تشهد كواليس السياسة العراقية، حالياً، حراكاً واسعاً لتشكيل تحالف برلماني جديد يضم نواباً من قوى وكتل سياسية عدّة في البرلمان، لدعم رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي.
وبحسب مصادر عراقية مطلعة، تحدثت لـ”العربي الجديد”، شريطة عدم ذكر هويتها، فقد حقق الحراك تقدماً، وقد ينتج عنه إعلان رسمي لهذا التحالف الذي من المرجح أن يتخطى حاجز الخمسين نائباً، وسيكون هدفه دعم أي خطوات إصلاحية أو تنفيذ مطالب المتظاهرين من قبل رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي، وذلك في خطوة تهيئ لمزيد من التشظي داخل كتل البرلمان الواحدة.
الحراك يأتي في وقت تحدّث فيه الكاظمي عن صعوبة المرحلة التي تمر بها البلاد، وحجم التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة، (اقتصادية وسياسية وأمنية)، وصعوبة تصحيح المسار في ظل عدم وجود أي حزب أو كتلة سياسية تدعم قرارات الحكومة وتوجهاتها، محذراً من الانحدار إلى ما وصفه بـ”الفوضى”.
ووفقاً لعضو في البرلمان، تحدث بدوره لـ”العربي الجديد”، شرط عدم ذكر اسمه، فإن “عدداً من النواب الداعمين للكاظمي، خاضوا خلال الأيام الأخيرة حراكاً مهماً لتشكيل تحالف برلماني واسع يدعم حكومة الكاظمي وخطواتها نحو الإصلاح”، مبيناً أن “الحراك تمخض عنه حتى الآن تشكيل تحالف من كتل الحكمة، وإرادة، الكفاءات، وجزء من النصر، ووطن، ونواب مستقلين من عدد من الكتل الأخرى”.
وكشف أن “عدد النواب ضمن التحالف بلغ حتى الآن 50 نائباً، وأن التحالف سيعلن عنه مع بداية جلسات البرلمان، وسيتبنى مطالب وطنية حقيقية وليس شعارات، لمعالجة أزمات وخطوات الإصلاح”، مؤكداً أن “الحراك مستمر باتجاه جميع النواب من دون استثناء، وأن هناك توقعات باتساع التحالف خلال الأيام المقبلة”.
النائب عن كتلة “إرادة” حسين عرب، أكد وجود الحراك، مبيناً لـ”العربي الجديد، أن “الحراك يهدف لتشكيل تحالف برلماني يدعم الدولة والحكومة، ويقوّم عمل البرلمان والحكومة، وأن يكون الدعم بالاتجاه الصحيح، ورفد البرلمان بالخطط والأمور الاستراتيجية، لتقوية الدولة العراقية”.
وأشار إلى أن “التحالف سيعتمد أساساً على دراسة القوانين المهمة والوقوف مع الحكومة في مواجهة الأزمة المالية والأزمة الصحية التي عصفت في البلاد، فضلاً عن السعي لمعالجة الأخطاء الكارثية التي ارتكبتها الحكومة السابقة والتحالفات السابقة”.
وأعرب عن أمله، بأن “يكون التحالف المرتقب تحالفاً مؤثراً نحو توجهات الإصلاح”.
أمّا النائب السابق عن الحزب “الديموقراطي الكردستاني”، ماجد شنكالي، فقد أكد خطورة المرحلة التي تمر بها البلد، في حال عدم توفر الدعم البرلمان للحكومة، والتي تسعى لإخراج البلد من أزماته.
وقال شنكالي، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن “حكومة الكاظمي هي حكومة حل أزمة، وتتطلب دعما برلمانيا لكي تتمكن من إيجاد حلول للعديد من القضايا التي تحتاج الى تعديل ومراجعات ووضع حلول لها”، مشيراً إلى أن “الكاظمي دعا الى إجراء انتخابات مبكرة وحل الأزمة الاقتصادية، وذلك يتطلب دعماً برلمانياً، ودعم الكاظمي خلال هذه المرحلة هو دعم للعملية السياسية”.
وحذّر من أنه “إذ لم يكن هناك توجه برلماني لدعم الحكومة، فإن البلد سيتوجه نحو المجهول، لذلك يجب على جميع الكتل التوجه نحو توفير الدعم، وألا يكون هناك تحالف من جهة معينة، بل أن يدعم من الكتل الشيعية والسنية والكرد، والكتل الأخرى، لا سيما أنه يتعين على كل من صوت للحكومة ومنحها الثقة أن يكون داعماً لها، وألا يعمل على عرقلتها”.
غير أنه لفت في الوقت نفسه إلى أن “المهمة صعبة أمام الحكومة، وهناك ملفات صعبة جداً تنتظرها، ولحد الآن لم يتحرك الكاظمي تجاه أي ملف، ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة حراكا من قبل الكاظمي”، داعياً الكاظمي الى أن “يبدأ بالتوجه نحو الإصلاح وفتح ملفات الفساد، على الرغم من أنه لا يستطيع أن يحاسب كل الفاسدين خلال هذه الفترة القصيرة المحددة لحكومته”.
وبين أن “غالبية الكتل التي دعمت الكاظمي ستنتظر المائة يوم الأولى من عمر حكومته وستتابع ما استطاعت تحقيقه”.
في هذا الإطار، أكد مراقبون، تحدثوا لـ”العربي الجديد”، أن التحالف سيعطي دفعاً كبيراً للكاظمي وحكومته وسيدفع باتجاه تنفيذ خطوات الإصلاح المرتقبة.
وقال رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، لـ”العربي الجديد”، إن “التحرك البرلماني هو خطوة باتجاه دعم حكومة الكاظمي، والعمل على استقرار العراق ومحاولة لتفعيل الدور البرلماني”، مؤكداً أن “الكاظمي بحاجة ليس لهذا التكتل فقط، بل يحتاج لدعم واسع من قبل السلطة التشريعية، لأن كل الإجراءات القادمة تحتاج لدعم برلماني”.
وأشار إلى أن “التحالف سيسهم بشكل كبير باستقطاب مزيد من البرلمانيين لدعم الحكومة وسيعطي دفعاً كبيراً للكاظمي، وسيشكل له قاعدة صلبة في البرلمان ونواة لدعم قرارته ومسيرته”، مشدداً على ضرورة أن “يعزز التحالف من كافة البرلمانيين، خدمة لجهود الحكومة بحل أزمات البلاد المتمثلة بالانهيار المالي والأزمة الاقتصادية والقرارات الإصلاحية الأخرى”.
سلام الجاف، أكثم سيف الدين
العربي الجديد