عمقت مغامرات الرئيس التركي رجب طيب أدوغان في شرق المتوسط وليبيا إضافة إلى توظيفه ملف الهجرة في ابتزاز الأوروبيين هوة الخلافات مع شركائه إلى درجة يصعب معها استئناف محادثات انضمام بلاده إلى التكتل الأوروبي المجمدة منذ نحو 4 سنوات. ولا تقتصر الخلافات على السياسات الخارجية فحسب بل إن سياساته الداخلية أيضا محل انتقاد متواتر من قبل الأوروبيين.
أنقرة – قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن تركيا ما زالت تهدف إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي، وذلك بعد أربع سنوات تقريبا من تعليق المفاوضات، فيما لم يعد التكتل الأوروبي مهتما كثيرا بإعادة بناء جسور الشراكة مع بلد يهدد مصالحه في شرق المتوسط ولا تتسق سياساته الداخلية خاصة على مستوى الحريات وسيادة القانون مع المعايير الأوروبية.
وكانت تركيا قد شاركت طوال أربعة عقود في مفاوضات بشأن الانضمام اتسمت في الكثير من الأحيان بإثارة الخلاف، حتى صوت البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي لصالح تجميد المباحثات وذلك بسبب عملية التطهير الجماعي التي قادتها الحكومة التركية إثر الانقلاب الفاشل في 2016 .
وواجه الرئيس التركي تمردا عسكريا في يوليو 2016، ألقى مسؤوليته على رجل الدين فتح الله غولن المقيم في بنسلفانيا بالولايات المتحدة.
وقامت الحكومة بفصل مئات الآلاف وسجنت الآلاف ممن يشتبه في أنهم من أنصار غولن، فيما وصف الاتحاد الأوروبي ونشطاء حقوق الإنسان عملية التطهير بأنها انقضاض على المعارضين السياسيين، ما قوض مناخ الحريات وسيادة القانون في البلاد.
ويقول ماثيو بيتي محرر شؤون الأمن القومي بمجلة ذا ناشونال إنتريست الأميركية إن التوترات الأوروبية التركية زادت بدرجة أكبر في الشهور الأخيرة بسبب السياسة الخارجية التركية وأزمة المهاجرين، فيما أكد وزير الدفاع التركي أن تركيا ما زالت مهتمة بأن تصبح دولة أوروبية رغم العلاقات المتوترة.
وقال “إن عضوية الاتحاد الأوروبي ما زالت هدفنا السياسي، فعلاقات تركيا بالاتحاد الأوروبي عميقة الجذور، ومتعددة المجالات، ومهمة، ليس فقط بالنسبة لتركيا والاتحاد الأوروبي، لكن أيضا بالنسبة لكل المنطقة”.
وأكد على دور تركيا في الدفاع عن أوروبا كجزء من حلف شمال الأطلسي (الناتو) قائلا إن “الناتو مهم لأمن تركيا، كما أن تركيا مهمة بالنسبة للناتو، والتزامنا بالناتو قوي، وسوف نستمر في تحمل نصيبنا العادل من العبء”.
وحاولت تركيا مؤخرا إصلاح علاقاتها مع الولايات المتحدة وغيرها من حلفاء الناتو في الوقت الذي يواجه فيه العسكريون الأتراك القوات التي تدعمها روسيا في سوريا وليبيا، لكن أوروبا لا تبدو متحمسة لذلك.
ورد القادة الأوروبيون بقوة بعد أن حاولت تركيا دفع اللاجئين إلى اليونان وسط جولة من القتال في سوريا، وحاولت قوة بحرية تابعة للاتحاد الأوروبي خاصة بمكافحة التهريب الحد بالفعل من تدخل تركيا في ليبيا.
وقادت فرنسا الحملة للتصدي للسياسة الخارجية التركية، ودعم اليونان وقبرص في خلافاتهما البحرية مع تركيا.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي “ليس من المقبول أن يتم انتهاك وتهديد الفضاء البحري للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ويجب معاقبة من يفعلون ذلك”.
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قد صرح في مؤتمر صحافي مشترك مع جوزيب بوريل الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والشؤون الأمنية بالاتحاد الأوروبي، عقد في أنقرة في مطلع هذا الشهر بأن تركيا سوف تضطر للرد على الاتحاد الأوروبي إذا تم اتخاذ قرارات إضافية ضدها.
وأوضح بوريل صراحة في هذا المؤتمر أن الوضع الحالي ليس مثاليا لبحث عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، حيث إن علاقات الاتحاد مع تركيا ليست في أفضل حالاتها في الوقت الحالي، وأكد على ضرورة إعادة السلام إلى ليبيا التي أصبحت تمثل أزمة بين دول أوروبا وتركيا.
وفي أول اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي منذ أربعة شهور عقد في بروكسل في 13 يوليو الجاري بناء على طلب من فرنسا لبحث المسألة التركية، أبدى الاتحاد الأوروبي قلقه حول ما وصفه بسلوكيات أحادية تتخذها تركيا.
وقال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والشؤون الأمنية بالاتحاد الأوروبي إنه تلقى دعما كبيرا ليقوم بإعداد التدابير الملائمة للرد على التحديات التي تفرضها تركيا، مؤكدا أنه “يدرس الخيارات التي يمكن تقديمها للوزراء بهذا الشأن خلال اجتماع يعقد في أواخر أغسطس في ألمانيا”.
ويرى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وهو مركز أبحاث أوروبي، أن أوروبا تحتاج إلى اتفاق موسع مع تركيا يمكن أن يسفر عن إطار لحسم النزاعات القصيرة والطويلة المدى والتي تغطي الطاقة، والحدود البحرية، والنزاع القبرصي، وليبيا، لكن من المستحيل تقريبا أن تعقد دول الاتحاد الأوروبي مثل هذا الاتفاق الموسع بالنسبة لهذا العدد الكبير للغاية من المشكلات، في ضوء عدم اتفاقها على ما يجب أن تفعله من أجل الضغط على تركيا.
والموقف العقابي الذي تطالب به اليونان وقبرص وفرنسا، الذي يدعو إلى فرض عقوبات اقتصادية، غالبا ما يواجه بالصد من جانب ألمانيا وإيطاليا ومالطا وغيرها من الدول التي تريد حماية علاقاتها مع تركيا.
العرب