بيروت تحبس أنفاسها.. قلب لا يزال ينبض تحت الأنقاض

بيروت تحبس أنفاسها.. قلب لا يزال ينبض تحت الأنقاض

بيروت – تتواصل عمليات البحث عن ناج محتمل تحت أنقاض مبنى مدمر في بيروت، المدينة المنكوبة التي تحبس أنفاسها في انتظار “معجزة”، بعد مرور شهر على انفجار مروّع أغرق اللبنانيين في صدمة لم يستفيقوا منها بعد.

وينقب عمال الإنقاذ بأيديهم وسط أنقاض مبنى منهار في بيروت الجمعة، بعد رصد علامات على وجود حياة تحت تل من الركام بعد الانفجار الذي ألحق دمارا واسعا في بيروت.

وأحيت الأنباء عن إمكانية العثور على شخص على قيد الحياة في شارع مار مخايل المنكوب، آمال كثيرين في بلد ما زال ينوء تحت عبء الفاجعة غير المسبوقة التي خلّفت 191 قتيلاً وتسببت بإصابة أكثر من 6500 بجروح وشرّدت نحو 300 ألف من منازلهم فيما تفيد تقديرات رسمية عن استمرار وجود سبعة مفقودين على الأقل.

وواصل عناصر الدفاع المدني وعمال إنقاذ صباح الجمعة عمليات البحث تحت أنقاض مبنى مدمّر في شارع مار مخايل في بيروت غداة رصد فريق بحث وإنقاذ تشيلي وصل حديثاً إلى بيروت، عبر جهاز مسح حراري متطور، “نبضات قلب في المكان الذي استدلّ كلب مدرّب برفقتهم الى رائحة فيه.

وقال مدير العمليات في الدفاع المدني جورج أبو موسى “نعمل منذ ساعات الليل من دون توقّف، رفعنا أنقاضاً لكن لم نصل إلى نتيجة بعد”.

وأوضح نيكولاس سعادة الذي يعمل في منظمة تتولى التنسيق بين فريق البحث التشيلي والدفاع المدني، “بعد إزالة الأنقاض الكبيرة، أجرينا مسحاً جديداً لرصد نبضات قلب أو نفس، وأظهر المسح معدلاً منخفضاً.. سبعة في الدقيقة الواحدة” بعدما كان سجّل سابقاً معدلاً تراوح بين “16 إلى 18” في الدقيقة.

ويحاول عمال الإنقاذ وفق سعادة، “العثور على نفق.. يسمح لأحد أعضاء الفريق التشيلي بالدخول والبحث عن أي ناج أو جثة”.

اللبنانيون صبوا جام غضبهم على السلطات التي يحملونها مسوؤلية الانفجار جراء التقصير والإهمال.

وتحوّل المبنى الذي كان يضمّ في طابقه الأرضي حانة، وفق سكان الحي، الى كوم ركام نتيجة انفجار الرابع من أغسطس، ما جعل عمليات البحث تتطلب مهارات عالية ودقة.

ولا يملك لبنان تجهيزات لإدارة الكوارث ولا إمكانات تقنية. وسارعت دول عدة الى إرسال فرق إغاثة ومساعدات تقنية لمساعدته بعد الانفجار، ولكن على الرغم من شبه استحالة وجود حياة بعد شهر على الانفجار، يتعلق كثيرون بالأمل الضئيل.

وكان توقّف عمليات البحث لبعض الوقت ليلاً قد أثار غضباً واسعاً في المنطقة المنكوبة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن قيادة الجيش أوضحت الجمعة أن العمل توقف لساعتين ليلاً “بسبب خطر انهيار أحد الجدران المتصدعة في المبنى”.

ويصبّ اللبنانيون جام غضبهم على السلطات التي يحملونها مسوؤلية الانفجار جراء التقصير والإهمال.

وكتب المهندس جاد نصرالله الجمعة تحت صورة التقطها لعمليات البحث “لست قادراً إلا على التفكير بحلّ وحيد: عنصر بشري يتسلل من بين الركام، يشق طريق المتمسكين بإشارة الحياة التي تصرخ من تحت”.

لللل

وشكّل الانفجار ضربة قاضية للبنان الغارق منذ العام الماضي في أسوأ انهيار اقتصادي، وسط خلافات سياسية وضغط دولي لإجراء إصلاحات بنيوية وترهّل المرافق العامة وتفشي الفساد.

وعلى وقع غضب الشارع، استقالت حكومة دياب. ومع تصاعد الضغط الدولي، خصوصاً من فرنسا التي زار رئيسها إيمانويل ماكرون بيروت مرتين بعد الانفجار، توافقت غالبية القوى السياسية على تكليف مصطفى أديب تشكيل حكومة جديدة خلال أسبوعين.

وتعهد أديب بتشكيل حكومة تضم “اختصاصيين تعالج بسرعة وحرفية الملفات المطروحة وتستعيد ثقة اللبنانيين” الذين يطالبون برحيل الطبقة السياسية مجتمعة.

وتعتزم فرنسا تنظيم مؤتمر دعم دولي للبنان الشهر المقبل بعد تعهد المجتمع الدولي في مؤتمر أول نظمته بعد أربعة أيام من الانفجار بتقديم 250 مليون يورو لدعم اللبنانيين على ألا تمر بمؤسسات الدولة المتهمة بالفساد.

وأمهل ماكرون القوى السياسية بين ستة الى ثمانية أسابيع لوضع قطار الإصلاح على السلكة. ويشترط المجتمع الدولي حصول إصلاحات اساسية لتقديم دعم للبنان يتعدى تدعيات الانفجار.

إلا أن كل ذلك لم يخفّف من غضب لبنانيين لا يجدون تفسيرا للمأساة.

كتبت الأستاذة الجامعية ريتا باروتا التي تدمر منزل عائلتها في مار مخايل وأصيبت والدتها جراء الانفجار على حسابها على فيسبوك، “شهر على المأساة:… وما زلنا ننتظر وجهاً لقلب ينبض تحت حجر. وما زلنا لا نستوعب شيئاً”.

العرب