عادت الحركة التجارية وعمليات التصدير والاستيراد بين قطر والمملكة العربية السعودية أمس الأحد، بعد قرار إدارة الجمارك فتح المعبر أمام الشاحنات في الاتجاهين، مع تطبيق الإجراءات الاحترازية الخاصة بفيروس كورونا.
واستأنفت إدارة الجمارك البرية إجراءاتها الجمركية الخاصة باستقبال الشاحنات في معبر أبو سمرة (110 كيلومترات عن الدوحة) بالتنسيق مع الجانب السعودي في معبر سلوى (450 كيلومترا عن الرياض) وتسهيل إجراءات عبور المركبات، وإنهاء إجراءات المسافرين في أقل وقت ممكن.
وقال مدير إدارة الجمارك البرية مرشد شاهين الكواري -في تصريح لوكالة الأنباء القطرية (قنا)- إن إدارة الجمارك البرية داخل المنفذ في جاهزية تامة، وفي تنسيق متواصل مع الجهات الحكومية العاملة في المنفذ، وإنه جرى زيادة عدد أجهزة الفحص بالأشعة التي تعمل وفق أفضل المواصفات العالمية، لتسهيل عمليات العبور في أحسن الظروف.
وقبل بداية الأزمة الخليجية، كان المنفذ يشهد يوميًا عبور ما بين 600 و800 شاحنة، وفق اللجنة الدائمة لإدارة منفذ أبو سمرة، وكانت 16% من المواد الغذائية المستوردة لصالح قطر تأتي عبر المنفذ البري مع السعودية.
ويقدم منفذ أبو سمرة خدمات الجوازات والتأشيرات، وخدمات المرور، وبه العديد من الجهات ذات الصلة بسلامة الأغذية وحركة دخول البضائع والمسافرين، وتُنجز هذه الجهات عدةَ مهام، منها فحص وإصدار تصريح لكل الإرساليات الزراعية والحيوانية والسمكية الواردة أو الصادرة إلى البلاد.
ضوابط احترازية
وقد صاحب تنفيذ هذا القرار، اعتماد عدد من الضوابط والإجراءات التنظيمية والاحترازية بشأن حركة الصادرات والواردات عبر المعبر، وذلك انسجاما مع سياسة السفر والعودة من وإلى دولة قطر، المعمول بها في ظل جائحة فيروس كورونا “كوفيد-19” بتنسيق مع وزارتي الصحة العامة، والتجارة والصناعة.
ويُشترط على السائقين، الواصلين إلى المعبر، الحصول على شهادة فحص الخلو من فيروس كورونا، صادرة عن الجهات الصحية في السعودية، ولا تقل مدة صلاحيتها عن 72 ساعة قبل تاريخ الدخول إلى منفذ أبو سمرة الحدودي.
ولن يُسمح للسائقين والشاحنات التي تنقل البضائع عبر منفذ أبو سمرة بالدخول إلى الأراضي القطرية، على أن يتم تفريغ البضائع وإعادة تحميلها على شاحنات محلية بواسطة المستورد أو من يمثله في المنفذ، بناءً على تنسيق مُسبق مع إدارة المنفذ.
وتتضمن الإجراءات كذلك توقيع جميع القادمين على تعهد رسمي بالالتزام بالحجر الفندقي، مع اتباع سياسة وشروط الحجر الصحي، إضافة إلى تحميل تطبيق “احتراز” المعني بتتبع السلاسل الانتقالية لفيروس كورونا.
انتعاش اقتصادي
ويتوقع أن يعود فتح الحدود البرية بالنفع على الجانبين القطري والسعودي، ويضخ الدماء من جديد في حركتي التجارة والسياحة وتنقّلِ الأشخاص بين البلدين، ويخفف الأعباء المفروضة على حركة الناقلات والسيارات، ويخفف تكلفة الاستيراد الجوي والشحن، ويوازن أسعار البضائع وفق مستوياتها الطبيعية.
ويُرجّح ألا تؤثر حركة الواردات -عبر معبر أبو سمرة- في توازن السوق القطرية، ومواصلة تحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من الصناعات، وقد عبر عدد من رجال الأعمال القطريين عن ترحيبهم بعودة التبادل التجاري البري مع باقي دول الخليج، لما في ذلك من إسهام في تنويع منافذ الاستيراد والتصدير وتحفيز السوق المحلي.
ويرى علي الخلف (صاحب مجموعة شركات تصدير واستيراد) أنّ فتح معبر أبو سمرة أمام حركة التبادل التجاري يعزز نمو الاقتصاد القطري، بعدما ارتقى في مؤشر الأمن الغذائي، ووطّن مئات المشاريع والصناعات الغذائية التي كانت تستورد من دول الجوار.
وقال -للجزيرة نت- إنّ قطر أنجزت استثمارات ضخمة في البنية التحتية لحركة التجارة مع دول الخليج والعالم، ولديها رهانات كبرى على هذا الصعيد، وبعد تحقيق الاكتفاء في السوق المحلي من هذه الصناعات، فالرهان على أن تجد هذه المنتجات فرصا كبيرة للدخول إلى الدول الخليجية.
ومثالا على هذا، تحوّلت قطر من مستورد للألبان ومشتقاتها بنسبة 90% إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير إلى الأسواق الخارجية، وهناك سعي لتحقيق اكتفاء أكبر في عدد من الصناعات الأخرى، خاصة الصناعات الغذائية.
نمو متبادل
ومثّل التبادل التجاري بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي نحو 12% من إجمالي حجم التبادل التجاري للدوحة مع دول العالم، و84% من حجم التبادل التجاري مع الدول العربية، وفقا لأرقام جهاز التخطيط والإحصاء القطري، حيث سجل التبادل التجاري مع دول الخليج عام 2016 (قبل الأزمة الخليجية) ما مجموعه 37.9 مليار ريال.
كما استوردت الدوحة ما قيمته 19 مليار ريال قطري من البضائع الخليجية، لا سيما من السعودية والإمارات اللتين شكلت صادراتهما إلى الدولة 83% من واردات قطر الخليجية، في حين صدرت قطر إلى دول الخليج عام 2016 سلعًا وبضائع تجاوزت قيمتها 19 مليار ريال، مما مثل 9% من مجمل صادرات الدوحة إلى العالم.
وقد انعكس هذا الأداء على بلوغ حجم التبادل التجاري بين الدول الخليجية الست نحو 133 مليار دولار عام 2017، في حين بلغت قيمة التبادل التجاري لدول مجلس التعاون مع العالم نحو 985 مليارا، خلال نفس العام، حسب المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون.
وتعدى استئناف التجارة عبر “أبو سمرة” دول الخليج، إلى عودة الواردات من الدول العربية، حيث كشف وزير النقل الأردني مروان الخيطان لوسائل الإعلام المحلية عن اتصالات أجراها مع المسؤولين القطريين من أجل عودة الشحن البري بين الدولتين، ومنح الشاحنات والبرادات الأردنية تأشيرات لدخول الأراضي القطرية.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك اتصالات أردنية مع كافة دول الخليج من أجل إزالة العقبات التي تواجه حركة النقل والتنقل، وتفعيل اتفاقيات النقل البري الموقعة مع كافة الدول.
المصدر : الجزيرة