هل هناك مساحة لعدم الانحياز في صراع القوى في عالم ما بعد كورونا؟

هل هناك مساحة لعدم الانحياز في صراع القوى في عالم ما بعد كورونا؟

عندما اشتعلت الحرب الباردة بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة والشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي، سارع عدد من زعماء الدول النامية، بقيادة الرئيس المصري جمال عبد الناصر ورئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو ورئيس إندونيسيا أحمد سوكارنو ورئيس يوغسلافيا جوزيف تيتو، إلى تأسيس ما يسمي بحركة عدم الانحياز عام 1961، وذلك للحفاظ على السلم والأمن الدولي والنأي بدولهم عن الصراعات بين المعسكرين داعية إلى الامتناع عن استخدام ترتيبات الدفاع الجماعي لخدمة المصالح الخاصة لأي من القوى الكبرى، وضمان قدرة بلدانهم على التركيز على تقرير المصير بدلاً من تلبية المخططات الإمبريالية لأي من القوتين العظميين.

نمت الحركة سريعاً وسعت البلدان المستقلة حديثاً، حيث أسهمت في القضاء على الاستعمار، إلى التركيز على تنميتها المحلية بدلاً من الانخراط في صراع جيوسياسي. يبلغ عدد أعضاء الحركة حالياً 120 دولة، وتعد ثاني أكبر تجمع دولي بعد الأمم المتحدة، وتمثل نسبة 60 في المئة من عدد دول المنظمة الأممية، ومع ذلك فإنه مع انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة، جادل كثيرون بشأن أهمية الحركة ودخول بعض الدول في علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة التي أصبحت قطباً أوحد في النظام الدولي.

وبينما تلوح حرب باردة جديدة في الأفق مع صعود قوى جديدة تشكل منافساً شرساً للولايات المتحدة، حيث الصين التي تمتلك نفوذاً اقتصادياً عالمياً متزايداً عبر مشروعها الضخم “طريق الحرير”، وروسيا الوريث الشرعي للاتحاد السوفياتي التي استطاعت مناطحة النفوذ الأميركي عبر التطور الواسع على صعيد التسليح وبناء شبكة من العلاقات العسكرية والاقتصادية والسياسية مع القوى والدول الأخرى، ينبغي التساؤل عن موقف الدول النامية من أطراف النزاع الناشئ في ظل عالم معقد من المصالح والتحالفات التي تفرض الانحياز.
على سبيل المثال، وجهت إندونيسيا رسالة خلال اجتماعات وزراء خارجية آسيان الماضية (رابطة تضم دول جنوب شرقي آسيا)، قائلة إن “آسيان” لا تريد الوقوع في شرك المنافسة بين الصين والولايات المتحدة. كما تمت الإشارة إلى مصطلح “حركة عدم الانحياز الجديدة” في آسيا وأميركا اللاتينية وأوروبا. ويتفق مراقبون على أن العلاقات الأميركية مع القوى الكبرى، لها تأثير كبير على الاستقرار العالمي، ومن ثم فإن احتمالات المواجهة بين هذه القوى تجعل عديداً من البلدان الصغيرة والمتوسطة الحجم مضطربة.

“اندبندنت عربية” تواصلت مع عدد من المتخصصين والمعنيين بالشأن الدولي للحديث حول المشهد الحالي الذي يزداد تعقيداً في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد الذي بات يفرض حسابات جديدة على النظام العالمي، حيث استبعد البعض نشوب حرب باردة بالمعنى الحرفي على غرار الستينيات، على الرغم من اتفاقهم على استمرار التنافس بين القوى الكبرى. ويتفق المراقبون على غياب التنافس الأيديولوجي الذي كان عاملاً محدداً للحرب الباردة قبل عقود، فضلاً عن تشابك اقتصادات القوى الدولية في ظل النظام الرأسمالي.

غياب الأيديولوجية

ويقول رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، بول سالم، إن المشهد الحالي مختلف عما كانت عليه الأمور خلال الحرب الباردة، فما نحن ذاهبين إليه خلال السنوات المقبلة سيكون منافسة عالمية بين الولايات المتحدة والصين، لكنها تختلف عن الحرب الباردة القديمة حيث كانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي مختلفتين من الناحية الأيديولوجية وتسعيان إلى سيادة أيديولوجياتهما، وكانتا تتصارعان في أنحاء العالم. بينما الأمر يختلف حالياً، فاقتصادا الصين والولايات المتحدة مترابطان ويعتمدان على نظام عالمي واحد، بالإضافة إلى ذلك، ليس لدى الصين أيديولوجيا ترغب في تصديرها إلى العالم مثل الشيوعيين في الاتحاد السوفياتي، بل تقوم اهتماماتها العالمية على الاقتصاد والتجارة.

