آراء قد تضيء الطريق لأوباما في شأن الاتفاق الإيراني

آراء قد تضيء الطريق لأوباما في شأن الاتفاق الإيراني

NT-117928-635753822383344832
سوف يكون الأمر كارثيًا لنفوذ الولايات المتحدة في العالم لو أجهز الكونغرس على الاتفاق النووي مع إيران.
ربما لأن المخاطر عالية، فقد أصبح الجدل مؤذيًا إلى حد بعيد، حيث يوجه النقاد اتهامات سخيفة للرئيس باراك أوباما بالتقرب من الجماعات المعادية للسامية، في حين يرى أوباما أن بعض الخصوم كانوا «مثيرين للمخاوف»، و«جهلاء»، «يشاطرون» الإيرانيين هتافهم «الموت لأميركا». يأتي حديث أوباما بمردود عكسي، حيث أبلغني السيناتور الجمهوري السابق عن ولاية تكساس، كاي بيلي هتشسون، أنه «فيما يخص هذه النقطة، فقد جعل الرئيس من المستحيل للجمهوريين التصويت في صالح الاتفاق».
يطالب الغالبية العظمى من الناخبين الكونغرس بالتصويت ضد الاتفاق، ومع تحدي السيناتور تشانك شومر للبيت الأبيض بمعارضته للاتفاق، تبدو معارضة الاتفاق وقد شملت كلا الحزبين، على عكس حجم المؤيدين. يبدو الأمر تراجيديًا، حيث إن الإجهاز على الاتفاق سوف يغضب الكثير من المؤيدين، ويعزل الولايات المتحدة أكثر مما يعزل إيران، وفى النهاية سوف يزيد من خطر استحواذ آيات الله على السلاح النووي. لن يتسبب إجهاز الكونغرس على الاتفاق النووي الإيراني في تراجع قيادة الولايات المتحدة للعالم فحسب، بل سيزيد كذلك من خطر إنتاج إيران للقنبلة النووية.
شرحت بالفعل أسباب مساندتي القوية للاتفاق، وأدعو الرئيس أوباما للشروع في تسويق الاتفاق بالتركيز على ثلاث نقاط:
أولاً: بالتأكيد على أن الاتفاق ليس كاملاً، إلا أنه أفضل السبل لتحقيق هدف نسعى جميعًا بحماس لتحقيقه؛ والهدف هو منع إيران من إنتاج سلاح نووي.
تأييد الغالبية العظمى من الخبراء العسكريين الاتفاق قد يقبله البعض بحماس وقد يقبله آخرون على مضض. هم يدركون ما شاب الاتفاق من نواقص، لكن إجمالاً وفي ضوء الخطاب المفتوح الذي أرسله 29 من كبار العلماء النوويين وخبراء السلاح الأميركيين للرئيس أوباما الأسبوع الماضي جاءت آراؤهم كالتالي: «تضمنت الاتفاقية قيودًا أكثر صرامة من أي اتفاق حظر انتشار نووي تفاوضنا بشأنه في السابق». وبنفس المعني، أفاد نحو 30 من كبار جنرالات الجيش الأميركي المتقاعدين في خطاب مشترك بأن «الاتفاق يعد الأداة الأكثر تأثيرًا الآن لمنع إيران من حيازة سلاح نووي». قد تحتاج إيران لفترة تتراوح ما بين عدة شهور وسنة كي تنتج قنبلة نووية، ورغم أن الاتفاق لم يحل المشكلة القائمة فإنه قد يمد الأجل لخمسة عشر عامًا قادمة. نعم بالتأكيد سوف يكون من الأفضل لو أن إيران تخلت تمامًا عن تخصيب اليورانيوم، لكن أليس من الأفضل أن تتخلى إيران عن 98 في المائة من مخزونها من اليورانيوم من ألا تتخلى عن أي شيء؟
الجميع يعرف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعارض الاتفاق، لكن ليس الجميع يعرف أن غيره من الإسرائيليين من ذوي الخبرة العسكرية الأكبر يؤيدون الاتفاق. ويصف عامي عايلون، الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك)، الاتفاق بأنه «أفضل بديل ممكن»، في حين يتساءل أفرام هيفلي، الرئيس السابق للموساد: «ما الغرض من إلغاء اتفاق يبعد إيران عن إنتاج القنبلة؟».
