لماذا هبطت أسهم «حزب الله» في أوروبا؟

لماذا هبطت أسهم «حزب الله» في أوروبا؟

قرّر الاتحاد الأوروبي في عام 2013 وضع الجناح العسكري لـ«حزب الله» على القائمة السوداء للإرهاب وذلك بعد شبهات حول ضلوع الجماعة اللبنانية في هجوم على حافلة في بلغاريا عام 2012، وكذلك لدور الحزب العسكري داخل سوريا دعما للنظام ضد الثورة الشعبية المسلحة التي اندلعت عام 2011، إضافة إلى علاقته مع السلطات الإيرانية، وهو ما يفسّر الموقف الأمريكي المتشدّد، في اعتباره أحد أذرع الجمهورية الإسلامية الضاربة ليس في المنطقة العربية فحسب، بل في العالم أيضا، مما يفسر الضغط الذي مارسته واشنطن على الدول الأوروبية في هذا الخصوص، وهو أمر يلقى مشاركة من إسرائيل، وترحيبا به.
بدأت أسهم «حزب الله» في أوروبا بالهبوط خلال السنوات الأخيرة، وكان من معالم هذا الهبوط إعلان جهاز الأمن والمعلومات التشيكي في تشرين أول/أكتوبر 2018 تعطيل مخدّمات شبكات قرصنة تابعة للحزب في الاتحاد الأوروبي وأوروبا، وقامت السلطات الهولندية في كانون الثاني/يناير 2019 باتهام إيران بتوظيف «عصابات إجرامية» على علاقة بـ»حزب الله»، لقتل معارضين إيرانيين، أطلق عليهما النار بطريقة متشابهة أمام منزليهما، كما اتهمت الحزب بالمساهمة في تجارة المخدرات العالمية، ثم أعلنت بريطانيا في شباط/فبراير العام الماضي حظرا على كل فروع وأجنحة الحزب مبررة ذلك بدوره في «زعزعة استقرار الشرق الأوسط»، فيما أعلنت ألمانيا أمس حظر جميع أنشطة الحزب وتصنيفه «منظمة إرهابية»، كما شنت مداهمات على جمعيات دينية ومساجد في مدن ألمانية لاعتقال من يشتبه بعضويتهم في الجماعة، حيث تقدر وكالات استخبارات وجود أكثر من ألف شخص مرتبطين بما تسميه «الجناح المتطرف» فيه.
يعكس التصعيد ضد «حزب الله» في أكثر من دولة أوروبية بعضاً من تفاصيل التوتّر بين إيران والغرب، وعلى رغم موقف الاتحاد الأوروبي المتميز عن الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الملف، ورفضه لإلغاء واشنطن للاتفاق النووي مع طهران، فإن إعلان الجماعة اللبنانية «كيانا إرهابيا» في ألمانيا بعد بريطانيا، وهما من أكبر الدول الأوروبية، يمثّل ضربة سياسية لإيران، وحدّا من إمكانياتها للتصرّف تحت واجهة «الحزب» في أوروبا.
العامل الإيراني لا يعني طبعا أن ليس لدى الدول الأوروبية (سواء منها التي شملت الفرع السياسي للحزب بتهمة الإرهاب أم التي اقتصرت على حظر الجناح العسكري فحسب) مواقف سلبية تجاه الحزب تتعلق أساساً بمخاوفها من نشاطاته على أراضيها، وكذلك دوره في لبنان وسوريا واليمن والعراق، من دون أن ننسى طبعا التأثير الإسرائيلي المعادي للحزب وإيران.
زيادة عدد الدول التي تحظر كل أنشطة الحزب، وتصنّف فروعه كلها إرهابية، ستكون إعلانا لانضمام أوروبا إلى حلقة المواجهة مع الحزب، وستكون لهذا الأمر تداعيات ثقيلة على الوضع اللبناني، فالحزب يمتلك قوات وترسانة عسكرية قد تكون أكبر وأكثر تأثيرا من قوات وترسانة الجيش اللبناني نفسه، وإذا أضفنا المؤسسات الأخرى التابعة له، من المالية إلى الخدميّة والطبية، والأهم من ذلك أنه يمتلك حاضنة شعبيّة كبيرة، مما يجعل النظام اللبناني، الذي أنهكه عبء الدين العام، وسنوات الفساد، وتداعيات كورونا، تحت وطأة معركة كبرى، لن تؤثر على الحزب وحده بل على مجمل البلاد.

القدس العربي