أعاد العراقيون المنتفضون شعاراتهم المختلفة ضد الفساد والفاسدين في تظاهراتهم الواسعة، الجمعة 21 أغسطس/آب الجاري، وقد مثلوا حراكاً سياسياً أقوى مما جرى إلى الآن، وقد خشي بعضٌ من اختراق قوى مليشياوية أو طائفية أو عصابات فاسدة هذه التظاهرات، لكي يقطفوا ثمارها أو سرقتها، وتجييرها لمصالح إيران وبيادقها في العراق. هنا، ينبغي عدم اقتناع القوى المدنية والوطنية بكل ما يحاك ضد الحراك المعارض في الميادين والشوارع، وأن لا تخدع بإصلاحات شكلية، إن لم ترافقها إجراءات قوية مباشرة وخطوات تنفيذية رادعة. ونجد رئيس الحكومة، حيدر العبادي، غير قادر على سلوك أي درب ثوري قوي وصاعق، لعدم قدرته على فك ارتباطه بدائرة حزب الدعوة، كي يجتاز الطريق الصعب، علما أنه القائد العام للقوات المسلحة، ولا قادراً على التغيير، فالنظام الحالي أوصله إلى بعض المناصب منذ 2003. ولكن، ستهدد الثورة مصيره، إن بقي جزءٌ من هذا “النظام” الذي ضاق به العراقيون ذرعاً. سئم الشعب العراقي هذا النظام الحاكم، فهل سيبقى العبادي معه، أم يلبي مطالب شعبه؟
يطالبه كل المتظاهرين الصادقين الثائرين باتخاذ إجراءات حاسمة، لا تقتصر على إخراج نواب الرئيسين من مناصبهم، وكأنه يريد مشاغلة الشعب عن المطالب الحقيقية لهم. عليه أن يبدأ بنفسه، إن كان ثائراً حقيقياً ضد هذا “النظام” الفاسد الذي سحق العراق والعراقيين، فيؤسس هيئة مدنية وعسكرية من رجال شرفاء، ويعلن خروجه عن حزب الدعوة، وينهي تحالفات الأحزاب، ويعلن الأحكام العرفية، والقبض على كل المتهمين الكبار بالجرائم التي ارتكبت في السنوات العشر الماضية، لمحاسبتهم ومنعهم من الهروب، وفي مقدمتهم نوري المالكي الذي لم يزل له نفوذ إيران في العراق، فهو المنفذ الأساسي لسياساتها في العراق. وستجعل العبادي خطواته الأولى في قلب الحدث، وسيرى العراقيون فيه منقذاً من أجل خطوات أخرى. وهنا، أتمنى عليه أن لا يقف حائلا بين الشعب وجلاديه، ويعلن اصطفافه مع الثوار أو بقاءه مع النظام.
ألتفت إلى العراقيين الذين كان لصمتهم، سنوات، تأثيره في أن يلعب التعساء الذين حكموا العراق لعبتهم، فأجرموا وأفسدوا ونهبوا العراق، وتآمروا وباعوا واشتروا بالعراقيين، ومزقوا نسيج المجتمع وحطموه، بل كانوا وراء إسقاط مدن كاملة، وأجزاء واسعة من العراق بيد الإرهابيين والقوى الأوليغارية القادمة من وراء الحدود، التركية أو العربية أو الإيرانية. فهل ينتظر العراقيون سنوات طوالا أخرى، في ظل هذا الوضع المزري؟
يطالبه كل المتظاهرين الصادقين الثائرين باتخاذ إجراءات حاسمة، لا تقتصر على إخراج نواب الرئيسين من مناصبهم، وكأنه يريد مشاغلة الشعب عن المطالب الحقيقية لهم. عليه أن يبدأ بنفسه، إن كان ثائراً حقيقياً ضد هذا “النظام” الفاسد الذي سحق العراق والعراقيين، فيؤسس هيئة مدنية وعسكرية من رجال شرفاء، ويعلن خروجه عن حزب الدعوة، وينهي تحالفات الأحزاب، ويعلن الأحكام العرفية، والقبض على كل المتهمين الكبار بالجرائم التي ارتكبت في السنوات العشر الماضية، لمحاسبتهم ومنعهم من الهروب، وفي مقدمتهم نوري المالكي الذي لم يزل له نفوذ إيران في العراق، فهو المنفذ الأساسي لسياساتها في العراق. وستجعل العبادي خطواته الأولى في قلب الحدث، وسيرى العراقيون فيه منقذاً من أجل خطوات أخرى. وهنا، أتمنى عليه أن لا يقف حائلا بين الشعب وجلاديه، ويعلن اصطفافه مع الثوار أو بقاءه مع النظام.
