الزبداني ترفض شروط إيران… والنظام غاب عن المفاوضات

الزبداني ترفض شروط إيران… والنظام غاب عن المفاوضات

20150816_142833-612x321
لم تدم الهدنة في الزبداني في ريف دمشق، وفي كفريا والفوعة في ريف إدلب، لأكثر من 48 ساعة، إذ عادت المواجهات بين مقاتلي المعارضة السورية، وقوات النظام السوري وحزب الله، أمس السبت، إلى تلك المناطق، مع إعلان حركة “أحرار الشام” انهيار المفاوضات مع الطرف الإيراني.

وكشف مصدر مطلع في حركة “أحرار الشام”، لـ”العربي الجديد”، أن المفاوضات انهارت بسبب إصرار المفاوض الإيراني على خروج العسكريين والمدنيين ليس من مدينة الزبداني وحسب، بل من المدن والبلدات المجاورة لها مثل مضايا وسرغايا وبقين، إلى مناطق الشمال السوري، مقابل استيطان سكان بلدتي كفريا والفوعة في مناطقهم.

وأوضح أن وفد حركة “أحرار الشام” الذي كان يمثّل المعارضة السورية في المفاوضات، طلب إفراج النظام عن 40 ألف معتقل في سجون النظام، وأن الوفد الإيراني وافق على ذلك مقابل الشروط الآنفة، لكن وفد الحركة رفض الصفقة بهذا الشكل وعرض خروجاً آمناً للمدنيين والعسكريين في المناطق المذكورة، أي الزبداني وجوارها، إضافة إلى كفريا والفوعة، ورفع الحصار عن هذه المناطق بالتزامن.

وأكد المصدر أن المفاوضات جرت عبر وسيط من الأمم المتحدة، وأن إيران وحدها هي من كانت تفاوض في ظل غياب أي ممثل عن النظام السوري، موضحاً أن “جيش الفتح” استأنف قصف بلدتي الفوعة وكفريا بالتزامن مع قصف النظام لوسط مدينة الزبداني عقب انهيار المفاوضات صباح أمس.

وكانت مصادر إعلامية قد نشرت ما قالت إنه نص مسودة الاتفاق بين الطرفين، التي تنصّ على الإفراج عن أربعين ألف معتقل في سجون النظام السوري، على أن يتم خروجهم بشكل موازٍ لخروج الراغبين من المدنيين والعسكريين من الفوعة، إضافة إلى وقف إطلاق النار في عدد من مناطق الجنوب منها الزبداني ومضايا، وفي الشمال الفوعة وكفريا، وإخراج كل جرحى الجنوب إلى إدلب، وكل جرحى الشمال إلى حماة.

كما تنصّ مسودة الاتفاق على إخراج فوري لكل الجرحى والمرضى السوريين من الزبداني ومضايا، ووقف إطلاق النار لمدة شهر قابلة للتمديد لحين انتهاء البنود الخاصة بإخراج الراغبين من المقاتلين والمدنيين، إضافة إلى المعتقلين. وتنصّ كذلك على إدخال المواد الطبية الضرورية للحالات الطبية العاجلة في الطرفين، وتقديم قوائم كاملة للمدنيين الراغبين في تسوية أوضاعهم أو المغادرة، مع تحديد وجهة المغادرة.

وكانت قد بدأت هدنة صباح الأربعاء الماضي لمدة 48 ساعة بين قوات المعارضة من جهة، وقوات النظام ومسلحي حزب الله من جهة أخرى، شملت وقفاً لإطلاق النار في مدينة الزبداني الخاضعة لسيطرة المعارضة وقريتي الفوعة وكفريا في ريف إدلب الشمالي. ومع فشل المفاوضات تكون هدنة الـ48 ساعة، قد انتهت أيضاً. وكان الطرفان قد اتفقا عقب انتهاء المدة المحددة للهدنة، على تمديد اتفاق وقف إطلاق النار إلى اليوم الأحد. ولكن فور انهيار المفاوضات، أكدت مصادر محلية في إدلب، عودة الاشتباكات إلى محيط الفوعة وكفريا، اللتين تحاصرهما فصائل المعارضة، تزامناً مع استئناف القصف على الزبداني من الحواجز المحيطة بها.

وتوّلت إيران المفاوضات بشأن المناطق الثلاث، كون كل من بلدتي الفوعة وكفريا ذات أغلبية شيعية، وكونها تملك تأثيراً كبيراً على النظام السوري وحزب الله اللبناني، الذي يقود العمليات ضد فصائل المعارضة في الزبداني، بينما توّلت حركة “أحرار الشام” التي لها وجود قوي في الزبداني وفي محيط بلدتي كفريا والفوعة التفاوض نيابة عن المعارضة.

وقال الصحفي والناشط الإعلامي رامز سليمان لـ”العربي الجديد”، إن تعمّد حركة “أحرار الشام” تسريب نص الاتفاق مع الطرف الإيراني، هدفه ربما إحراج جمهور النظام الذي طالما طالب ببذل جهود للإفراج عن مئات المعتقلين لدى قوات المعارضة من جنود وعائلات من أنصار النظام، من دون أن يلقى استجابة من النظام، بينما تتكفل إيران ببساطة بالإفراج عن 40 ألف معتقل دفعة واحدة مقابل حل مشكلة سكان قريتي الفوعة وكفريا، خصوصاً أنه سبق أن جرت عمليات تبادل أسرى مع قوات المعارضة طرفها مقاتلون أو مدنيون يخصون إيران.

ويرى مراقبون أن النظام السوري ومعه حزب الله، يعطيان أولوية لمعركة الزبداني، عبر تشديد الحصار عليها، والاستمرار في قصفها جواً بالبراميل المتفجرة، وبراً براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة، بسبب حاجة النظام السوري ومعه حزب الله إلى تحقيق انتصار إعلامي، خصوصاً في هذه المنطقة التي تُعتبر هامة للحزب بسبب مجاورتها لمنطقة القلمون على الحدود اللبنانية.

كما يبدو من الإصرار الإيراني على تفريغ منطقة الزبداني وجوارها من سكانها واستبدالها بسكان من بلدتي الفوعة وكفريا، أن إيران تسير بمخطط تقسيم وتسعى لتأمين مناطق ما تسميها سورية المفيدة التي تضم الساحل وحمص ودمشق، وضمان حاضنة شعبية مؤيدة لسياستها في تلك المناطق.

وكانت عدة شخصيات سياسية واجتماعية من أهالي الزبداني، قد أعلنت في بيان لها رفضها لأي اتفاق يقضي بتهجيرهم الأهالي قسراً من ديارهم، قائلين: “إننا أبناء الزبداني التي قاتلت وستقاتل النظام وقوات الاحتلال الإيراني في كل شبر وكل بيت، لا نقبل لأي مواطن سوري أن يخرج من دياره، ولا نقبل أن نخرج من ديارنا، وكل ما نطلبه هو العيش الحر الكريم في بلدنا أو الموت بشرف دفاعاً عنها”.

من جهته، أعلن “جيش الإسلام” صباح أمس السبت، في بيان مقتضب نشره على صفحته الرسمية في “تويتر”، عن بدء معركة جديدة في الغوطة الشرقية بريف دمشق نصرةً لمدينة الزبداني، من دون تقديم تفاصيل إضافية. وأفادت مصادر ميدانية أن مواجهات عنيفة دارت من جهة إدارة المركبات بمدينة حرستا.

عدنان علي

صحيفة العربي الجديد