طهران – عرضت أوروبا والصين وروسيا نفسها لِلَعب دور العرّاب في التقارب بين إيران وإدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن في ما تبقى من أسابيع قليلة على استلامه السلطة، في الوقت الذي تسعى فيه السلطات الإيرانية إلى إظهار تحديها لإدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب عبر التلويح بلعب ورقة الميليشيات العراقية.
وقال وزراء الدول الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني، الاثنين، “إنهم يريدون الرد بشكل إيجابي” على احتمال عودة الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات، فيما حث الأوروبيون إيران على عدم القيام بما يلحق الضرر بمستقبل الاتفاق.
واجتمع وزراء خارجية أوروبا والصين وروسيا وإيران، في لقاء عبر الإنترنت، لمحاولة تهدئة الأمور بانتظار تسلم الإدارة الأميركية الجديدة الحكم، بينما تتخذ إيران إجراءات تبعدها عن التزاماتها في إطار الاتفاق.
وتريد هذه الدول، المستفيدة من إعادة فتح السوق الإيرانية، استثمار انشغال العالم بتطورات فايروس كورونا وفرص الحصول على اللقاحات، فضلا عن انشغال داخلي في الولايات المتحدة بنقل السلطة، من أجل تطبيع العلاقات الأميركية مع طهران وتعبيد الطريق أمام إدارة بايدن لتنفيذ تعهداتها بإحياء مفاوضات الاتفاق النووي.
واتفق الوزراء وفق بيان مشترك “على مواصلة الحوار (…)” وتطرقوا إلى “احتمال عودة الولايات المتحدة (إلى الاتفاق)”، مؤكدين أنهم “مستعدون للرد بطريقة إيجابية في إطار جهد مشترك”.
ويشهد الملف الإيراني توترا جديدا منذ اغتيال الفيزيائي النووي الإيراني محسن فخري زادة نهاية نوفمبر الماضي. ففي أعقاب هذا الهجوم المنسوب إلى إسرائيل، توعد التيار المتشدد في طهران بالرد، ما زاد من إضعاف الاتفاق الذي أبرم في فيينا عام 2015.
وأعربت باريس ولندن وبرلين عن “قلقها العميق” إزاء تركيب ثلاث مجموعات جديدة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة لتخصيب اليورانيوم في منشأة نطنز وسط إيران.
وكتب دومينيك راب، وزير الخارجية البريطاني، على تويتر الاثنين “لقد أوضحت أن إيران يجب ألا تنفذ التمديدات المعلنة مؤخرا ضمن برنامجها النووي”.
وأضاف “إن مثل هذه الخطوة ستعرض للخطر احتمالات التقدم التي نأمل أن نراها في عام 2021”.
ودعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى عدم “تفويت الفرصة الأخيرة” المتمثلة في تنصيب رئيس جديد في واشنطن من خلال القيام “بمناورات تكتيكية”.
وتحاول إيران إظهار تشددها في الأيام الأخيرة من حكم ترامب بُغْيَة تحسين شروط التفاوض مع الإدارة القادمة، ومنع توسيع شروط الاتفاق إلى عناصر تفصيلية تتعلق بأنشطتها الإقليمية، وخاصة ما تعلق بتطوير الصواريخ الباليستية، والهجمات التي تستهدف منشآت النفط أو الناقلات الحاملة له في مضيق هرمز وبحر العرب.
وقال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الأسبوع الماضي “لا يساورني الشك في أن صمود الشعب الإيراني خلال الأعوام الثلاثة هذه سيرغم الإدارة الأميركية المقبلة على الرضوخ أمام الشعب والعودة إلى التزاماتها، وسيتم كسر العقوبات”.
ويقول مراقبون إنه من المتوقع أن يضاعف المسؤولون الإيرانيون التصريحات النارية ضد الولايات المتحدة، أو تلك التي تقدم طهران في صورة “المنتصر” برحيل ترامب، وذلك من أجل دفع إدارة بايدن إلى تقديم تنازلات قبل بداية المفاوضات، وتخص بالأساس رفع عدد من العقوبات بما يسمح لإيران بإعادة تصدير النفط، وهو المطلب الذي يلقى الدعم من أوروبا والصين وروسيا.
كما لوحت طهران بلعب ورقة الميليشيات الشيعية في العراق عبر إطلاق صواريخ أو استهداف مواقع أميركية كنوع من المناورة للظهور بمظهر القوي وتحسين صورة السلطات في الداخل بعد الفشل في مواجهة الضغوط القوية من قِبَل إدارة ترامب والاكتفاء بالتهديدات.
وحذرت طهران الاثنين على لسان سعيد خطيب زادة، المتحدث باسم وزارة الخارجية، الولايات المتحدة من “إثارة توتر” في الفترة المقبلة، بعد اتهام واشنطن لمجموعات مسلحة “مدعومة من إيران” بالضلوع في قصف قرب سفارتها في بغداد.
العرب