ألتفت إلى العراقيين الذين كان لصمتهم، سنوات، تأثيره في أن يلعب التعساء الذين حكموا العراق لعبتهم، فأجرموا وأفسدوا ونهبوا العراق، وتآمروا وباعوا واشتروا بالعراقيين، ومزقوا نسيج المجتمع وحطموه، بل كانوا وراء إسقاط مدن كاملة، وأجزاء واسعة من العراق بيد الإرهابيين والقوى الأوليغارية القادمة من وراء الحدود، التركية أو العربية أو الإيرانية. فهل ينتظر العراقيون سنوات طوالا أخرى، في ظل هذا الوضع المزري؟
المطالب لدى أكثر الناس، حتى الآن، إصلاحية وخدمية، تنطلق بعفوية بالغة في أغلب المناطق، مع ملاحظتنا أن الشعارات منظمّة وسلمية. لم تدخل التظاهرات، على الرغم من وجود قيادات شابة ومدنية، مرحلة الثورة التي هي بأمس الحاجة إلى القيادة والتخطيط، فهل تتبلور الجهود عن خطة سياسية وثورية لرسم طريق الثورة؟ إذ لا يمكن التكهن بمدى الانفجار إن حدث، وسيقف كل العالم مندهشا إزاءه. وعليه، ينبغي أن تتشكل إرادة وطنية عراقية، يحمل رايتها جل العراقيين بكل أنواعهم، فحواها التغيير. والتغيير لا يعني إزالة بعض الوجوه عن المناصب، بل يعني إزالة كيانات سياسية فاسدة عن الوجود، واستئصال بنية الخراب وعناصر الانقسام، بعد أن نخرت طويلا في المجتمع السياسي العراقي. يستوجب التغيير الحقيقي أن تعبر عنه إرادة وطنية وثورية، تستهدف، أساساً، هذه العملية السياسية التي أودت بالعراق إلى الجحيم، ومزقت العراقيين وسحقتهم وهجّرتهم من بيوتهم، وسرقت مواردهم وأماتت أحلامهم.
يستوجب التغيير الأساسي أن يقوده رجل تغيير، أو رجال بناة، بديلاً أصلح، أو بدائل صلحاء للحياة العراقية الجديدة، شريطة أن ينتفي عن المسرح السياسي كل الذين عبثوا بمقدرات العراق السياسية، ونهبوا ثرواته الاقتصادية، ومزقوا نسيج مجتمعه وأبادوا ثقافته. العبادي، حتى هذه اللحظة، غير قادر على أن يكون منقذاً للعراق، وصلت إليه مناشدات لا تعد ولا تحصى، من عراقيين وعراقيات، طالبوه فيها أن ينفصل عن حزبه، وأن يجمد كل الأحزاب والتيارات التي تتحكم بالعراق، دولة ومجتمعاً، وأن يجرّد حزبه وحلفاء حزبه من أية ضمانات، ويحاكم كل قادته وقادة الأحزاب التي أساءت للعراق إساءات تاريخية لا تغتفر! عليه أن يستمع إلى جماهير شعبه، وينفذ إرادة العراقيين باتخاذ إجراءات صارمة ضد كل من ورد اسمه متهماً في سقوط الموصل. عليه القيام بصناعة قرارات حاسمة في إنهاء العمل بكل من العملية السياسية، وهذا الدستور الكسيح. عليه أن يتقدّم إلى العراقيين بخطة عمل ومنهج سياسي جديد، وضمن طاقم وطني جديد، يتألف من تكنوقراطيين مهرة، وضباط شرفاء، لا يمتون بصلة إلى الأحزاب الحاكمة، وأن يكونوا عراقيين حقيقيين، مهما كان دينهم أو طيفهم أو لونهم، لكي يرسم مع أبناء شعبه خارطة طريق جديدة للعراق، بلا وزارة تافهة قائمة على المحاصصات السقيمة، وبلا مجلس نواب، يمثل مصالح حزبية وفئوية، وهو برلمان فاسد، من رأسه إلى كعب رجليه، وبلا مليشيات مرتزقة، تفعل ما تريد من دون أية سلطة حكومية، وتستلم أوامرها من الخارج.