وأضاف سالم أنه ربما يكون هناك بعض “الأيديولوجية” من جانب الولايات المتحدة، حيث يتحدث الرئيس الأميركي جو بايدن مجدداً عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والأنظمة السلطوية التي تحكم روسيا والصين، لكن في النهاية، لا يتعلق الأمر بتنافس أيديولوجي، فالجميع أصبح يؤمن بالرأسمالية والتجارة كمكون رئيس للعلاقات الدولية. ويلفت إلى أن العلاقة بين الولايات المتحدة والصين أكثر حدة في ما يتعلق بمنطقة بحر الصين الجنوبي وتايوان واليابان والفيليبين، حيث هناك توترات عسكرية جادة.

وعند النظر إلى منطقة الشرق الأوسط التي تشهد نفوذاً روسياً متصاعداً واستثمارات صينية متزايدة، يشير رئيس مركز الشرق الأوسط، إلى أنه على الرغم من أن البلدين لديهما تأثير متنام في المنطقة، لكن تَغيبُ المنافسة العسكرية بين الصين والولايات المتحدة، فالأولى ليست مهتمة بالتدخل عسكرياً في المنطقة، على النقيض من روسيا التي تتوسع أكثر في الشرق الأوسط من الناحية العسكرية. ويضيف أن ما يهم الصين في المنطقة، استمرار تدفق النفط وقد عقدت اتفاقاتها مع إيران لضمان هذا الأمر، لذا لا يوجد تنافس كبير بين الجانبين يشبه الحرب الباردة. ومع ذلك يشير إلى أن التنافس في المنطقة ربما يتعلق بشبكة الجيل الخامس، وهو ما يثير قلق الولايات المتحدة، ومن ثم ربما تكون دول الشرق الأوسط لاعباً محدوداً في التنافس بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، إذا مالت حكوماتها نحو أحد الأطراف.

ويتفق كبير الباحثين لدى المجلس الوطني للعلاقات العربية – الأميركية في واشنطن، والأستاذ لدى مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية، ديفيد دي روش، بأن الحرب الباردة كانت صراعاً أيديولوجياً مثلت فيه كل دولة حول العالم أهمية للقوتين المتصارعتين. ولولا الحرب الباردة، لما تم بناء السد العالي في أسوان، على سبيل المثال. ويوضح أن في نظامنا العالمي الحالي، قوة أيديولوجية واقتصادية (الولايات المتحدة)، وقوة من دون أيديولوجية وبقدرة عسكرية محدودة، ولكن تتمتع بمصالح وقوة اقتصادية ضخمة (الصين)، وقوة عسكرية متدهورة في وضع اقتصادي ليس جيداً، ولكنها مصممة على لعب دور ما (روسيا).

ويضيف أن الولايات المتحدة ليست في حرب باردة ضد روسيا أو الصين. فكل من روسيا والصين تبنيان قوتهما على المشاركة في النظام الاقتصادي العالمي، الذي عارضه من قبل الاتحاد السوفياتي. فتستفيد الصين من النظام الاقتصادي الليبرالي لبيع البضائع في الخارج بأسعار منخفضة، وتعتمد روسيا على صادرات الطاقة إلى الغرب في معظم اقتصادها، بما يعادل حجم اقتصاد إيطاليا تقريباً. فبدلاً من الصراع حول الطبيعة الأساسية للنظام الدولي، ما نشهده الآن هو سلسلة من النزاعات حول مدى التزام الصين (وإلى حد أقل روسيا) هذا النظام. لذلك، على سبيل المثال، تدعي الصين أنها تشارك في التجارة الحرة من دون تدخل حكومي، لكنها أطلقت بعد ذلك سلسلة من المقاطعات للبلدان أو الشركات (مثل المنتجات الأسترالية) لانتقادها ملف حقوق الإنسان وممارسات العمل في الصين. وهذا أقل كثيراً من المواجهة التي تكون في الحرب الباردة.

التحالفات وعدم الانحياز

وتسعى واشنطن للإشراف على تعزيز التكتلات القائمة على القيم وتحويل تحالفها عبر الأطلسي ضد روسيا وحلفائها في آسيا والمحيط الهادئ ضد الصين، كما تسعى لوضع الأوروبيين أيضاً ضد الصين على أساس “القيم”. وبالمثل، تسعى لنزع الشرعية عن مشروع غاز “نورد ستريم 2” الروسي والضغط السياسي العسكري على أوروبا الشرقية على أساس التمييز بين الأنظمة “الديمقراطية والاستبدادية”.

ويشير مراقبون إلى أن التدهور السريع في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين جعل معظم الدول الصغيرة والمتوسطة الحجم قلقة، كما لو أن التعامل مع التأثير المدمر لفيروس كورونا المستجد لم يكن كافياً، فقد أصبحت تلك الدول محاصرة بشكل متزايد بين القوى العظمى. فتخبرهم واشنطن بشكل أساسي “إما أن تكونوا معنا أو مع الصين”، بينما تستخدم بكين الإكراه الاقتصادي ضد أولئك الذين يتبنون مواقف تعتبرها غير ودية، مثال على ذلك، أستراليا.

