لم تكن حادثة إحباط “خلية الكويت” هي الأولى في مسلسل الحوادث والمؤامرات التي كان حزب الله ضالعاً فيها ضد دول مجلس التعاون الخليجي، فقد كان لحزب الله سجل طويل حافل بعمليات مشابهة منذ إنشائه، استهدف خلالها هذه الدول في العمق.
فقد حاول حزب الله اغتيال أمير الكويت، الشيخ جابر الصباح، بتفجير سيارة مفخخة عام 1985، كما اختطف طائرة كويتية في مسقط عام 1989، وعمل على استهداف المملكة العربية السعودية خلال موسم الحج عام 1990.
لكن لحرص دول مجلس التعاون على مساعدة لبنان في نفض غبار الحرب الأهلية عن كاهله ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي لجنوبه، تم التغاضي عن ذلك، لا سيما عقب التوقيع على اتفاق الطائف برعاية سعودية عام 1989 لوضع حد للحرب الأهلية التي أنهكت لبنان.
ونتيجة لتغليب دول مجلس التعاون لمبدأ العمل على وحدة لبنان حدثت انفراجة في العلاقات بين الجانبين بفتح الرياض قنوات اتصال مباشرة مع قادة الحزب للم الشمل اللبناني؛ إذ التقى العاهل السعودي الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، نائب الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، في ديسمبر/كانون الأول 2006 لحل أزمة تشكيل الحكومة.
كما انعكست أهمية تلك الاتصالات في “اتفاق الدوحة” مايو/أيار 2008 برعاية قطرية ومباركة سعودية؛ لحل الأزمة السياسية التي دامت أكثر من 18 شهراً، شهدت بعض الفترات منها أحداثاً دامية كادت أن تدخل لبنان في أتون حرب أهلية جديدة.
لكن العلاقات ازدادت سوءاً مع اندلاع ثورات الربيع العربي مطلع عام 2011، من خلال دعمه وتدريبه لبعض المعارضين في البحرين والسعودية، إضافة إلى تنشيط خلايا التجسس في هذه الدول، ودعم العمليات الإرهابية فيها، وضلوع عناصره في الخليتين الإرهابيتين اللتين كُشف عنهما في الرياض وجدة عام 2012.
ويضاف ذلك إلى تدخله المباشر في الشؤون الداخلية لبعض دول المجلس؛ وفي مقدمتها البحرين، كما ساهم أمينه العام، حسن نصر الله، في تصاعد عمليات العنف في هذه الدولة بتصريحاته التحريضية، وتورطه في زعزعة أمن السعودية من خلال الأحداث التي شهدتها مدينة القطيف مطلع عام 2011، وتهديده يوم 23 فبراير/ شباط 2013 بغزو السعودية ودخول الحرمين الشريفين، وقد تفاقم الوضع بعد أن أصبح الحزب طرفاً رئيسيّاً في القتال إلى جانب نظام الأسد.
-مقاومة التهديد
تهديد حزب الله المستمر للأمن الخليجي دفع دول مجلس التعاون إلى اتخاذ إجراءات إزاء بعض اللبنانيين الأعضاء بـ”حزب الله”، أو من المتعاطفين معه المقيمين في الخليج، والشاهد على ذلك القرارات التي صدرت منذ عام 2008 بترحيل عدد من اللبنانين.
وكشف دبلوماسي إماراتي، في شهر مايو/أيار الماضي، أن مئات اللبنانيين من الشيعة قرروا إغلاق وإنهاء حساباتهم المصرفية في المصارف الخليجية، وعملوا على نقلها إلى دول أخرى؛ تحسباً لتدهور العلاقات الخليجية الإيرانية.
وأشار الدبلوماسي إلى نية حكومات خليجية قيامها بطرد نحو 800 لبناني مسيحي مقربين من ميشال عون، الحليف المسيحي الأبرز لحزب الله في لبنان؛ وأربعة دبلوماسيين شيعة، ثبت لأجهزة الأمن الخليجية أنهم يساهمون في دعم حزب الله، كما تدور حولهم الشبهات بتهريب متفجرات وأسلحة إلى بعض دول مجلس التعاون الخليجي لإثارة النعرات الطائفية.
ووفقاً لما نشرته صحيفة السياسة الكويتية نقلاً عن الدبلوماسي الإماراتي، فإن الكشف عن هذه المعلومات جاء استناداً إلى بيانات وزارات الداخلية في دول الخليج الست.
وطبقاً لما ذكرته الصحيفة ذاتها، فإن ما أقدم عليه اللبنانيون الشيعة من نقل أموالهم من الدول الخليجية التي يعملون بها، إلى دول أخرى، جاء في ظل التدهور المتوقع في تدهور العلاقات بين الدول الخليجية من جهة، وإيران وحزب الله من جهة أخرى، وذلك على خلفية عملية عاصفة الحزم في اليمن.
وبحسب مصادر أمنية خليجية، يبلغ عدد اللبنانيين الشيعة في الخليج نحو 100 ألف؛ منهم 60 ألفاً في حكم المؤيدين لإيران وحزب الله، وقد غادر نحو 7 آلاف شيعي لبناني دول الخليج خلال السنوات الثلاث الماضية، وذلك منذ إعلان حسن نصر الله انخراط حزبه رسمياً في الحرب السورية، في حين يستعد للرحيل ضعف هذا العدد.