على المتظاهرين العراقيين أن يتحولوا من منتفضين إلى ثوار حقيقيين، بتطويرهم آليات العمل، والانتقال من طور الانتفاضة إلى طور الثورة، فلا علاج للقضية العراقية إن لم يثر الشعب كله ثورة جامحة وقوية، يطيح فيها كل رموز الفساد والقتل والاضطهاد. وعلى العراقيين أن يسقطوا باستيل بغداد الذي تمثله المنطقة الخضراء التي يعتبرها العراقيون، اليوم، مركز الظلم والقهر والفساد، لكي يبدأ العراق مسيرته الوطنية. كل ما حدث في العراق من مآس وفوضى وفساد وطائفية مبعثه هذه “العملية السياسية” التي لم يتجرأ أحد، منذ سنوات طوال، على التعرّض لها، وكأنها كانت منزّلة من السماء، وجاء ضمن سياقها دستور قاد العراقيين إلى أسوأ الأحوال. واليوم، أجد هؤلاء الذين جاءت بهم الأقدار لحكم العراق، وبعض مناصريهم، ينتقدون الدستور ويتعرضون للعملية السياسية بالنقد، وكأنهم لم يكونوا مسؤولين عنها، وعن كلّ تداعياتها الصعبة، وقد قال رئيس الوزراء، حيدر العبادي، إن الإصلاح سيطاول ذلك.
أكثر من عشر سنوات، وهم ماضون في غيهم، بل ويلاحظ أي مراقب اليوم أن الذين كانوا يصفقون لنوري المالكي، ويصفون حكمه بأعظم الصفات انقلبوا، الآن، عليه في اصطفافات جديدة، وبدأوا بانتقاد سياساته وممارساته المخزية، من أجل تأمين مصالحهم مستقبلاً.
علينا أن نقول إن أهل العراق ليسوا كلهم أهل شقاق ونفاق. على العراقيين الوطنيين الوقوف ضد خصومهم الألداء من أهل الشقاق والنفاق والفساد الذين حكموا العراق، منذ نصبهم الاحتلال الأميركي طبقة سياسية حاكمة منذ عام 2003. وعلى ثوار العراق أن يفرزوا أولئك الذين يريدون أن يجدوا اليوم مكاناً جديداً، وهم معروفون على امتداد العهود السابقة، إذ كما مالت يميلون، وفي كل عهد يهزجون ويرقصون، بل ويغيرون جلودهم في الوقت المناسب. والمتمنى من الشرفاء رصد هؤلاء وتعريتهم، وكشف زيفهم، ومنعهم من لبس أقنعة جديدة، ومن استغلال الانتفاضة، أو الثورة، لتغييرها أو حرفها عن مبادئها الأساسية، فهل ستتطور الانتفاضة إلى حالة ثورية، أم سيقمعها النظام الحاكم؟ هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة.
