أصيب ما لا يقل عن 31 شخصا في اشتباكات بين محتجين وعناصر من الجيش اللبناني، خلال احتجاجات على تردي الأوضاع المعيشية والتراجع غير المسبوق في قيمة العملة الوطنية في بلد يسعى لاحتواء جائحة كوفيد-19.
وبعد هدوء اقتصر على بضع ساعات في طرابلس، عاد المتظاهرون إلى الشارع، وجرت مظاهرات في مناطق عدة من المدينة لا سيما في حي الميناء.
واندلعت مواجهات بين محتجين وعناصر من الجيش أطلقت رصاصا مطاطيا وقنابل غاز مدمع باتجاه المحتجين لتفريقهم، كما طاردت أشخاصا ارتكبوا أعمال شغب وعنف، بينها تحطيم واجهة مصرف.
وتجمع مئات المحتجين، الثلاثاء في ساحة النور بطرابلس، وأضاؤوا شموعا على روح فواز السمان، وهو شاب قُتل خلال مواجهات مع الجيش الاثنين.
كما تجمع عدد من المحتجين أمام منزل رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي. وألقى الجيش قنابل الغاز مدمع من أجل تفريق محتجين رشق بعضهم بالحجارة منزل ميقاتي، في حين نقلت سيارات الإسعاف جرحى نتيجة لتدافع ورشق الحجارة.
وقال الصليب الأحمر اللبناني إنه تم نقل أربعة جرحى إلى مستشفيات، إضافة إلى إسعاف 22 مصابا آخرين.
ويجوب محتجون شوارع طرابلس سيرا على الأقدام وبالدراجات النارية، وهم يرددون شعارات منددة بتردي الأوضاع المالية والاقتصادية، في بلد يعاني أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه.
استهداف المصارف
وفي بيروت، انطلقت مسيرات راجلة لمئات من المحتجين من منطقة كورنيش المزرعة باتجاه منطقة المتحف، بوجود عناصر من قوات الأمن.
ووصل عشرات المحتجين أمام مصرف لبنان المركزي في الحمرا، ورشقوا مبنى المصرف بحجارة، في ظل انتشار لعناصر قوات مكافحة الشغب.
وذكرت وكالة الأناضول أن خمسة جرحى سقطوا في مواجهة بين المحتجين وعناصر من الجيش في منطقة الضبية شرقي بيروت.
وفي صيدا (جنوب)، نفّذ مئات الشباب وقفة احتجاجية أمام فرع مصرف لبنان المركزي بالمدينة، رفضا للغلاء المستشري واحتجاجا على ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية.
وتجاوزت قيمة العملة اللبنانية عتبة أربعة آلاف مقابل الدولار الواحد في السوق غير الرسمية (السوداء)، مقارنة بسعر الصرف الرسمي البالغ نحو 1500 ليرة.
وألقى محتجون مفرقعات نارية باتجاه مبنى المصرف، مما أدى إلى اشتعال النيران في المكان.
ووضعت عناصر من قوات الأمن أسلاكا شائكة بمحيط المصرف، بعد محاولة محتجين تسلّق بوابته. ووقع تدافع بين المحتجين وعناصر من الجيش، مما أسقط جرحى لم يتضح عددهم على الفور.
وأفادت الوكالة الوطنية (رسمية) بإصابة جندي جراء رشقه بالحجارة من محتجين في سوق صيدا التجاري.
وفي البقاع (شرق)، نفّذ محتجون وقفة احتجاجية في ساحة منطقة الهرمل، مطالبين بـ”محاسبة السياسيين والفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة”.
وطالبت مديرية قوى الأمن الداخلي، في وقت سابق، “المتظاهرين بالابتعاد عن أعمال الشغب والتخريب”، مشددة على أنها “مُلزَمة بحماية المتظاهرين السلميين”.
وأقرّ رئيس الوزراء حسّان دياب -خلال جلسة عقدتها الحكومة- بأن “الأزمة المعيشية والاجتماعية تفاقمت بسرعة قياسية”.
وأبدى تفهمه “صرخة الناس”، إلا أنه أكد رفضه تحويل المطالب “إلى حالة شغب”. وحذر من “وجود نية خبيثة خلف الكواليس لهزّ الاستقرار الأمني”، واصفا ذلك بأنه “لعب بالنار”، في وقت تواجه حكومته حملة من القوى السياسية المناوئة لها.
من جهته، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن المنظمة الدولية تدعو المحتجين في لبنان إلى التظاهر سلميا.
وأكد دوجاريك على أن الأمم المتحدة تعمل بشكل وثيق مع لبنان للاستجابة لوباء كورونا، وأنها ملتزمة بمساعدته على معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية المستمرة.
ويشهد لبنان، منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، احتجاجات شعبية ترفع مطالب سياسية واقتصادية، ويغلق مشاركون فيها من آن إلى آخر طرقات رئيسية ومؤسسات حكومية.
وأجبر المحتجون، بعد 12 يوما من الاحتجاجات، حكومة سعد الحريري على الاستقالة، وحلت محلها حكومة حسان دياب في 11 فبراير/شباط الماضي.
المصدر : الجزيرة + وكالات