مع الانهيار المتسارع لقيمة الليرة السورية، تعمل المعارضة في شمالي سوريا على إيجاد بدائل وحلول لتدارك الفوضى في الأسواق، بسبب الارتفاع الهائل لأسعار البضائع والسلع.
ومن بين البدائل، طرح استبدال الليرة السورية بالتركية في المعاملات التجارية، فضلا عن التعامل بالدولار، في الوقت الذي يواجه فيه هذا الخيار تحديات كبرى.
وبعد تجاوز سعر صرف الدولار الواحد حاجز 3 آلاف ليرة سورية وتأرجح الأسعار، عمد عدد من التجار إلى إغلاق محالهم التجارية في ريف حلب، فيما قام غالبيتهم باعتماد الليرة التركية والدولار في عمليات البيع والشراء.
ورغم أن فكرة استبدال العملة السورية بالتركية في مناطق سيطرة المعارضة ليست بالجديدة، وكانت طرحت في مناسبات سابقة، لكنها لم تفعل بشكل واسع.
ودفع الانهيار غير المسبوق في قيمة الليرة السورية من بداية يونيو/حزيران الجاري، المعارضة والمجالس المحلية إلى دعوة صريحة لتداول الليرة التركية، ولتسعير المواد الغذائية الأساسية كالخبز، إضافة إلى أسعار الذهب.
ففي مدينة مارع بريف حلب، سارع المجلس المحلي إلى إصدار بيان يدعو التجار والأهالي إلى تثبيت الأسعار بالليرة التركية، واستخدام الدولار في عمليات البيع الكبيرة، خشية الانهيار المتسارع في قيمة الليرة السورية والخلل في الاتفاقات التجارية، بحسب وصفه.
ويقول وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري إن “كل التعاملات لدى مؤسسات الحكومة المؤقتة ستكون بالليرة التركية أو الدولار، فعلى سبيل المثال مؤسسة الحبوب تشتري القمح وتبيع الطحين بالدولار، أما الخبز فسيتم بيعه بالليرة التركية”.
يضيف المصري للجزيرة نت أن الحكومة المؤقتة شرعت في عملية استبدال الليرة السورية بعملات أكثر استقرارا بعد الخسائر الفادحة التي تعرضت لها، مشيرا وفي الوقت ذاته إلى أن قرارا رسميا لم يصدر حتى اللحظة.
وحول تبعات الخطوة ومدى نجاحها في الشمال السوري، يرى المصري أن أي عمل جديد يكون في بدايته صعبا، لكن الاستبدال أصبح مطلبا جماعيا، ولا سيما من العمال الذين يتقاضون أجورهم بالعملة السورية حتى تكون الأجور ثابتة وفق الليرة التركية، وأيضا التجار الذي تكبدوا خسائر كبيرة وأغلقوا محلاتهم جراء فرق قيمة العملة.
ويشير إلى أن تداول الليرة التركية حاليا يحافظ على استقرار المنطقة اقتصاديا والقوة الشرائية، ويحمي أصحاب المحلات من انعكاسات تدهور الليرة السورية في عمليات البيع والشراء.
ضخ العملة
في الأثناء، شرعت مراكز البريد التركية المنتشرة في ريف حلب شمالي سوريا بضخ كميات من الفئات النقدية الصغيرة من العملة التركية، من قيمة ليرة واحدة و5 و10 ليرات، بهدف توفيرها للمدنيين واستعمالها في التعاملات اليومية بالأسواق.
ويأتي هذا الإجراء بعد دعوات من مجالس محلية للأهالي لتداول الليرة التركية بعد تسارع هبوط قيمة الليرة السورية.
ويصف عبد الكريم محمد -وهو من أهالي ريف حلب- تداول الليرة التركية بأنه أفضل الحلول المطروحة والمتاحة حاليا في مناطق المعارضة، لكن أغلب صرافي العملة مع الأسف يحصلون على هامش ربح غير مقبول لتصريف العملة السورية للأهالي وإعطائهم العملة التركية.
ويضيف عبد الكريم للجزيرة نت أنه رغم تداول الليرة التركية سابقا، فإن الأهالي لم يعتادوا حتى اللحظة على استخدامها، ولا سيما الفئات النقدية الصغيرة منها، لكن الإجراء كان أحلى الأمرّين.
ويقترح المستشار الاقتصادي السوري أسامة قاضي أن يتم تسعير البضائع والسلع بعملتين سورية وطنية وتركية أو دولار، وهو إجراء تقوم به الدول عادة عندما تفقد العملة قيمتها وتدخل في مرحلة التضخم الجامح.
ويضيف “كما هو واضح، فإن الاقتصاد السوري قد أفلت من عقاله، والتضخم بات 50% خلال شهر، وهو خارج عن سيطرة البنك المركزي السوري”.
وأعطى قاضي مثالا لما حدث في لبنان وفنزويلا سابقا من انهيار العملة الوطنية فيهما، حيث عمد التجار إلى التسعير بعملتين، كي تتم العودة إلى العملة الوطنية بعد عودة الاستقرار السياسي في سوريا.
ويرى قاضي أن تركيا تتحمل واجبا كبيرا حاليا، ومن المهم أن تضخ الحكومة التركية على الأقل نصف مليار ليرة تركية شهريا، كي تخلق فرص عمل بوجود إدارة واحدة هي الحكومة السورية المؤقتة وشرطة تقوم بضبط الأسعار لدى الصرافين.
المصدر : الجزيرة