مخطّط جديد لتنظيم داعش يستهدف الكويت ويدعو إلى التساؤل عن سرّ اختيار التنظيم على الساحة الكويتية لاتخاذها مدخلا إلى منطقة الخليج، وإن كان قادته يلمسون وجود بنية للتشدّد الديني في البلد تتيح لهم إمكانية التغلغل داخل مجتمعه وزرع تنظيمهم بين أوساطه.
الكويت – تعيش الكويت بدءا مساء الخميس حالة من الاستنفار الأمني تتضمن “نشر القوات الخاصة دوريات راجلة بكامل عتادها في المجمعات والمولات”، وذلك في “خطوة تستهدف فرض الانضباط والالتزام بالقانون”، بحسب تغريدة على تويتر تضمنت تصريحا منسوبا لوزير الداخلية الشيخ ثامر العلي، لم يتمّ التطرّق خلالها إلى السبب المباشر للاستنفار الأمني، لكنّ الإجراء ترافق مع كشف وسائل إعلام محلية، عمّا قيل إنّه مخطّط لتنظيم داعش يقوم على استخدام مراهقين كويتيين في تنفيذ مخططّ دامٍ في البلاد.
وجاء الكشف عن المخطّط في فترة استثنائية صعبة تمرّ بها الكويت جرّاء جائحة كورونا التي أثّرت على السير العادي للحياة بالبلد، لاسيما الحركة التجارية، وحركة التنقّل من البلاد وإليها.
لكنّ أبرز ما يميّز المرحلة الكويتية الراهنة هو الأزمة المالية المستفحلة الناتجة عن التراجع الكبير في أسعار النفط الممول شبه الوحيد لخزينة الدولة الكويتية. وقد بلغت تلك الأزمة حدّ مناقشة الحكومة لسيناريو العجز عن دفع رواتب موظّفي الدولة في حال رفض البرلمان اللجوء إلى الاقتراض لسدّ العجز.
وكشفت التحقيقات التي أجرتها السلطات الكويتية مع الأحداث المضبوطين في قضية تنظيم داعش الجديدة عن تفاصيل صادمة تمثلت في طلب أعضاء التنظيم من هؤلاء الأحداث استهداف دور عبادة ومجمعات تجارية في ليلة رأس السنة، بأسلحة نارية، ضبطت بحوزتهم.
وفي حال ثبوت المخطّط، فإنّه لن يكون أول استهداف من تنظيم داعش للكويت التي سبق لها أن شهدت صيف سنة 2015 هجوما انتحاريا داميا منسوبا للتنظيم استهدف مسجدا للشيعة في منطقة الصوابر بالعاصمة موقعا العشرات من الضحايا بين قتلى وجرحى.
قادةَ رأي وسياسيون يتساءلون إن كان داعش يلمس وجود بنية للتشدّد الديني في الكويت تمثل أرضية مناسبة له
ويدعو التركيزُ الاستثنائيُ لداعش على الساحة الكويتية، قادةَ رأي وسياسيين إلى التساؤل إن كان التنظيم يلمس وجود بنية للتشدّد الديني في البلد تتيح له إمكانية التغلغل فيه واتخاذه مدخلا لمنطقة الخليج المستقرّة والمتينة أمنيا.
ونقلت صحيفة “القبس” الكويتية على موقعها الإلكتروني عن المصادر القول إنّ أحد الأحداث المتّهمين، وهو ابن عضو سابق في مجلس الأمّة (البرلمان) يعتبر المحرك الرئيسي لباقي الأحداث المتهمين الذين غرّر بهم أعضاء تنظيم داعش، وهو أول من تواصل معه أعضاء التنظيم، واستطاعوا إقناعه.
وأضافت المصادر أن نتائج التحقيقات مع المتهمين واعترافاتهم أصبحت على طاولة وزير الداخلية الشيخ ثامر العلي، ووكيل الوزارة الفريق عصام النهام اللذين أمرا بتشديد الإجراءات الأمنية للدرجة القصوى في محيط دور العبادة، وفي المجمعات التجارية، والأسواق، وذلك عبر انتشار رجال القوات الخاصة، فضلا عن عناصر سرّية من رجال أمن الدولة، والمباحث، بخلاف الفرق الأمنية الميدانية، وذلك لفرض السيطرة الأمنية.
وأشارت المصادر إلى أنّ “التعليمات الصادرة لرجال الأمن واضحة وصريحة، وتنص على ضرورة أخذ كل الحيطة والحذر، والتعامل بشكل فوري وحاسم مع أي مشتبه فيه، ونقل كل ما يدور لحظة بلحظة للقيادات الأمنية”.
وكان جهاز أمن الدولة الكويتي أوقف الأربعاء 6 أحداث كويتيين على تواصل مع تنظيم داعش، وتبيّن أنهم غرّر بهم لاعتناق الفكر الداعشي، وعُثر بحوزة بعضهم على أسلحة نارية، وجرت مصادرة عدة أجهزة حاسوب تحتوي على مراسلات وتنسيق مع التنظيم.
وقالت المصادر إن الحدث اعترف خلال التحقيق معه بأن شخصا تواصل معه عبر إحدى الألعاب الإلكترونية الشهيرة، وتعمد الانضمام إلى فريقه خلال اللعبة، وعقب مرور أسبوع تواصل معه عبر برامج التواصل الاجتماعي، وطالبه باعتناق الفكر الداعشي، ونجح في إقناعه بذلك، ثم طالبه برسم أعلام داعش داخل غرفته الخاصة بمنزل أسرته، على أن يرسل له دعما ماليا لتجنيد بقية أصدقائه.
وأشارت المصادر إلى أن المتهم تحدث إلى أحد أصدقائه المقربين، وروى له ما حدث، وأقنعه في نهاية المطاف بالانضمام إليه في اعتناق الفكر الداعشي، لافتة إلى أن المتهم الأخير أقنع بدوره أربعة من أصدقائه.
كما كشفت المصادر أن الأجهزة الأمنية تمكنت من توقيف بقية المتهمين، وأحالتهم جميعا إلى جهة الاختصاص، ولا تزال التحقيقات جارية.
العرب