مشروع جبهة وطنية في تونس يثير مخاوف النهضة

مشروع جبهة وطنية في تونس يثير مخاوف النهضة

تونس – تعمل أوساط سياسية تونسية على تأسيس جبهة وطنية هدفها إنقاذ البلاد من الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الحرج الذي تواجهه منذ سنوات وعمّقته تداعيات أزمة فايروس كورونا العالمية.

ومن المتوقع أنّ تضمّ الجبهة الرئيس قيس سعيد والتيار الديمقراطي وحركة الشعب والاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة الشغيلة في البلاد.

وتتخوف حركة النهضة الإسلامية، التي تحاول الهيمنة على المشهد السياسي في تونس، من تأسيس جبهة تجمع أغلب القوى السياسية في البلاد، إذ في حال تم تأسيسها ستجد الحركة نفسها في مواجهة تكتّل قوي يقوّض نفوذها.

وأوضح الأمين العام لحركة الشعب (16 نائب)، زهير المغزاوي لوسائل إعلام محلية، أن “رئيس الجمهورية قيس سعيد قد يقود جبهة وطنية تضم التيار الديمقراطي وحركة الشعب واتحاد الشغل في مواجهة الاسلام السياسي وحلفائه”، مبينا أنهم يشتركون في نقاط لا خلاف كبير عليها.

وقال المغزاوي إنّه عقد لقاء مع قيس سعيد لتقييم وضع تونس بعد مرور 10 سنوات على الثورة، ووقع الاتفاق خلاله على عقد اجتماعات أخرى، مضيفا أن لقاءات انتُظمت كذلك مع اتحاد الشغل الذي سيقدّم مبادرة خاصّة به للرئيس سعيد.

ويرى متابعون أنّ قيام هذه الجبهة من شأنه أن يضيّق الخناق على حركة النهضة الإسلامية التي تسعى لفرض أجنداتها وبسط نفوذها على دواليب عمل الحكومات التونسية المتعاقبة، وتحاول عرقلة مشاريع قوانين منظمة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية.

وستكون الجبهة “الديمقراطية” عقبة أمام النهضة التي تواجه انشقاقات داخلية قد تؤول بها إلى الانقسام إثر تتالي استقالة عدد من قياداتها احتجاجا على تمسّك راشد الغنوشي برئاسة الحركة.

وانكمش اقتصاد تونس المعتمد على السياحة بـ21.6 في المئة في الربع الثاني من 2020 مقارنة مع مستواه قبل عام، إذ تضرر بشدة من حظر السفر المفروض لكبح انتشار فايروس كورونا.

واضطرت الأزمة الاقتصادية حكومة هشام المشيشي إلى سحب مشروع موازنة تكميلية باهظة التكلفة بعد رفض البنك المركزي إصدار سندات لتمويل العجز القياسي في موازنة 2021.

وستقلص الحكومة عجز الميزانية التكميلية لعام 2020 من نحو 14 في المئة مقررة سابقا إلى 11.4 في المئة، تحت ضغط من البرلمان والبنك المركزي اللذين طالباها بخفض الإنفاق.

وستحتاج تونس إلى تمويلات إضافية تُقدر بنحو 8.1 مليار دينار (2.95 مليار دولار) بعد أن كانت في حدود 12 مليارا سابقا.

من جانبها، أوضحت النائبة عن الكتلة الديمقراطية (22 نائب)، ليلى الحداد، أن التوجه لإحداث جبهة وطنية يأتي في إطار الوضع المالي الصعب والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد.

وقالت الحداد إن تدخل رئيس الجمهورية سيكون في إطار بسط الأمن القومي العام من خلال إيجاد حلول لإخراج تونس من هذا المأزق الاقتصادي الاجتماعي وبحث الحلول الجدية.

وأفادت أن هذه الجبهة لها تصور إصلاحي، وهي مشروع جدي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، داعية جميع القوى الاجتماعية والمدنية والأحزاب السياسية للانخراط في هذا المشروع ليكون حوارا شاملا بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة.

ويرى متابعون أن هذه الجبهة الوطنية ستكون بهدف مواجهة مشاريع أحزاب الإسلام السياسي وحلفائهم الذين يفرضون على تونس السير في طريق قد تؤول بها إلى تفجّر أزمة غير مسبوقة على الصعيد السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي.

أما الاتحاد العام التونسي للشغل فنفى مشاركته في الجبهة، إذ عبّر الأمين العام نورالدين الطبوبي على أنه غير معني بالمشاركة في الجبهة السياسية.

وقال في تصريحات لوسائل إعلام محليّة:”نحن فقط طرحنا على الرئيس بعض الأطياف السياسية خطة لانقاذ البلادمن الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المتأزم”

وتابع “في تونس هنالك مؤسسة منتخبة لذلك من الصعب العودة لحوار وطني على غرار 2014 موضحا أن رئيس الجمهورية هو القادر على لعب هذا لدور بما أنه شخصية جامعة منتخبة”

وقال الطبوبي الظرف يختلف تماما على سنة 2014 ويجب أن يكون هنالك حوار شامل فيه كثير من الوعي وبعيد عن المحاصصة”.

وطالب أمين عام الاتحاد بحوار شامل بعيدا عن الصراعات السياسية ومساعي التموقع من أجل السلطة، محذّرا من انهيار الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تونس ما يستوجب ضرورة مواجهة التحديات التي لم تعرفها البلاد في تاريخها الحديث.

وبدوره، أعلن الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي عن مبادرتين لإخراج البلاد من أزمتها ، تتمثل الأولى “في حوار وطني اقتصادي واجتماعي باعتبار أن الثورة التونسية في الأساس اقتصادية واجتماعية”.

وطرح الشواشي مبادرة ثانية سياسية تهدف إلى مراجعة المنظومة الانتخابية في تونس وخاصّة القانون الانتخابي ومرسومي الأحزاب السياسية والجمعيات.

وشدد على أنه “لابد أن تكون هناك لجنة وطنية تشارك فيها جميع الأطراف من منظمات ومجتمع مدني وأحزاب سياسية لبلورة تصور جديد للمنظومة الانتخابية”.

ودعا الشواشي إلى إقرار” قانون لسبر الآراء، وآخر لتمويل الأحزاب السياسية لتجنب الأموال الأجنبية” مشددا على ضرورة “تنظيم القطاع السمعي البصري والإعلام وتجنب توظيفه لغايات سياسية وانتخابية”.

العرب