تركيا تسطو على الدور القطري والروسي في حل الملف الأفغاني

تركيا تسطو على الدور القطري والروسي في حل الملف الأفغاني

عدلت تركيا بوصلتها على أفغانستان في محاولة لـ”السطو” على الدور القطري والروسي في حلحلة الصراع هناك حيث كشفت أنقرة أنها ستستضيف محادثات سلام أفغانية بالتوازي مع جهود روسية ستتوج في الـ18 من الشهر الجاري بإقامة مؤتمر في موسكو للنظر في شأن أفغانستان.

أنقرة – تستعد تركيا لاستضافة محادثات سلام أفغانية في أبريل المقبل في خطوة قد تقوّض دور كلّ من قطر وروسيا في هذا الملف الشائك ولاسيما أن الدوحة سبق وأن استقبلت وتوسطت بين فرقاء الصراع الأفغاني، بينما تعتزم روسيا إقامة مؤتمر بشأنه الأسبوع المقبل.

وشهدت الفترة الماضية سباقا بين تركيا وروسيا من أجل استضافة محادثات بين أطراف الصراع الأفغاني قبل أن يعلن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عن عزم بلاده القيام بذلك.

وبالرغم من محاولة وزير الخارجية التركي، نفي سحب بلاده البساط من تحت قدمي قطر في هذا الملف حيث قادت الدوحة جهودا دبلوماسية أفضت إلى توقيع اتفاق الدوحة في فبراير من العام الماضي، إلا أن مراقبين يرون أن أنقرة استولت على الملف الأفغاني متجاوزة بذلك كلّا من روسيا وقطر، وربما بعد تفاهمات مع الولايات المتحدة التي أرادت استئناف المحادثات الأفغانية في الأسابيع المقبلة.

وقد تسعى تركيا بالفعل إلى استرضاء الولايات المتحدة بالدفع نحو تحقيق اختراقات في المباحثات بين طرفي الصراع الأفغاني ولاسيما في ظل الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس جو بايدن الذي لم يُجر إلى حدّ الآن أي محادثة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، ما يعكس فتورا بين الطرفين بسبب العديد من الملفات.

وتمتلك كلّ من روسيا وتركيا أوراقا في الملف الأفغاني، فبينما تعوّل تركيا على علاقاتها مع مختلف أطراف الصراع علاوة على أن تحالفها مع قطر التي استضافت العديد من جولات الحوار بين الأفغانيين يجعلها قادرة على لعب دور في هذا الملف، فإن روسيا بدورها قادرة على إدارة المفاوضات الأفغانية من خلال اطلاعها عن كثب على الواقع الداخلي الأفغاني منذ الحقبة السوفييتية.

مولود جاويش أوغلو: تركيا بعثت برسائل لطالبان تدعو فيها إلى وقف العنف

وقال وزير الخارجية التركي الجمعة إن بلاده تعتزم استضافة محادثات سلام أفغانية بإسطنبول في أبريل المقبل، وإنها ستعين مبعوثا خاصا إلى أفغانستان.

وتأتي هذه التصريحات بعدما أعلنت الولايات المتحدة عن مسودة خطة سلام تدعو إلى تشكيل إدارة مؤقتة تتقاسم السلطة لتحل محل الحكومة الحالية إلى حين إجراء انتخابات بموجب دستور جديد وهي خطوة أعلنت روسيا تأييدها لها.

ويهدف الاقتراح الأميركي إلى إعطاء دفعة للمحادثات المتعثرة في الدوحة بين حركة طالبان وفريق يضمّ مسؤولين أفغانا للتوصل إلى تسوية سياسية للصراع القائم منذ عقود.

وقال جاويش أوغلو إن المسؤولين الأفغان وطالبان وأعضاء فريق التفاوض طلبوا من تركيا من قبل أن تستضيف محادثات، وإن قرارها هذا الأسبوع جاء بعد اقتراح أميركي باستضافة اجتماع.

