بغداد – شهدت العاصمة العراقية تطورا لافتا أعاد إلى الأذهان صور ممارسات تنظيم داعش ضد المدنيين في المناطق التي يسيطر عليها، بحجة تطبيق الشريعة، إذ اقتحمت مجموعة مسلّحة يحمل بعض عناصرها الهراوات مركز مسّاج وسط بغداد، واعتدت على العاملين والعاملات فيه وقطعت شعور بعضهن، قبل أن تحطّم محتوياته وتضرم النيران فيه.
وقالت مصادر أمنية إن المسلحين اقتحموا، مساء الخميس، فندق جبل بيروت الذي يضم مركز شيلان للمسّاج قرب تقاطع المسبح وسط بغداد، وقاموا بالاعتداء على العاملين والزبائن وسرقة ممتلكاتهم الشخصية قبل إضرام النيران في المركز وإحراقه كليّا.
وتضمنت تسجيلات فيديو من موقع الهجوم مشاهد مروعة تظهر تجمهر شبان يرتدون قمصانا سوداء كُتب عليها باللون الأصفر “ربع الله” حول فتاة أُخرجت عنوة من مركز المساج إلى الشارع وانهيالهم عليها ضربا بالهراوات على جميع أجزاء جسدها.
وعمدت عناصر الميليشيا إلى جز شعر عدد من الفتيات العاملات في المركز خلال تعذيبهن، وهو ما أظهرته صور عديدة من موقع الاعتداء الذي شارك فيه نحو 60 شخصا، استقلوا أكثر من 20 عربة وهم يحملون بنادق رشاشة وهراوات وعصي وزجاجات مولوتوف.
ووقع الاعتداء في منطقة الكرادة وسط بغداد التي تعد معقلا للعديد من الأحزاب والتيارات الشيعية الرئيسية.
وتزامن الاعتداء على مركز المساج مع أنباء عن إطلاق الميليشيات العراقية التابعة لإيران حملة ضد محال بيع المشروبات الروحية في بغداد، بدأت بهجوم على أحدها في منطقة شارع 42 في وقت متأخر من مساء يوم الخميس.
وذكرت مصادر في الشرطة المحلية أن مخبرين قدموا معلومات عن نية الميليشيات مهاجمة المحال الكبيرة والمخازن الرئيسية لبيع المشروبات الروحية في بغداد عبر عبوات وقنابل صوتية لتدميرها أو ترهيب أصحابها ودفعهم إلى إغلاقها.
“ربع الله” عنوان تحشد تحته الميليشيات العراقية التابعة لإيران مقاتليها عندما تريد أن تهاجم خصومها من دون تبعات
وتتطابق هذه السلوكيات مع ما قام به تنظيم داعش في المناطق السنية التي سيطر عليها بدءا من صيف 2014 حتى وصل حد منع التدخين فيها، مُوقعاً أقسى العقوبات بمن يخالف أوامره.
وشكل الاعتداء على مركز المسّاج، الذي وقع أمام أنظار رجال الأمن صدمة لدى أهالي بغداد وعدّه كثيرون إعلانا كاملا عن ولادة “داعش شيعي” يحمل اسم “ربع الله”.
و”ربع الله” هو عبارة عن عنوان تحشد تحته الميليشيات العراقية التابعة لإيران عناصرها ومقاتليها عندما تريد أن تنظم تظاهرة أو تحاصر مقر مؤسسة إعلامية.
وتقول الميليشيات إن “ربع الله” هو جمهورها غير المنظم لكن الأجهزة الأمنية أثبتت مرارا أن جميع عناصر هذا التشكيل هم مقاتلون في فصائل مسلحة تحركها إيران.
ويقول مراقبون إن ظاهرة “ربع الله” هي دليل حي على الحصانة التي يحظى بها السلاح الشيعي المنفلت في العراق مقارنة بجميع الطوائف والقوميات الأخرى.
ولم ينل الاعتداء على مركز المسّاج أو حملة تفجير محال الخمور تغطية كافية في وسائل الإعلام العراقية في إشارة واضحة إلى الهيمنة الإيرانية الواسعة على هذا القطاع، حيث يتحكم الحرس الثوري الإيراني في العشرات من المحطات الفضائية والإذاعية والوكالات الإخبارية والمنصات الساندة لها في السوشيال ميديا.
ويشكك كثيرون في قدرة الحكومة على إجراء انتخابات نزيهة في هذه الأجواء حيث يمكن للعشرات من المسلحين إغلاق شارع كبير وسط بغداد واقتحام مكان ما وضرب كل من فيه ثم إحراقه، وسط التصفيق والأهازيج الحماسية، أو زرع عبوات ناسفة عند أبواب محال تقع ضمن مناطق تجارية مكتظة بالحركة على مدار الساعة من دون أن تخشى ملاحقة أو عقابا أو حتى توجيه اتهام صريح لجهة معروفة.
وفضلا عن “ربع الله” هناك مجموعة أخرى تدعى “أبوجداحة” مهمتها إحراق المقرات التابعة لخصوم إيران من ساسة ومؤسسات إعلامية وغيرها.
ويقول مراقبون إن الميليشيات تستخدم هذه التكتيكات في المناطق الشيعية حصرا لتحضير الأجواء للانتخابات القادمة.
ويمكن أن تستخدم إيران هذه المجموعات في تحديد من الذي يمكن أن يخرج من بيته للمشاركة في الانتخابات، الأمر الذي سيضمن الفوز لأتباعها، وإخضاعا كليا لجميع منافسيها أو خصومها في دائرة السياسة الشيعية العراقية.
العرب