد.
زيارة الوفد برئاسة أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، كانت “مفاجئة” في سرعة اتخاذ السلطة القرار بتحسين علاقتها مع إيران، فيما كانت الأخيرة ضد السلطة في المفاوضات مع إسرائيل.
مراقبون رأوا في خطوة السلطة تجاه إيران، رغبة من الرئيس عباس في استغلال توتر العلاقة بين طهران وحماس بما يصب في مصلحة السلطة اقتصادياً، وأن يتودد لطهران لتحقيق بعض المكاسب التي سيكون لها ثمن كبير، ستقف السلطة عاجزة عن دفعها، في ظل الأزمات التي تعاني منها وارتباطاتها القوية مع إسرائيل.
– خطوة هامة
“الخليج أونلاين” التقى مع مبعوث رئيس السلطة الفلسطينية إلى طهران أحمد مجدلاني، الذي كشف عن أبرز الملفات التي تم مناقشتها مع المسؤولين الإيرانيين، ولقائه بوزير الخارجية محمد جواد ظريف، خلال زيارته الأخيرة لإيران.
وأكد لمراسلنا في غزة، أن زيارته لطهران كانت إيجابية وهامة، وبحثت بشكل أساسي في كيفية توطيد العلاقات الفلسطينية الإيرانية السياسية والاقتصادية من جديد، وإزالة أي توتر قائم بين الجانبين.
وأوضح، أن لقائه بوزير الخارجية الإيراني محمد ظريف كان هاماً وإيجابياً، وبحث عدة ملفات داخلية وخارجية تتعلق بالقضية الفلسطينية، أبرزها دعم الفلسطينيين وتقدم كل سبل الصمود والتحدي لهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ووضع حد لاعتداءاته على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
وذكر مجدلاني، أن اللقاء ناقش توطيد وتثبيت العلاقات السياسية والتجارية مع طهران، وكذلك دعم ملف المصالحة الداخلية المتعثر، وأن تلعب إيران دوراً هاماً في هذا الملف بدعم جميع الأطراف الفلسطينية في إزالة الخلافات الداخلية القائمة.
وبسؤال “الخليج أونلاين” حول موعد زيارة الرئيس عباس لطهران، قال: “هناك ترتيبات خاصة تجري لإتمام هذا الملف، والرئيس عباس سيتوجه إلى طهران خلال الشهرين المقبلين، وستكون زيارة هامة ومفيدة للقضية والمشروع الوطني.
وحول ما إذا كانت تلك الزيارة ستؤثر سلباً على العلاقة بين السعودية والسلطة، نفى مجدلاني ذلك، وأكد أن السلطة لا يمكن لها أن تستغني عن الدور السعودي في المنطقة الداعم الأساسي للقضية والمشروع الوطني.
ويشوب الفتور علاقات السلطة الفلسطينية مع إيران على خلفية دعم الأخيرة لفصائل فلسطينية معارضة إلى جانب معارضة طهران لعملية السلام بين السلطة وإسرائيل، ولم يسبق أن زار أبو مازن إيران منذ انتخابه رئيساً للسلطة الفلسطينية في يناير/ كانون الثاني عام 2005 باستثناء مشاركته في أغسطس/ آب عام 2012 في قمة دول عدم الانحياز التي عقدت في حينه بطهران.
وتأتى زيارة مجدلاني وسط تقارير عن توترات بين إيران وحركة “حماس” وإلغاء زيارة رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل لطهران بسبب زيارة الأخير للسعودية، الأمر الذي نفاه ممثل “حماس” في طهران خالد القدومي ونفى كذلك وجود أي توتر مع طهران.
– تودد فاشل
البروفيسور عبد الستار قاسم، والمحلل السياسي الفلسطيني، أكد أن ما يحاول الرئيس عباس إجراءه مع إيران هو “تودد” لن يحقق منه أي نتائج تذكر لصالح سلطته، المرهونة بالدعم الأمريكي والإسرائيلي.
وأضاف متحدثاً لمراسل “الخليج أونلاين”: “ما خرج به مسؤولو السلطة من تصريحات متفائلة، حول الزيارة الأخيرة لطهران، مجرد حديث إعلامي لا قيمة له على أرض الواقع، لكون إيران تعلم جيداً حقيقة السلطة وتوجهاتها السياسية المخالفة لها.
وذكر أن السلطة الفلسطينية تريد كسب ود إيران خلال الفترة المقبلة، لكونها استطاعت أن تحقق اتفاق دولياً كبيراً مع الدول العظمى، إلا أن تلك المحاولات في النهاية سيكون مصيرها الفشل لكون السلطة مرتبطة بمصالح إسرائيل في المنطقة، التي تعتبر إيران العدو الأول لها.
وأوضح قاسم، أن السلطة الفلسطينية لا يمكن لها أن تعادي السعودية أو تقف بجانب أي دولة ومنهم “إيران” تعتبرها السعودية عدواً لها، وما تسعى له السلطة من خلال إرسال وفد لطهران واللقاءات مع المسؤولين والحديث عن زيارة قريبة للرئيس عباس مجرد “تمنيات” لا أكثر.
واستبعد المحلل السياسي، أن تحقق السلطة أي تقدم في العلاقة السياسية أو الاقتصادية مع إيران، لأن ذلك سيكون له ثمن كبير لن تكون السلطة ولا الرئيس عباس قادران على دفعه في الفترة الراهنة.
نادر الصفدي
خليج أونلاين