بنوك حزب الله البديلة لا تنقصها السيولة

بنوك حزب الله البديلة لا تنقصها السيولة

بيروت – في الوقت الذي صارت فيه بنوك لبنان عاجزة عن أداء مهامها بتوفير السيولة، أظهر حزب الله أنه يمتلك مؤسسات مالية خاصة قادرة على توفير السيولة ومنح “قروض حلال” لتخفيف الغضب الشعبي الذي بات يتسع ضده بعد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الحادة، وتنامي الدعوات المطالبة بتقليص سيطرته على مؤسسات الدولة.

ويقف لبنانيون أمام البنوك التجارية لساعات ويتصادمون مع المديرين للوصول إلى مدخراتهم بالدولار دون جدوى، لكن حزب الله بات يوفر حلا بديلا من خلال مؤسسة القرض الحسن، ويمكّن الناس من الحصول على قروض صغيرة بالدولار دون فوائد تسهل عليهم دفع الرسوم المدرسية، أو الزواج، أو شراء سيارة مستعملة، أو إنشاء مشروع تجاري صغير. كما يمكنهم فتح حسابات التوفير هناك.

وجاءت الأزمة المصرفية في البلاد بمثابة فرصة لمؤسسة القرض الحسن، التي لجأ إليها البعض كبديل عن البنوك الأخرى لتخزين أموالهم فيها.

وتعدّ مؤسسة القرض الحسن إحدى الأدوات التي يرسّخ بها حزب الله الدعم الذي يتلقاه من السكان الشيعة في البلاد، حتى في الوقت الذي تعرض فيه لانتقادات هائلة خلال العام الماضي من قِبل اللبنانيين الغاضبين على النخب السياسية.

ومع تزايد الفقر في جميع أنحاء لبنان، يزود حزب الله مجتمعه بالمدارس والمستشفيات منخفضة التكلفة ويوزع على الفقراء وقود التدفئة. ويواصل دفع رواتب مقاتليه وموظفي مؤسساته بالدولار، في حين يحصل الجميع على رواتبهم بالليرة اللبنانية، التي فقدت نحو 80 في المئة من قيمتها خلال الأزمة.

وقال الكاتب السياسي اللبناني خيرالله خيرالله إن حزب الله يحاول في “القرض الحسن” بناء نظام مصرفي خاص به بعدما لعب دوره في تدمير النظام المصرفي اللبناني.

واعتبر خيرالله في تصريح لـ”العرب” أن لا فائدة من مثل هذه المحاولة في المدى الطويل، علما أنها يمكن أن تساهم في تخفيف الغضب على سلوك حزب الله وتصرفاته داخل الطائفة الشيعية.

وعدّ الهدف من “القرض الحسن” تكريسا لفشل لبنان على كل صعيد، بما في ذلك الفشل في معالجة الأزمة الاقتصادية التي لعبت دورها في الوصول إلى حالة الانهيار التي ضربت لبنان.

وشهدت مؤسسة القرض الحسن زيادة كبيرة في عدد العملاء خلال العام الماضي، على الرغم من أنها تخضع لعقوبات وزارة الخزانة الأميركية منذ سنة 2007.

وقالت مديرة العلاقات العامة والإعلام في المؤسسة، بتول طحيني، إن عدم ثقة الناس في القطاع المصرفي هو الذي أجبرهم على البحث عن بدائل.

وأضافت أن عدد الودائع كان أعلى بكثير من عام 2019 والسنوات التي سبقته، على الرغم من أن القروض لم ترتفع كثيرا.

وقال أمين عام حزب الله حسن نصر الله، في خطاب ألقاه مؤخرا، إن حوالي 300 ألف شخص يتعاملون مع مؤسسة القرض الحسن حاليا لنيل القروض.

وتقول مؤسسة القرض الحسن إن عملاءها كانوا من طوائف لبنان المختلفة. ولكن، يُعتقد أن الغالبية العظمى تبقى من المسلمين الشيعة.

وقال الخبير الاقتصادي روي بدارو إن المؤسسة جزء من “دولة حزب الله” داخل “الدولة اللبنانية” و”طريقة مقنعة لاستكمال نشاطها من خلال التمويل الأصغر، على غرار المدارس والمستشفيات التي يديرها الحزب”. وأضاف أن “الهدف يكمن في استيعاب الأزمة الاقتصادية بين الشيعة الفقراء”.

وتقدم مؤسسة القرض الحسن قروضا دون فوائد تصل إلى 5 آلاف دولار، والأهم من ذلك أنها تمنحها بالدولار. وهي نشطة منذ أكثر من ثلاثة عقود، وتعتبر أكبر مؤسسة مالية غير مصرفية تقدم القروض الصغيرة في لبنان.

وتعد الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان الأسوأ في تاريخ البلاد الحديث، إذ انكمش الاقتصاد بنسبة 19 في المئة سنة 2020، وفقد عشرات الآلاف من المواطنين في جميع أنحاء البلاد وظائفهم، ويعيش ما يقرب من نصف السكان الذين يزيد عددهم على 6 ملايين نسمة في حالة فقر.

وحطمت الأزمة ثقة اللبنانيين في النظام المصرفي، الذي كان في وقت من الأوقات من بين الأكثر احتراما في المنطقة. ومع تعرض البنوك لضربة قويّة، قرر الكثيرون الاحتفاظ بأموالهم في منازلهم، وهي تقدر بحوالي 10 مليارات دولار، وفقا لمحافظ البنك المركزي رياض سلامة.

وقال الخبير بدارو إن الخطر الذي يتعرض له حزب الله هو أنه مع ازدياد الفقر وتفاقم الأزمة الاقتصادية، قد يتخلّف الكثيرون عن سداد قروضهم. وإذا حدث ذلك، قد يضطر إلى استخدام أمواله الخاصة لتغطية النقص الحاصل في عدد الودائع.

ويتباهى أمين عام الحزب بقدرة مؤسسته على توفير الأموال، التي لا يعرف على وجه الدقة مصدرها، هل هي من إيران أم من الاتجار بالمخدرات والتهريب، حيث يقول إن “كل ما كان على أي شخص القيام به هو ملء طلب وتقديم ضمانات من الذهب”.

كما وصف الجمعية بأنها متينة، إذ قدمت 3.7 مليار دولار من القروض لنحو 1.8 مليون شخص منذ تأسيسها. وتباهى بأن العقوبات الأميركية على مسؤولي الحزب لا تؤدي إلا إلى تعزيز “القرض الحسن”، فقد نقل بعضهم حساباتهم من البنوك إلى الجمعية.

العرب