الرباط – ارتفعت وتيرة التحقيق مع مسؤولين منتخبين بالجهات والأقاليم في المغرب مع متابعات قضائية طالتهم على خلفية وجود شبهة فساد مالي وقانوني شابت مشاريع متعلقة بمرافق عمومية.
وأكدت زينب العدوي التي عينها العاهل المغربي الملك محمد السادس على رأس المجلس الأعلى للحسابات على ضرورة تشديد الرقابة على المال العام وحمايته من الأيادي التي تنهبه أو تبدده عبر رفع وتيرة عمل المحاكم المالية في أعمال المحاسبة.
ولتعزيز الشفافية في القطاع العام وتكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة أشرفت العدوي على سلسلة من الاجتماعات مع مختلف مكونات المجلس، في إطار إعداد مخطط استراتيجي للرفع من أداء المحاكم المالية تنفيذا للتعليمات الملكية.
وقالت شريفة لموير الباحثة في العلوم السياسية في تصريح لـ”العرب” إن “فتح تحقيقات جادة في ملفات الفساد خطوة إيجابية في مسار الديمقراطية في المغرب” مشيرة إلى أنه إذا استطاع المغرب اليوم تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة فهو بهذا يكون قد قطع أهم أشواط التنزيل الحقيقي للخيار الديمقراطي.
وقرر النائب العام بمحكمة الاستئناف في مراكش متابعة البرلماني السابق عن الاتحاد الاشتراكي حسن الدرهم رفقة 17 متهما آخرين بتهم جنائية تتعلق بالتزوير وتبديد أموال عمومية واختلاسها وذلك على خلفية اختلاسات مالية ومخالفات قانونية ببلدية المرسى التابعة لإقليم العيون جنوب المغرب.
زينب العدوي تقود فريقا متخصصا بأمر من العاهل المغربي يحيل ملفات الفساد إلى القضاء
ونوّه حقوقيون معنيون بحماية المال العام بتحريك المتابعات القضائية ضد حسن الدرهم ومسؤولين بالجماعات الترابية ببعض المجالس المنتخبة على الجهات الثلاث للأقاليم الصحراوية.
وتتفاعل المتابعات القضائية مع مطالب بالتحقيق في اختلاسات مع عدد من المؤسسات والدوائر واتخاذ العقوبات في حق رؤسائها المدانين.
وطالبت الشبكة المغربية لحقوق الإنسان والرقابة على الثروة وحماية المال العام بفتح تحقيق حول ما وصفتها بـ”الإخلالات الخطيرة” في تسيير مجلس جهة بني ملال خنيفرة وتدبيره والذي يترأسه إبراهيم مجاهد عن حزب الأصالة والمعاصرة.
وذكرت الشبكة في شكوى موجهة إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف في الدار البيضاء عددا من الإخلالات قالت إنها “تستوجب إجراء الأبحاث القانونية اللازمة وتطبيق القانون وتفعيل الجزاءات وفقا للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل في هذا الإطار”.
كما دعت الجمعية المغربية لحماية المال العام إلى تفعيل دور المؤسسات الرقابية للقيام بعملية تتبع شامل للتدبير العمومي بالجهة، وخاصة في الشق المتعلق بالجوانب المالية، وإحالة التقارير ذات الصبغة الجنائية على القضاء في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتوسيع مهام هيئات الحوكمة وصلاحياتها وتمكينها من كل الآليات والوسائل الكفيلة للقيام بمهامها الرقابية.
ويعتبر المجلس الأعلى للحسابات مؤسسة دستورية يُدقق خبراؤها وقُضاتها في طرق صرف الأموال العمومية، كما يتكلف بمُتابعة التصريح الإجباري بالممتلكات للمسؤولين الحكوميين المعنيين بهذا الإجراء القانوني.
وأكدت زينب العدوي رئيسة المجلس الأعلى للحسابات على ضرورة ممارسة المحاكم المالية لكافة صلاحياتها الدستورية، تنفيذا لتوجيهات الملك محمد السادس والمتمثلة في الحرص على قيام هذه المؤسسة بمهامها الدستورية، لاسيما في ممارسة الرقابة العليا على المالية العمومية، وفي مجال تدعيم وحماية مبادئ الحوكمة الجيدة وقيمها والشفافية والمحاسبة.
واعتبرت لموير أن المجلس الأعلى للحسابات يحمل رهانا حقيقيا حول تكريس مقاربة المتابعة في حق ناهبي المال العام وليس فقط الكشف عن الاختلاسات التي تعاني منها مختلف الأجهزة التي لا يرعى المسؤولون عنها حماية المال العام.
وقالت “إننا اليوم أمام رهان إعادة الاعتبار والمصداقية لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة خاصة في بلد كالمغرب”.
ويُحاكم أمام القضاء عبدالجليل لبداوي رئيس جماعة آسفي، إلى جانب موظفين آخرين، بعدما قرر قاضي التحقيق المكلف بالجرائم المالية متابعتهم طبقا للقانون بتهمة التزوير في محرر رسمي واستعماله وتبديد أموال عامة موضوعة تحت أيديهم بمقتضى وظائفهم.
وكان مستشار قانوني قد تقدم بشكوى لمحكمة الاستئناف بمراكش، ضد المتهمين، والذي استمع إليهم قبل أن يقرر إحالتهم على قاضي التحقيق المكلف بالجرائم المالية والذي قرر متابعتهم أمام غرفة الجنايات.
وتنكبّ المحاكم المالية حاليا على إعداد مخطط استراتيجي للمرحلة المقبلة يحدد الأهداف والتغييرات الهيكلية الضرورية للرفع من أداء هذه المحاكم وتمكينها من القيام بالمهام المنوطة بها في أحسن الظروف، والإسهام في تعزيز الشفافية في القطاع العام وتكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
العرب