أردوغان يحوّل حربه من العمال الكردستاني إلى مواجهة شاملة مع الأكراد

أردوغان يحوّل حربه من العمال الكردستاني إلى مواجهة شاملة مع الأكراد

أنقرة – حولت السلطات التركية حادثة مقتل 13 من نخبة المخابرات التركية شمال العراق على أيدي من تقول أنقرة إنهم مسلحون أكراد إلى حرب شاملة على الأكراد، حيث شنت عليهم حملة اعتقالات واسعة وسط حديث عن إيقاف تجنيس الأكراد السوريين الذين لجأوا إلى تركيا في السنوات الأخيرة مع مئات الآلاف من السوريين الآخرين.

وشملت الإيقافات إلى حد يوم الاثنين 718 شخصا من 40 مدينة في البلاد، بينهم مواطنون أكراد وقياديون في حزب الشعوب الديمقراطي الداعم للأكراد. ولا تزال الحملة في أوجّها وسط توقعات بأن تتحول إلى اعتقالات على الهوية لأي كردي يعارض سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان.

وقالت وزارة الداخلية التركية في بيان لها إنه تم “ضبط عدد كبير من الأسلحة والوثائق والمواد الرقمية الخاصة بالمنظمة (حزب العمال الكردستاني) خلال مداهمات”.

ولا تستبعد أوساط تركية أن يأمر أردوغان بتنفيذ عمليات قصف عشوائية للطيران التركي ضد مناطق الأكراد، للانتقام من مقتل عناصر المخابرات والشرطة التركية، وأن يقود ذلك إلى مقتل العشرات من المواطنين الأكراد وإثارة حالة من الرعب والنقمة بينهم، معتبرة أن أسلوب الانتقام يزيد من تعاطف الأكراد مع المسلحين ويكسبهم شعبية.

وحوّل أردوغان مقتل العناصر التركية شمال العراق إلى معركة ضد الكل؛ ففضلا عن استهداف الأكراد على الهوية بدأ أردوغان يصعّد تجاه الولايات المتحدة ويتهمها بدعم المسلحين الأكراد، رغم أنها أدانت الحادثة في بيان صادر عن وزارة خارجيتها.

واستدعت تركيا السفير الأميركي لدى أنقرة لتبلغه “بأشد العبارات” رد فعل تركيا على بيان الخارجية الأميركية بشأن مقتل العناصر شمال العراق، وهو البيان الذي وصفه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه “مزحة”.

وقال أردوغان لأنصار حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه إن “بيان الولايات المتحدة يظهر أنها تدعم حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية السورية التي تعتبرها أنقرة فرعا للحزب المحظور”.

ويعزو مراقبون الغضب التركي المتمثل في التصريحات المتشددة التي أطلقها أردوغان -خصوصا تجاه الولايات المتحدة- إلى الخسارة الفادحة التي تمثلت في مقتل 13 من عناصر المخابرات والشرطة التركية، وما تتضمنه من تبخيس لصورة القوات التركية التي يصورها الإعلام الحكومي على أنها قوات منتصرة دوْمًا.

ويعتبر هؤلاء أن أردوغان يداري فشل عملية “مخلب النسر – 2” التي نفذها الجيش التركي في العاشر من الشهر الجاري باتهام الولايات المتحدة التي أكدت إدانتها عملية القتل إذا تبين أنها نُفّذت من قبل عناصر حزب العمال الكردستاني.

وتنامى التشكيك في الرواية التركية التي تفيد بأن حزب العمال يقف وراء إعدام الأسرى الأتراك، خصوصا بعد المعلومات التي تشير إلى أن القصف التركي كان وراء مقتلهم.

وقالت الخارجية الأميركية في بيانها “إذا أكدت التقارير أن مدنيين أتراكا قتلوا على أيدي حزب العمال الكردستاني، المنظمة التي تعتبر إرهابية، فنحن ندين هذا العمل بأشد العبارات الممكنة”.

واعترف حزب العمال الكردستاني بمقتل الأسرى، لكنه نفى رواية أنقرة مؤكدا أنهم قتلوا بضربات جوية تركية.

واستدعت تركيا الاثنين السفير الأميركي في أنقرة احتجاجا على الموقف الأميركي الذي اعتبرته وسائل إعلام تركية موالية للحكومة ضعيفا.

وقالت الخارجية التركية في بيان “استدعي السفير الأميركي ديفيد ساترفيلد إلى الوزارة وجرى إبلاغه بموقفنا الذي يستنكر البيان الأميركي بأشدّ العبارات الممكنة”.

ويريد أردوغان باتهام الولايات المتحدة أن توقف دعمها المعلن للقوات الكردية في سوريا باعتبارها امتدادا لحزب العمال الكردستاني التركي.

وتطالب تركيا الولايات المتحدة بإيقاف دعمها للمسلحين الأكراد في سوريا، وتشير إلى العلاقة التي تجمع تلك الفصائل بمسلحي حزب العمال الكردستاني الذين يشنون حرب عصابات ضد الجيش التركي داخل البلاد وخارجها منذ عقود.

وتتخوف تركيا من أن تصل الأسلحة الأميركية التي تستعملها قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردي إلى مسلحي حزب العمال الكردستاني، ما يمثل تهديدا لأرواح جنودها.

وكان الجيش التركي نفذ عملية عسكرية في شمال سوريا لملاحقة المسلحين الأكراد بالتعاون مع عدد من المجموعات المسلحة الموالية له في أكتوبر 2019، ما أثار انتقادات دولية وعربية وسط صمت أميركي مدفوع بالتقارب بين الرئيس التركي والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

وتنفذ تركيا باستمرار غارات جوية على قواعد خلفية لحزب العمال الكردستاني في المناطق الجبلية شمال العراق حيث يقيم معسكرات تدريب ومخابئ أسلحة.

وتقوم قوات خاصة أحيانا بعمليات توغل محدودة ضد حزب العمال الكردستاني الذي يشن منذ 1984 تمردا داميا على الأراضي التركية أوقع أكثر من 40 ألف قتيل.

وتثير تلك العمليات التركية التوتر لدى الحكومة العراقية، لكن أردوغان يؤكد باستمرار أن بلاده عازمة على “التعامل” مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق إذا لم تكن بغداد “قادرة على فعل ذلك”.

وقال الاثنين “لا يمكن لأي بلد أو شخص أو كيان طرح تساؤلات بعد اليوم عن العمليات العسكرية لتركيا في العراق إثر مجزرة قارا”.

وأضاف “لن يأمن الإرهابيون بعد اليوم في أي مكان، لا في قنديل ولا في سنجار” شمالَ العراق.

العرب