ثانيًا: صحيح أن إيران قد تحاول الخداع، إلا أنه من السهل الإيقاع بها وإيقاف الخداع عن طريق الاتفاقية، وذلك أفضل من عدم وجود اتفاق من الأساس.
يشير النقاد أحيانًا إلى أن الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون توصل إلى اتفاق مع كوريا الشمالية حول الأسلحة النووية عام 1994 فقط كي يرى كوريا الشمالية تحاول الخداع. الدرس الذي خرجوا به هو أنه لا فائدة من التفاوض مع الأنظمة المارقة غير الجديرة بالثقة. قمت بتغطية أخبار كوريا الشمالية منذ كنت مراسلاً صغيرًا في آسيا في ثمانينات القرن الماضي، والدرس الذي خرجت به كان أقرب للعكس، فقد خُرقت اتفاقية 1994 بالفعل بعدما أخلت كوريا الشمالية ببنودها. لكن رغم ذلك، في خلال السنوات الثمانية التي وضعت فيها الاتفاقية موضع التنفيذ، كان إنتاج كوريا الشمالية من السلاح النووي صفرًا، حسب تقديرات استخباراتية أميركية.
وبعد انهيار الاتفاق عام 2002، عادت إدارة الرئيس بوش إلى سياسة المواجهة، ووقتها ربما قامت كوريا الشمالية بإنتاج تسعة أنواع من السلاح النووي.
ثالثًا: إذا اتجهت كل الأمور جنوبًا، وإذا تحايلت إيران علينا ودخلت بعد 15 عامًا في سباق لإنتاج السلاح، سنحتفظ وقتها بحقنا في توجيه ضربة عسكرية.
وعند توجيه سؤال في هذا الخصوص لديفيد باتريوس، الجنرال المتقاعد والرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه»، أجاب: «أعتقد بقوة أن الخيار العسكري سوف يظل مطروحًا لو سعت إيران إلى خرق الاتفاق وبناء منشأة نووية بعد انتهاء أمد التفتيش عند نهاية سريان الاتفاقية بعد 15 عامًا».
بالنسبة لي، تبدو الاتفاقية أمرًا سيئًا ومليئًا بالتصدعات، إلا أنها أفضل بديل. يصدمني انتقاد الاتفاق الذي يبدو منطقيًا، غير أن البديل الذي يقترحه النقاد يبدو غير منطقي ومشوشًا، وبناء عليه يجب على الرئيس أوباما أن يضغط على زر إعادة البدء (ريستارت). عليه أن يدرك أن الصفقة يشوبها عيوب، لكن عليه أيضًا أن يشدد على أهمية ألا يتم فقط التصديق على بنودها في استفتاء شعبي، لكن أيضًا كخيار إما بنعم أو لا.
بمقدور أوباما كذلك أن يخطو في سبيل تهدئة مخاوف المشككين. يمكننا كذلك تمويل هيئة الطاقة الذرية كي تفعّل من عمليات المراقبة، وبمقدورنا التحدث بصوت أعلى لحماية حقوق الإنسان في إيران ولمواجهة التطفل الإيراني في المنطقة، خاصة في سوريا.
وأبلغني الجنرال برينت سكوكروفت، الذي يعد بمثابة الأب الروحي للخبراء الأمنيين بالحزب الجمهوري، أنه يدعم الاتفاق الإيراني جزئيًا لأنه يعكس قيادة الولايات المتحدة لأمر حيوي يهم العالم كله. أوافق على الاتفاقية، وإذا أجهز الكونغرس عليها فلن يساهم في تراجع قيادة الولايات المتحدة فحسب، بل أيضًا سوف يزيد من مخاطر إنتاج إيران للقنبلة النووية.
نيكولاس كريستوف

صحيفة الشرق الأوسط