باعت شركة أرامكو السعودية سندات في 5 شرائح بقيمة 8 مليارات دولار، أمس الثلاثاء، في عودتها الأولى لأسواق الدين منذ نيسان/أبريل من العام الماضي، في وقت تسعى فيه أكبر منتجة للنفط في العالم إلى سيولة بعد أن ألحقت أسعار النفط المنخفضة ضررا بأوضاعها المالية.
وأظهرت وثيقة أصدرها أحد البنوك التي تقود الصفقة أن عملاقة النفط السعودية تلقت طلبات بقيمة 48.1 مليار دولار لمبيعات الدين، وهو أقل من نصف ما اجتذبته باكورة مبيعاتها من السندات العام الماضي.
وكانت الشركة -التي تنتج بالمتوسط 10 ملايين برميل من النفط الخام يوميا- قد جمعت 12 مليار دولار في أول بيع لسندات دولية العام الماضي، عندما اجتذبت طلبات بقيمة 100 مليار دولار.
وتأتي هذه الخطوة في إطار حملة في أسواق الدين الدولية من مصدرين خليجيين، لسد عجز مالي ناتج عن جائحة فيروس كورونا وضعف أسعار النفط، وهو ما دفع الإصدار الإقليمي ليتخطى المستوى القياسي المسجل العام الماضي، متجاوزا 100 مليار دولار.
وتراجع سعر خام برنت القياسي بنحو 35% هذا العام إلى نحو 44 دولارا للبرميل.
الحاجة إلى أموال لدفع التوزيعات
وتحتاج أرامكو -التي أعلنت عن هبوط 44.6% في أرباح الربع الثالث- إلى أموال لدفع توزيعات بقيمة 37.5 مليار دولار عن النصف الثاني من 2020، وتمويل صفقة شراء 70% من الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) وقيمتها 69.1 مليار دولار.
واقترضت الشركة أيضا 10 مليارات دولار هذا العام، على أن تقوم بسدادها في أقساط حتى 2028، لدعم ذلك الاستحواذ.
وأظهرت الوثيقة أن أرامكو باعت سندات لأجل 3 سنوات بقيمة 500 مليون دولار عند 110 نقاط أساس فوق سندات الخزانة الأميركية، وسندات لأجل 5 سنوات بقيمة مليار دولار عند 125 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية.
كما باعت سندات لأجل 10 سنوات بقيمة ملياري دولار عند 145 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية، وسندات لأجل 30 عاما بقيمة 2.25 مليار دولار عند 3.3%، وسندات لأجل 50 عاما بقيمة 2.25 مليار دولار عند 3.55%.
وشريحة الـ50 عاما هي الدين الدولي الأطول أجلا الذي تصدره السعودية. ففي أبريل/نيسان الماضي أصدرت المملكة شريحة سندات لأجل 40 عاما، وكانت في ذلك الوقت أطول إصدار لسندات مقومة بالدولار من مقترض خليجي، قبل أن تتخطاه شريحة لأجل 50 عاما أصدرتها أبو ظبي في أغسطس/آب المنصرم.
والأسبوع الماضي، عدلت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية (Fitch Ratings)، النظرة المستقبلية لشركة أرامكو السعودية، من مستقرة إلى سلبية.
وقالت فيتش في تقرير بحثي إن الدافع وراء مراجعة النظرة المستقبلية لأرامكو إلى سلبية، هو إجراء تعديل مماثل للمملكة التي تعد المساهم الأكبر في الشركة. وأشارت إلى أن أرامكو عرضة بشكل أكبر لمخاطر التحول في الطاقة، مقارنة بشركات النفط الكبرى، وخصوصا في أوروبا.
تفسيرات
وقال المحلل المالي نضال خولي -للجزيرة نت- إن تراجع شهية المستثمرين إزاء السندات السعودية يعود إلى عوامل عدة، أبرزها ارتفاع هامش المخاطرة في ظل تراجع أسعار النفط بسبب تداعيات فيروس كورونا، وضبابية سوق النفط بانتظار النتائج النهائية للانتخابات الأميركية، فضلا عن الوضع المالي للمملكة.
وأضاف أن المستثمرين كانوا ينظرون إلى أرامكو -قبل عملية الاكتتاب العام في حصة من أسهمها العام الماضي- على أنها شركة عملاقة تتمتع بقوة مالية لارتباطها بشكل مباشر بميزانية الدولة، لكن بعد عملية بيع جزء من أسهمها بات هؤلاء المستثمرون يأخذون عامل المخاطرة بعين الاعتبار.
وأشار إلى أن من بين العوامل المؤثرة أيضا: انتظارات المتعاملين بشأن حجم الاكتتاب وحجم التداول على أسهم أرامكو، والتي جاءت أقل من التوقعات مما جعلهم يلتقطون إشارة بضرورة احتساب عامل المخاطرة في أي قرار للاستثمار في الشركة.
ولفت نضال خولي إلى أن شهية المستثمرين ربما تأثرت بالضبابية التي تحيط بمستقبل سوق النفط، حيث إن حكم الديمقراطيين قد يدفع باتجاه مزيد من الانهيار لأسعار الذهب الأسود.
المصدر : الجزيرة + وكالات