باعتبارها أول وزيرة للخزانة في الولايات المتحدة تحظى جانيت يلين المنتمية للشق الديمقراطي بالاحترام في صفوف الجمهوريين.
وقال الكاتبان بيير إيف دوغوا وأرميل بوهينوست في تقرير نشرته صحيفة “لوفيغارو” (Lefigaro) الفرنسية إن اختيار جانيت يلين من قبل الرئيس المنتخب جو بايدن كوزيرة للخزانة لقي استحسانا في الأوساط المالية، فقد تولت جانيت منصب رئيس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) في عهد باراك أوباما.
كما أنها خبيرة اقتصادية ديمقراطية متمرسة تتمتع بخبرة كبيرة وتحظى باحترام العديد من الجمهوريين، وقادرة على التفاوض مع قادة الكونغرس الجديد على خطة واسعة لدعم الاقتصاد لمواجهة خطر عودة الولايات المتحدة إلى الركود الاقتصادي.
ويعتمد مدى ومدة هذه الخطة -التي سيتعين على جانيت يلين تنسيقها أولا- على احتمال اعتماد الكونغرس المنتهية ولايته -في وقت مبكر من الشهر المقبل- خطة مؤقتة، وإذا توصل مجلس الشيوخ الجمهوري المتردد في الوقت الحالي بشأن إنفاق أكثر من 500 مليار دولار لمساعدة العاطلين عن العمل والشركات التي تواجه صعوبات إلى تسوية مع مجلس النواب الديمقراطي فإنه يمكن لدونالد ترامب اعتماد هذا القانون قبل احتفالات عيد الميلاد.
ويقول الكاتبان إن القدرة على تقديم لقاحات فعالة ضد كورونا لعدد كبير من الأميركيين في عام 2021 ستكون هي العامل الآخر المحدد لحجم الإنفاق لمرة واحدة التي سيتعين على جانيت يلين تأمينها من الهيئة التشريعية عندما تتولى منصب وزيرة الخزانة، أي وزارة الاقتصاد والمالية في الولايات المتحدة الأميركية، ولن تتولى منصبها حتى نهاية يناير/كانون الثاني.
ومع ذلك، يطالب الديمقراطيون -يضيف الكاتبان- في مجلس النواب حتى الآن بما لا يقل عن 2.4 تريليون دولار من المساعدات للأسر والشركات، وكذلك الدول والمجتمعات المحلية، وهذا يفسر اختيار جانيت يلين من قبل الرئيس المنتخب.
ويحتاج جو بايدن إلى أشخاص من ذوي الخبرة في حكومته يوافق عليهم مجلس الشيوخ بسرعة ويحظون بالمصداقية مع المسؤولين المنتخبين من كلا الحزبين.
فرض الضرائب على الأغنياء
أوضح الكاتبان أن جانيت يلين تلبي هذه المواصفات، فهي خريجة جامعة ييل في الاقتصاد، عينها باراك أوباما عام 2014 في منصب أول رئيسة لنظام الاحتياطي الفدرالي القوي للغاية.
وبالإضافة إلى ذلك فإنه معروف أيضا عن جانيت يلين أنها تعمل بجد وتعرف ملفاتها جيدا، ولديها “القدرة على التوصل إلى توافق في الآراء” بفضل قدرتها على الاستماع، وهو ما يؤكده الحائز على جائزة نوبل جوزيف ستيغليتز في العلوم الاقتصادية الذي كان مدرسها ويعتبرها من أفضل الطلاب الذين عرفهم على الإطلاق.
ويعول الاقتصاد الأميركي أيضا على العلاقات الودية بين جانيت يلين وخلفها في منصب رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول لحل الخلاف الأخير بينه وبين وزير الخزانة الحالي ستيفن منوتشين.
وسحب وزير الخزانة المنتهية ولايته للتو ضمانات بقيمة 70 مليار دولار من الاحتياطي الفدرالي من المفترض أنها كانت موجهة لدعم التدخلات الاستثنائية المحتملة من قبل البنك المركزي في أسواق الائتمان للمجتمعات والشركات المحلية، وهو القرار الذي أثار استياء جيروم باول وخلق حالة من عدم الارتياح بين البنك المركزي والسلطة التنفيذية، في وقت عاد فيه الاقتصاد إلى التراجع مرة أخرى.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن من المفترض أن تمضي جانيت يلين قدما في العناصر الرئيسية الأخرى لبرنامج جو بايدن، ولا سيما الزيادات الضريبية المفروضة على الشركات ودافعي الضرائب الأكثر ثراء، فضلا عن أشكال الضرائب المفروضة على انبعاثات الكربون.
وإلى جانب ذلك، ستلعب وزيرة الخزانة المستقبلية دورا مهما في التفاوض بشأن الاتفاقيات الدولية لإصلاح الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات، خاصة الشركات الرقمية العملاقة.
معدل ذكاء كبير
لدى جانيت يلين -التي يلقبها أصدقاؤها بـ”السيدة صغيرة الحجم بمعدل ذكاء كبير” والبالغة من العمر 74 عاما- حظوظ كبيرة لتصبح بحلول شهر فبراير/شباط أول امرأة على رأس وزارة الخزانة، وكانت أيضا أول من يرأس مجلس الاحتياطي الفدرالي من 2014 إلى 2018، وسبق أن تولت منصب مستشارة اقتصادية للرئيس بيل كلينتون من 1997 إلى 1999، وترأست أيضا قسم الخزينة.
وأبرز الكاتبان أن لهجتها وقصر قامتها وتفضيلها المصالحة لا ينتقص من كفاءتها، فقد تخصصت خلال دراستها في سوق العمل، وركزت بشكل خاص على البطالة وأسبابها وآلياتها وآثارها، وفي إحدى المناسبات قالت في مؤتمر لاتحاد النقابات الأميركية إن العاطلين عن العمل “ليسوا مجرد إحصائيات بالنسبة لي”.
تدخل الدولة
باعتبارها رئيسة لمجلس الاحتياطي الفدرالي لطالما دافعت جانيت عن تدخل الدولة لتنظيم الاقتصاد وتقليل عدم المساواة وكبح دورات النمو والانحدار.
وتزوجت من جورج أكرلوف الذي التقت به بعد تخرجها عندما انضمت إلى مجلس الاحتياطي الفدرالي كخبيرة اقتصادية.
وشارك الخبيران الاقتصاديان بحثهما بينما كانت جانيت يلين تدرس في هارفارد وكلية لندن للاقتصاد، وحصل زوجها على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2001، والتي تقاسمها مع مايكل سبنس وجوزيف ستيغليتز.
وفي هذا السياق، صرح الجمهوري والمستشار الاقتصادي السابق لدونالد ترامب غاري كوهن قائلا “ليس لدي شك في قدرة جانيت يلين على توفير الاستقرار الذي نحتاجه لتعزيز اقتصاد يخدم الجميع، خاصة في هذه الأوقات الصعبة”.
ويختم تقرير صحيفة لوموند بأنه كدليل على قدرة هذه الخبيرة الاقتصادية اليسارية المعتدلة على خلق إجماع فكر دونالد ترامب في تمديد فترة ولايتها في منصب رئيسة مجلس الاحتياطي الفدرالي في عام 2018.
المصدر : لوفيغارو