يستوجب التغيير الأساسي أن يقوده رجل تغيير، أو رجال بناة، بديلاً أصلح، أو بدائل صلحاء للحياة العراقية الجديدة، شريطة أن ينتفي عن المسرح السياسي كل الذين عبثوا بمقدرات العراق السياسية، ونهبوا ثرواته الاقتصادية، ومزقوا نسيج مجتمعه وأبادوا ثقافته. العبادي، حتى هذه اللحظة، غير قادر على أن يكون منقذاً للعراق، وصلت إليه مناشدات لا تعد ولا تحصى، من عراقيين وعراقيات، طالبوه فيها أن ينفصل عن حزبه، وأن يجمد كل الأحزاب والتيارات التي تتحكم بالعراق، دولة ومجتمعاً، وأن يجرّد حزبه وحلفاء حزبه من أية ضمانات، ويحاكم كل قادته وقادة الأحزاب التي أساءت للعراق إساءات تاريخية لا تغتفر! عليه أن يستمع إلى جماهير شعبه، وينفذ إرادة العراقيين باتخاذ إجراءات صارمة ضد كل من ورد اسمه متهماً في سقوط الموصل. عليه القيام بصناعة قرارات حاسمة في إنهاء العمل بكل من العملية السياسية، وهذا الدستور الكسيح. عليه أن يتقدّم إلى العراقيين بخطة عمل ومنهج سياسي جديد، وضمن طاقم وطني جديد، يتألف من تكنوقراطيين مهرة، وضباط شرفاء، لا يمتون بصلة إلى الأحزاب الحاكمة، وأن يكونوا عراقيين حقيقيين، مهما كان دينهم أو طيفهم أو لونهم، لكي يرسم مع أبناء شعبه خارطة طريق جديدة للعراق، بلا وزارة تافهة قائمة على المحاصصات السقيمة، وبلا مجلس نواب، يمثل مصالح حزبية وفئوية، وهو برلمان فاسد، من رأسه إلى كعب رجليه، وبلا مليشيات مرتزقة، تفعل ما تريد من دون أية سلطة حكومية، وتستلم أوامرها من الخارج.
على المتظاهرين العراقيين أن يتحولوا من منتفضين إلى ثوار حقيقيين، بتطويرهم آليات العمل، والانتقال من طور الانتفاضة إلى طور الثورة، فلا علاج للقضية العراقية إن لم يثر الشعب كله ثورة جامحة وقوية، يطيح فيها كل رموز الفساد والقتل والاضطهاد. وعلى العراقيين أن يسقطوا باستيل بغداد الذي تمثله المنطقة الخضراء التي يعتبرها العراقيون، اليوم، مركز الظلم والقهر والفساد، لكي يبدأ العراق مسيرته الوطنية. كل ما حدث في العراق من مآس وفوضى وفساد وطائفية مبعثه هذه “العملية السياسية” التي لم يتجرأ أحد، منذ سنوات طوال، على التعرّض لها، وكأنها كانت منزّلة من السماء، وجاء ضمن سياقها دستور قاد العراقيين إلى أسوأ الأحوال. واليوم، أجد هؤلاء الذين جاءت بهم الأقدار لحكم العراق، وبعض مناصريهم، ينتقدون الدستور ويتعرضون للعملية السياسية بالنقد، وكأنهم لم يكونوا مسؤولين عنها، وعن كلّ تداعياتها الصعبة، وقد قال رئيس الوزراء، حيدر العبادي، إن الإصلاح سيطاول ذلك.
أكثر من عشر سنوات، وهم ماضون في غيهم، بل ويلاحظ أي مراقب اليوم أن الذين كانوا يصفقون لنوري المالكي، ويصفون حكمه بأعظم الصفات انقلبوا، الآن، عليه في اصطفافات جديدة، وبدأوا بانتقاد سياساته وممارساته المخزية، من أجل تأمين مصالحهم مستقبلاً.
علينا أن نقول إن أهل العراق ليسوا كلهم أهل شقاق ونفاق. على العراقيين الوطنيين الوقوف ضد خصومهم الألداء من أهل الشقاق والنفاق والفساد الذين حكموا العراق، منذ نصبهم الاحتلال الأميركي طبقة سياسية حاكمة منذ عام 2003. وعلى ثوار العراق أن يفرزوا أولئك الذين يريدون أن يجدوا اليوم مكاناً جديداً، وهم معروفون على امتداد العهود السابقة، إذ كما مالت يميلون، وفي كل عهد يهزجون ويرقصون، بل ويغيرون جلودهم في الوقت المناسب. والمتمنى من الشرفاء رصد هؤلاء وتعريتهم، وكشف زيفهم، ومنعهم من لبس أقنعة جديدة، ومن استغلال الانتفاضة، أو الثورة، لتغييرها أو حرفها عن مبادئها الأساسية، فهل ستتطور الانتفاضة إلى حالة ثورية، أم سيقمعها النظام الحاكم؟ هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة.
سيّار جميل
صحيفة العربي الجديد