فريق عون يروج لفكرة البحث عن بديل للحريري

فريق عون يروج لفكرة البحث عن بديل للحريري

بيروت – رأت دوائر سياسية لبنانية أن الرئيس ميشال عون وأبرز حلفاؤه يعملون على الترويج لفكرة البحث عن بديل عن رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري بعد أن طفت خلافاتهما على السطح عن سبب التعطيل الحاصل في ملف الحكومة منذ أشهر.

وقالت تلك الدوائر إن عون والتيار الوطني الحر الذي يقوده صهره جبران باسيل وحزب الله يعملون على تهيئة الوضع الداخلي والفاعلين الدوليين لإمكانية تراجع الحريري عن التكليف، وإلقاء المسؤولية عليه وحده دون غيره في مسألة التعطيل.

وكانت الولايات المتحدة قد شكلت حالة ضغط على القوى السياسية الفاعلة في لبنان من أجل الاستعجال بمسألة تشكيل حكومة جديدة في ظل الوضع المتردي الذي يعيشه لبنان على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وفي الوقت الذي لاحت فيه بوادر تنازلات من جانب الحريري، في ما يتعلّق بعدد الوزراء في ​الحكومة​، بدأت أوساط مقربة من من عون وتياره في الترويج لفكرة أن الخلاف بين عون والحريري لا حلّ له.

وقالت مصادر لبنانية إن سعد الحريري​ أبدى موافقته على زيادة التشكيل الحكومي عن 18 وزيراً بعدما كان متشبثا بذلك، في حين مازال مصرا على رفض حصول أي فريق على الثلث المعطل، وهو ما تدعمه فرنسا.

وكشفت المصادر أن السفيرة الفرنسية في ​بيروت​ آن جريو، أبلغت المسؤولين اللبنانيين وفي مقدمتهم ​رئيس الجمهورية​، أن الحريري ركّز على ​حكومة​ مهمّة وفق المبادرة الفرنسيّة، ولا ثلث معطّلاً فيها لأيّ طرف وأنّ الفرنسيين يصرّون على تجاوب رئيس الجمهورية مع هذه الرغبة، خصوصاً وأن ثمة قبولاً من الشركاء الآخرين ب​تأليف الحكومة​، بأن يحظى الرئيس وفريقه السياسي على 6 وزراء في حكومة من 18 وزيرا.

وذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله، حليف عون، أن سفيرتي الولايات المتحدة وفرنسا قد أبلغتا الحريري بأنّ الرئيس عون يعتقد بغياب أي فرصة للتوافق والاتفاق معه على تأليف الحكومة، وبأنّ الحلّ يكمن في تسمية رئيس حكومة جديد.

ويصرّ فريق رئيس الجمهورية وصهره على تشكيل حكومة تضمّ سياسيين تتضمّن ما يسمّى بالثلث المعطّل وذلك كي يكون في استطاعتهما إجبار الحكومة على الاستقالة ساعة يريدان ذلك.

وأوضحت مصادر سياسية أن الحريري لا يستطيع تشكيل حكومة فيها ثلث معطّل من جهة ووزراء ينتمون إلى أحزاب سياسية من جهة أخرى.

وكشفت أن الحريري يعتبر أن مثل هذه الحكومة لا تستطيع أن تكوّن فريق عمل متجانسا، كما أنّها لن تتمكن من تحقيق أيّ تقدم في مجال الحصول على مساعدات خارجية، لا من جهات دولية ولا عربيّة.

وآلت اجتماعات الحريري وعون، الثمانية عشر، إلى الفشل، حيث يتمسك عون بشروطه متجاهلا الأوضاع الاقتصادية التي تقود لبنان نحو الإفلاس، والتحذيرات والضغوط الدولية التي تشدد على ضرورة التسريع بتشكيل الحكومة.

والجمعة، اشترط صندوق النقد الدولي الإسراع بتشكيل حكومة مقابل حصول لبنان على الدعم الدولي والإصلاح الاقتصادي. مؤكدا أن المانحين الأجانب لن يقدموا يد العون إلى لبنان الغارق في الديون دون تشكيل حكومة جديدة.

ويدفع عون والداعمين له بالحريري نحو طريق مسدود يجبره على التراجع عن تشكيل الحكومة، مقابل تعيين شخصية تبقي على التأليف الحكومي وفق مبدأ المحاصصة المتفق عليه في لبنان، مستغلين رفض رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب تحمل مسؤوليات كبرى في البلاد دون تفويض من البرلمان، وهو ما يزيد من تعقيد الأوضاع الصعبة التي يعيشها اللبنانيون.

والسبت، حذر التيار الوطني الحر، أكبر كتلة مسيحية في لبنان، الحريري من تهميش الرئيس عون وكتل نيابية أخرى في المفاوضات المتعلقة بتشكيل الحكومة.

ويبدو أن لبنان يسير نحو سيناريو سيء، حيث يحذر محللون من انهيار آخر وشيك في الليرة اللبنانية، عدا عن النمو الاقتصادي المتهاوي الذي قدّره صندوق النقد الدولي بسالب 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي وقدّره البنك الدولي بسالب 19 في المئة من الناتج.

وقال مصدر مسؤول رفيع لرويترز، لم تكشف عن هويته، إن الاقتصاد ينكمش بوتيرة سريعة لدرجة يصعب معها قياسه بدقة غير أنه من المنتظر بناء على الاتجاهات الحالية أن يكون الانكماش هذا العام في حدود عشرة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ويميل بعض المسؤولين والدبلوماسيين والساسة للتشاؤم وقال المصدر المسؤول “لا أعتقد أن الأطراف تريد حلا”. وأضاف “ليس مهما من هو رئيس الوزراء فالمهم هو المعايير والتنفيذ واستعادة الثقة والمصداقية … الحكومة الحالية بدأت بإقناع الأطراف بالاتجاه إلى صندوق النقد الدولي. أي حكومة تخلفها ستضطر لفعل الأمر نفسه. فليس أمامها خيار”.

وما دامت حالة الشلل مستمرة، فمن الصعب تقدير مدى التدهور الذي يمكن أن يصل إليه الوضع في لبنان.

ونقلت رويترز عن مصادر تقابل عون، قوله إنه ليس مسؤولا عن الأزمة المالية متعللا بأن السلطة في أغلب فترات العقود الثلاثة الأخيرة كانت في أيدي الحريري ووالده وبري. ويعتقد الرئيس عون أن عليهم هم أن يقدموا تنازلات.

وتقول المصادر إن موقف عون ازداد تصلبا منذ فرضت واشنطن عقوبات على صهره باسيل الذي يؤهله عون لكي ينافس على منصب الرئيس.

العرب