وتابع الوزير التركي “اجتماع إسطنبول حول أفغانستان مكمّل لاجتماع الدوحة وليس بديلا عنه”، مضيفا أن الاجتماع سيتم بالتنسيق مع قطر لكنه سينعقد في تركيا.

وذكر أن الغرض هو استمرار المحادثات بين طالبان والحكومة على نحو “يتمّ التحرك فيه صوب الهدف”. ويجري بحث الموعد المحدد لعقد الاجتماع في أبريل القادم وكذلك فحوى المحادثات. وقال جاويش أوغلو إن تركيا بعثت برسائل إلى طالبان وفريق التفاوض تدعو فيها إلى وقف العنف كي تسفر المحادثات عن نتائج طيبة.

وتجري مفاوضات في قطر بين طالبان والحكومة الأفغانية بهدف الوصول إلى اتفاق سلام. واستؤنفت تلك المحادثات في يناير الماضي بعد توقفها لما يقرب من شهر، لكن المفاوضين والدبلوماسيين يقولون إنه لم يتحقق تقدم يذكر منذ ذلك الوقت.

وجاء التحرك التركي الأخير في وقت تتأهب فيه روسيا لإقامة مؤتمر بشأن أفغانستان في الـ18 من الشهر الجاري بهدف الدفع بمباحثات السلام الأفغانية قدما.

وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، الجمعة، أن “المشاركين في المؤتمر الدولي حول أفغانستان، والمقرر عقده يوم 18 مارس الجاري في موسكو، سيبحثون سبل الدفع قدما بمفاوضات السلام التي عقدت بين الأطراف الأفغانية في الدوحة”.

مراقبين يرون أن أنقرة استولت على الملف الأفغاني متجاوزة بذلك كلّا من روسيا وقطر، وربما بعد تفاهمات مع الولايات المتحدة التي أرادت استئناف المحادثات الأفغانية في الأسابيع المقبل

وتابعت المتحدثة باسم الخارجية الروسية قائلة “سيرحب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بالمشاركين في الاجتماع، حيث من المتوقع أن تشارك وفود من حكومة جمهورية أفغانستان الإسلامية، والمجلس الأعلى للمصالحة الوطنية الأفغانية، وسياسيون أفغان بارزون، وحركة طالبان، ودولة قطر كضيف شرف”.

وأعربت زاخاروفا عن تأييد بلادها لتشكيل “إدارة” مؤقتة تضم حركة طالبان لقيادة أفغانستان خلال هذه المرحلة وهو مقترح أميركي، لكن لا يحظى بإجماع من قبل الطرفين المتحاربين.

وأوضحت زاخاروفا للصحافيين أن “تشكيل إدارة مؤقتة جامعة سيكون حلا منطقيا لمشكلة ضم حركة طالبان إلى الحياة السياسية الأفغانية”.

ومن المفترض أن تشارك في المؤتمر الذي ستنظمه روسيا بشأن أفغانستان، والذي لم تُعرف بعدُ أجندته، كلّ من الصين والولايات المتحدة وباكستان، إلى جانب أطراف الصراع وزعماء أفغان من بينهم الرئيس السابق حامد كرزاي.

وبموازاة ذلك، تزداد الضغوط أكثر على القوى المتداخلة في الصراع الأفغاني مع اقتراب موعد 1 مايو الذي يمكن أن تسحب فيه واشنطن عسكرييها من أفغانستان. ولذلك يحاول الأميركيون إعطاء دفع للمفاوضات بهدف التوصل إلى حل سلمي للنزاع الأفغاني.

وعرضت الولايات المتحدة مقترح سلام جديدا على سلطات كابول وحركة طالبان ينص على تشكيل “حكومة جامعة جديدة” بحسب رسالة من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، كشفت عنه وسائل إعلام أفغانية، لكن طرفي الصراع رفضوا هذا المقترح.

وفي رسالته قال بلينكن إن واشنطن تخشى “من تدهور محتمل للوضع الأمني ما قد يسمح لحركة طالبان بإحراز تقدم ميداني سريع” في حال انسحبت الولايات المتحدة عسكريا من أفغانستان بعد عقدين من تدخلها فيها.

العرب