الكاظمي يستبق هجمات للميليشيات بتحصين المنطقة الخضراء

الكاظمي يستبق هجمات للميليشيات بتحصين المنطقة الخضراء

في خطوة يرى مراقبون أنها تضع العراق على شفا مواجهة بين المعسكر الموالي لإيران والحكومة، استدعى رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، تعزيزات عسكرية كبيرة إلى المنطقة الخضراء لتحصينها ضد هجمات محتملة للميليشيات الشيعية التي تحشد لمواصلة تهديد المقار الدبلوماسية، وهو تهديد يكاد يعزل العراق عن محيطه العربي والدولي.

بغداد – استبق رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، السبت، مخططات للميليشيات الإيرانية تستهدف محيط الكاظمي الذي اتخذ أولى الخطوات لتأمين المنطقة الخضراء التي يعمل فيها والتي تضم مقرات الحكومة والبعثات الدولية، وذلك من خلال الاستعانة بتعزيزات عسكرية كبيرة أثارت تحركاتها الجدل.

وأمضت بغداد الساعات الأخيرة من ليل الجمعة – السبت في تداول أنباء متضاربة عن التحركات العسكرية التي رصدها السكان بشكل مفاجئ.

وارتبطت معظم التفسيرات بمحاولة مزعومة من قبل الميليشيات الموالية لإيران لاقتحام السفارة الأميركية داخل المنطقة الخضراء، لاسيما عندما تسربت وثيقة عراقية سرية تتضمن أوامر للقطعات العسكرية في بغداد برفع حالة التأهب إلى الإنذار الأعلى.

ورصد إعلاميون ومدونون حركة أرتال عسكرية باتجاه المنطقة الخضراء في الساعات الأخيرة من ليل الجمعة، تضمنت نقل مدرعات وناقلات جند وأسلحة متوسطة.

وبينما أجمعت المصادر المحلية على أن التحركات تخص قطعات عسكرية عراقية، قال الدبلوماسي الإيراني أمير موسوي إن الجيش الأميركي يتحرك لتحصين سفارة بلاده في بغداد، في إطار خطته لشن هجمات ضد شخصيات عراقية، في إشارة إلى نية الولايات المتحدة استهداف قادة الميليشيات التابعة لطهران.

وأجبرت حالة الترقب العامة في بغداد السلطات العسكرية إلى الإعلان أن التحركات التي رصدها السكان روتينية، وتأتي في إطار تعزيز الأمن العام، نافية وجود نوايا تعرضية.

وانفردت “العرب” في وقت سابق بالكشف عن وجود قرابة 10 آلاف مسلح تابعين للميليشيات الإيرانية وقوات الحشد الشعبي داخل المنطقة الخضراء ومحيطها، وسط تسريبات تشير إلى أن مهمتهم اقتحام السفارة الأميركية والسيطرة على مقرات الحكومة العراقية في حال انزلقت الأوضاع في البلاد إلى مواجهة مباشرة بين واشنطن وطهران.

وقالت مصادر إن الميليشيات الشيعية ستسعى إلى محاصرة المنطقة الخضراء وسط مساع حثيثة يبذلها الكاظمي لمنع بعثة الأمم المتحدة وسفارات الولايات المتحدة وأخرى أوروبية من مغادرة العاصمة العراقية بسبب التهديدات الأمنية.

وعززت عدة ميليشيات شيعية وجودها العسكري في منطقتي الجادرية ضمن جانب الرصافة والصالحية ضمن جانب الكرخ، بحجة حماية مقرات تملكها هناك من تهديد حركة الاحتجاج الشعبية الواسعة التي انطلقت في أكتوبر 2019.

وتقع المنطقة الخضراء بين الجادرية والصالحية على مسار نهر دجلة، وهي تضم أجزاء منهما عمليا.

الكاظمي يستبدل القوات المكلفة بحماية المنطقة الخضراء، في ظل شكوك تحيط بولاء ضباط، وعلاقة آخرين بالميليشيات

وتعد الجادرية، وهي إحدى أرقى مناطق بغداد، وجهة مفضلة لسكن زعماء الميليشيات ومكاتبهم الخاصة، فيما تقع السفارة الإيرانية ضمن منطقة الصالحية، ما يعني أن الوجود العسكري الميليشياوي أمر مفروغ منه.

وتقول مصادر عسكرية عراقية إن التحركات التي أمر بها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ليل الجمعة السبت في بغداد، تأتي في إطار خطة طارئة لموازنة حجم النيران الذي يمتلكه أتباع إيران في محيط المنطقة الخضراء، مؤكدة أن نشر التعزيزات العسكرية العراقية داخل هذه المنطقة ومحيطها سيستمر خلال الأيام القليلة القادمة، لحين ضمان تفوق ناري شامل للجيش العراقي.

ويرى مراقبون أن هذه التطورات تمثل مؤشرا جديدا على اقتراب العراق من لحظة مواجهة فاصلة بين معسكري الحكومة وحلفاء إيران، بعدما بلغت التوترات بين الطرفين مداها الأقصى خلال الأسابيع القليلة الماضية.

واستبق الكاظمي هذه التحركات باستبدال القوات المكلفة بحماية المنطقة الخضراء، في ظل شكوك تحيط بولاء بعض الضباط، وعلاقة ضباط آخرين بمجموعات مسلحة.

وغيرت القوة الجديدة المكلفة بحماية المنطقة الخضراء النمط الأمني المتبع في المنطقة، ونشرت تعزيزات كبيرة في أرجائها واستقدمت آليات ثقيلة من خارجها.

وتضع الميليشيات العراقية التابعة لإيران حكومة الكاظمي في جبهة الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج، وتتهمها بالعمالة بشكل علني.

ويقول مراقبون إن الكاظمي يتعرض لضغوطات مزدوجة، ممثلة بمعايير المجتمع الدولي العالية لمفهوم الأمن وحماية العملية السياسية من التدخلات الخارجية من جهة، ومظاهر النفوذ الإيراني السلبي من جهة أخرى.

ويريد الكاظمي الاستجابة لشكوك بعثات غربية وعربية عديدة بشأن قدرة الحكومة العراقية على صيانة علاقاتها الخارجية ومنع إيران من استخدام ورقة تهديد السفارات في زعزعة الاستقرار الهش أساسا.

وقالت مصادر سياسية إن بعثة الأمم المتحدة في العراق قادت جهود وساطة لإيقاف ظاهرة قصف السفارات والمعسكرات والمطارات التي تستضيف قوات أميركية بالصواريخ من قبل الميليشيات الموالية لإيران، تضمنت تفاهما مع رئيس أركان هيئة الحشد الشعبي الذي يكني نفسه بـ”أبوفدك”.

لكن الوساطة نجحت فقط في خفض عدد الهجمات، من دون إيقافها، ما أشر على فشلها.

ويقول مراقبون إن البعثة الأممية تسعى لتهدئة التوترات بين أطراف النزاع مؤقتا في العراق، ومنح الانتخابات العامة المرتقبة، التي تريد الحكومة إجراءها صيف العام القادم، الفرصة لتغيير المعادلة السياسية الحالية، التي تمنح حلفاء إيران أفضلية على مناوئيهم.

ولم توضح المصادر ما إذا كانت التحركات العسكرية الأخيرة ليل الجمعة السبت في محيط المنطقة الخضراء، جاءت استجابة لفشل الوساطة الأممية مع ما يعرف بـ”مجموعات الكاتيوشا”، لكنها أكدت عزم الحكومة على التصدي لأي خطط تستهدف زعزعة الأوضاع الأمنية في العاصمة العراقية.

العرب