نجاحات أوبك+ مرهونة بصمود توافق هش بين السعودية وروسيا

نجاحات أوبك+ مرهونة بصمود توافق هش بين السعودية وروسيا

فيينا – حققت المملكة العربية السعودية فوزا كبيرا خلال اجتماع أوبك+ في الرابع من مارس، والذي شهد موافقة الأعضاء على الحفاظ على مستويات الإنتاج ثابتة. ولكن هذه الموافقة قد لا تستمر طويلا في ظل القلق الذي تخلفه على دول مهمة مثل روسيا رغم الهامش الذي تُرِك لها والذي يمكّنها من التمتع بإعفاء صغير يسمح لها بزيادة حصتها، ما يستدعي تنسيقا أكبر بين الرياض وموسكو والحفاظ على التوافق الهش بينهما.

ويحذّر خبراء من مناخ شبيه بأزمة مارس من العام الماضي، حيث أحجم الروس عن خفض الإنتاج استجابة لقرار السعودية، ما دفع الأخيرة إلى التلويح بإغراق السوق، ونتج عن ذلك تهاو في الأسعار أربك روسيا التي تعتمد في اقتصادها بشكل رئيسي على عائدات النفط.

وقفزت أسعار النفط، الجمعة، إلى ما يزيد على نسبة اثنين في المئة، لتبلغ أعلى مستوى في قرابة أربعة عشر شهرا، بعد أن اتفقت أوبك وحلفاؤها على عدم زيادة الإمدادات في أبريل.

وتفاجأ المستثمرون بأن السعودية قررت الإبقاء على خفضها الطوعي البالغ مليون برميل يوميا خلال أبريل حتى بعد أن ارتفعت أسعار النفط على مدى الشهرين الفائتين بدعم من حملات التحصين من كوفيد – 19 في مختلف أنحاء العالم.

ويقول الخبراء إن الموقف السعودي القائم على استمرار التخفيض والتحكم في الكميات المعروضة لا يلائم دولا أعضاء في أوبك+ وعلى رأس هذه الدول روسيا، وهو ما قد يهز الانفراج الهش بين البلدين، في الوقت الذي تجد فيه أوبك+ نفسها مرهونة بالتفاهمات الروسية السعودية.

وعلى الرغم من أن بعض المخزونات، بما في ذلك مخزونات الولايات المتحدة، قد وصلت إلى معايير موسمية مدتها خمس سنوات إلا أن الرياض لا تزال ترغب في الخفض لأن متوسط السنوات الخمس كان متضخما بسبب حرب الأسعار السعودية الروسية التي اندلعت في 2014 وضاعفت المخزونات حتى تشكيل أوبك+ في أواخر سنة 2016.

ويتزايد قلق روسيا من تأثير ارتفاع أسعار النفط على الإنتاج من خارج أوبك، لاسيما في الولايات المتحدة، إذ يمكن أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى استئناف إنتاج النفط الصخري.

وتتمتع السعودية بدعم الكويت والإمارات اللتين تستطيعان كبح الإنتاج، والجزائر ونيجيريا اللتين لا تملكان أي قدرة إنتاجية احتياطية حقيقية لزيادة الإنتاج.

ويبقى فقط الوضع الملتبس لإيران التي انهارت صادراتها من النفط الخام إلى أقل من 500 ألف برميل في اليوم تحت وطأة العقوبات الأميركية، لكنها قد تعود إلى مستويات ما قبل العقوبات التي تبلغ 2.5 مليون برميل في اليوم إذا سارت مفاوضات الملف النووي بشكل سلس واستجابت طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة.

ووفقا لمركز سترافور رفعت غولدمان ساكس توقعاتها لأسعار النفط للربع الثاني بمقدار 10 دولارات إلى 70 دولارا للبرميل، وزادت توقعاتها للربع الثالث إلى 75 دولارا للبرميل. كما تتوقع أن يبلغ متوسط أسعار النفط 70 دولارا للبرميل الواحد في الربع الرابع وفي سنة 2022.

وتأمل وكالة الطاقة الدولية أن يتعافى الطلب على النفط في 2021 بنحو 60 في المئة بعد أن انهار خلال الجائحة، متوقعة أن يرتفع استهلاك النفط بمقدار 5.4 مليون برميل في اليوم ليصل إلى 96.4 مليون يوميا في المتوسط خلال العام.

ومن شأن ارتفاع أسعار النفط أن يضاعف المخاوف المالية القائمة ويزيد من تفاقم القضايا الاقتصادية الجارية، مثل ارتفاع توقعات التضخم، وحتى بالنسبة إلى معظم البلدان المنتجة للنفط لا يمكن أن تعالج الزيادةُ المستمرةُ كلَّ المشاكل المالية العميقة.

وستخلق هذه الزيادة مساحة للبلدان المنتجة للنفط الأكثر ثراءً، مثل السعودية والكويت، كي تواصل إستراتيجياتها طويلة الأجل للتكيف الضريبي والتنويع الاقتصادي، مما يخفف الضغط ويمكّن من إنجاز إصلاحات لا تحظى بشعبية سياسية ويسمح لهذه الدول بالتراجع عن البعض منها إذا لزم الأمر. ومع ذلك من غير المرجح أن تتخلى عن هذه الخطط لأن مبادرات التحول في مجال الطاقة ما زالت تكتسب زخما على الصعيد العالمي.

كما سيسلط ارتفاع أسعار النفط المزيد من الضغوط على البلدان التي تراجعت عن دعم الوقود في السنوات الأخيرة لزيادة أسعار البنزين وغيرها من أسعار مشتقات النفط ببطء أكبر.

ومن شأن هذا أن يعيد تقديم الدعم، مما يزيد من الهشاشة المالية التي تتسم بها الحكومات التي تقدم الدعم الذي يمكن أن تقدمه أيضا الشركات المملوكة للدولة نيابة عن الحكومة. ففي الأول من مارس، على سبيل المثال، أعلنت شركة البترول الوطنية النيجيرية أنها لن ترفع أسعار البنزين في مارس بعد أن وجدت في انهيار الأسعار عام 2020 فرصة للتخلي عن سياسة الرفع في الأسعار.

العرب