الكاظمي ينتزع الفوز من حلفاء إيران في جولته الأولى

الكاظمي ينتزع الفوز من حلفاء إيران في جولته الأولى

بغداد – لم تتمكن الكتلة النيابية الموالية لإيران في البرلمان العراقي من عرقلة تمرير الحكومة الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، لكنها تسببت في إبعاد بعض مرشحيه المفضلين عن عدد من الحقائب.

واعتبرت مصادر سياسية عراقية أن الكاظمي انتزع نقطة الفوز من إيران في جولته الأولى عندما حافظ على استقلالية وزارة الداخلية، ومنع جهاز المخابرات من التحول إلى مادة في صفقة سياسية.

وهددت كتلة الفتح برئاسة هادي العامري، التي تضم ممثلين عن أبرز الميليشيات العراقية الموالية لإيران، بالوقوف ضد الكاظمي خلال جلسة منح الثقة، التي انتهت فجر الخميس، لكنها لم تتمكن من مواجهة المد المؤيد لرئيس الحكومة الجديدة.

وناورت جميع القوى المنضوية ضمن الفتح، بمؤازرة ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، الذي قاطع جلسة التصويت، بعدما رفض الكاظمي منح حقيبة وزارية لمرشحه ياسر صخيل.

وصخيل هو صهر المالكي، وقد رشحه لحقيبة الداخلية بالرغم مِن عدم امتلاكه أي تجربة في مجال الأمن أو إدارته.

ويقول مراقبون إن جلسة منح الثقة لحكومة الكاظمي كشفت الوزن الحقيقي للنفوذ السياسي في العراق.

ومن بين 329 نائبا، هم عدد أعضاء البرلمان، شارك قرابة 270 نائبا في جلسة منح الثقة، ما يعني أن إيران لم تعد تتحكم إلا في قرابة 60 نائبا عراقيا.

واعتبر مراقبون أن منح الثقة لحكومة الكاظمي يترجم تراجع الزخم الإيراني في العراق، على خلفية حركة الاحتجاج الشعبية الواسعة التي انطلقت مطلع أكتوبر من العام الماضي، واستمرت شهورا.

وتورط حلفاء إيران، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي، في عمليات قمع دموية ضد المتظاهرين تسببت في مقتل وجرح وتغييب الآلاف من الشبان المتظاهرين، الذين يطالبون باستعادة قرار الدولة المختطف من قبل الميليشيات.

ولا يختلف اثنان في أن التحديات التي سيواجهها الكاظمي كبيرة، لاسيما على مستوى الاقتصاد وأعباء مواجهة فايروس كورونا، لكن الملف الأمني ستكون له الأولوية.

ويريد المتظاهرون من الكاظمي أن يقدم قتلة زملائهم إلى العدالة، فيما يطالب الشارع بمحاسبة الفاسدين.

ويتهم عراقيون الميليشيات التي تحمي الفاسدين بالتورط في قتل المتظاهرين، بعدما هددوا بإسقاط النظام السياسي الذي تعتاش عليه، لذلك فإن العدو واحد في الحالتين.

لكن الكاظمي قد لا يجنح إلى مواجهة الميليشيات ما لم يتمكن من الدولة، ويحكم قبضته على صلاحيات منصبه، وهو ما سيحد من فرص وقوع صدام قريب.

وعملت كتلة الفتح، التي تضم ممثلين عن أبرز الميليشيات العراقية الموالية لإيران، بجهد كبير خلال اليومين الماضيين لإعاقة كابينة الكاظمي، عندما وجدت أنها تحظى بدعم داخلي وخارجي واسع.

وعندما توجه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي نحو عقد جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة مساء الثلاثاء تدخل زعيم تحالف الفتح هادي العامري، مطالبا بتأجيل الجلسة يوما واحدا. وحتى عندما انعقدت الجلسة يوم الأربعاء، تدخل العامري مجددا وطالب بتأجيلها ساعة واحدة، وهو ما حدث فعلا.

وقال أعضاء في مجلس النواب العراقي إن العامري سمح لممثلي منظمة بدر، إحدى الميليشيات المنضوية في تحالف الفتح، بالمشاركة في التصويت خلال جلسة منح الثقة، بعدما لمس لديهم رغبة في ذلك.

واستماتت كتلة الفتح قبيل تمرير حكومة الكاظمي لتحقيق هدفين، الأول تنصيب وزير داخلية من طرفها والثاني إلزام رئيس الوزراء الجديد، وفق تعهد، بإخراج القوات الأميركية من العراق في غضون عامين.

لكن الكتلة المقربة من إيران فشلت في كلا الأمرين، إذ جاء الكاظمي برئيس أركان الجيش عثمان الغانمي، المعروف بعلاقاته الرسمية الوثيقة بجيش الولايات المتحدة، وزيرا للداخلية، ورفض توقيع أي تعهد بشأن مستقبل القوات الأميركية في بلاده.

ولم تتأخر الولايات المتحدة في التعبير عن دعمها الاستثنائي لحكومة الكاظمي، إذ هاتفه وزير الخارجية مايك بومبيو، قبل أن يكتب عبر تويتر قائلا إن “من الرائع التحدث اليوم مع رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي”.

وأضاف بومبيو “الآن يأتي العمل العاجل والشاق لتنفيذ الإصلاحات التي طالب بها الشعب العراقي”. وتابع “لقد تعهدت بمساعدته على تنفيذ أجندته الجريئة من أجل الشعب العراقي”.

من جهتها، قالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية مورجان أورتاجوس، “دعما للحكومة الجديدة ستمضي الولايات المتحدة في تمديد الإعفاء من العقوبات لاستيراد الكهرباء من إيران لمدة 120 يوما، رغبةً مِنّا في المساعدة على توفير الظروف المناسبة للنجاح”.

وقبل نحو خمسة شهور، لم يكن بمقدور أحد أن يتوقع إمكانية وصول الكاظمي إلى منصب رئيس الوزراء، لاسيما عندما اتهمه زعماء الميليشيات الموالية لإيران بالمشاركة في التخطيط للعملية الأميركية التي أودت بحياة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني والقائد الميداني لقوات الحشد الشعبي أبومهدي المهندس، في هجوم صاروخي قرب مطار بغداد مطلع العام الجاري.

العرب