ويقول مدير معهد تحليل الأمن العالمي، في واشنطن “جال لوفت”، إن معظم الدول، بما في ذلك تلك الواقعة تحت المظلة الأمنية للولايات المتحدة، تفضل البقاء على الحياد والحفاظ على علاقات جيدة مع كلا الجانبين، لكن القول أسهل من الفعل. ويرى أن الدول من جميع الأحجام والمراحل التنموية تواجه اليوم ضغوطاً للتنازل عن سيادتها وتنميتها الاقتصادية لإرضاء الصين أو الولايات المتحدة، بينما تتحول الهيئات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية إلى “ساحات قتال في التنافس الاستراتيجي” بين البلدين.

ويضيف أنه بالنسبة إلى الدول الفقيرة والضعيفة، يجب أن تتعاون مع بعضها بعضاً في اتخاذ موقف مستقل كجزء من حركة عدم الانحياز الجديدة التي تعزز الحياد والسيادة والسلام والتنمية الاقتصادية. لا يمكن لأي دولة أن تقف بمفردها في مواجهة ضغط القوة العظمى، لكنها تستطيع أن تتحد في كتلة حيادية، فعدم الانحياز، لا يعني أن تكون ضد أو لصالح الصين أو الولايات المتحدة. ويشير لوفت إلى أن الأمر يتعلق بحق البلدان الصغيرة والمتوسطة في حماية سيادتها، واتخاذ قرار بشأن علاقاتها التجارية وخياراتها التكنولوجية من دون معاقبة من قوة عظمى. هذا الحياد أمر حيوي، بخاصة وأن الخيار بالنسبة إلى عديد من البلدان يكون بين الضامن الأمني وشريكها التجاري الأول، ومن ثم يشبه الأمر إجبار الإنسان على الاختيار “بين أمه وأبيه”، وهو خيار مستحيل، بالتالي فإن الحل الوحيد المستدام هو إعلان الحياد.

ويرى مدير معهد تحليل الأمن العالمي أن حكومات البلدان الفقيرة والضعيفة مدينة بذلك لشعوبها، فلا يمكنهم السماح لأنفسهم بأن يصبحوا بيادق أو وكلاء في صراع كبير على القوى، حيث سيكونون دائماً أكبر الضحايا. وإذا كانت أميركا والصين تريدان محاربة بعضهما بعضاً، فإن على بقية العالم أن يتحدوا وراء رسالة واضحة وصاخبة، “استبعدونا”.

وفي هذا الصدد تحدث كبير الباحثين في معهد الشرق الأوسط، إبراهيم الأصيل، عن منطقة الشرق الأوسط مشيراً إلى أنه في حين تبحث دول المنطقة عن مصالحها في الصراع الدائر بين القوى العظمى، فإن المعطيات الإقليمية الحالية لا تشكّل مناخاً مناسباً لنشوء مثل هذه الحركة (عدم الانحياز). ويقول إن اتفاقيات السلام بين دول عربية وإسرائيل من جهة وسعي إيران للحصول على قنبلة نووية من جهة أخرى، تدفع مصالح دول المنطقة في اتجاهين مختلفين يصلان حد التناقض، ولكن، من الضروري الإشارة إلى أن كثيراً من دول المنطقة تحاول الموازنة في علاقاتها مع القوى العظمى سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.

ومن المعروف أن طهران تنفي دائما سعيها إلى الحصول على قنبلة نووية، وتقول أن نشاطها في المجال النووي هو سلمي.

عالم ما بعد “كوفيد-19”

جراء وباء كورونا، شهد الاقتصاد العالمي عام 2020 انكماشاً بنسبة 4.3 في المئة، إذ تسببت الجائحة في خسائر فادحة دفعت بالملايين نحو هوة الفقر، بحسب البنك الدولي. ووفقاً لآيهان كوس، القائم بأعمال نائب رئيس البنك الدولي لشؤون النمو المنصف والتمويل والمؤسسات، حيث “فاقمت الجائحة على نحو كبير من مخاطر الديون في اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية، وستؤدي آفاق النمو الضعيف إلى زيادة أعباء الديون على الأرجح وتآكل قدرة المقترضين على خدمة أعباء الديون”. وفي حين لا يزال يعتمد التعافي الاقتصادي على توزيع لقاحات فيروس كورونا وتعزيز الاستثمار ومواجهة عبء الديون، فإن الدول الكبرى تستغل كل قوتها في هذا الصدد في عالم ما بعد (كوفيد-19).

ويتفق مراقبون غربيون على أن الصين تستغل لقاحات كورونا في تعزيز صورتها دولياً، وهو ما تنفيه بكين باستمرار مشيرة إلى أن دبلوماسيتها الدولية لا تستغل الظروف الصحية الطارئة، فيما يتوقع بعض المراقبين أن الرئيس الأميركي جو بايدن قد يعتمد الأسلوب نفسه عندما يتوفر له مزيد من الجرعات في وقت لاحق من العام الجاري. ويقول أصلان “لا شك بأن دبلوماسية لقاح “كوفيد-19″، هي إحدى ساحات التنافس أو بناء الشراكات. بالنسبة إلى الدول الأفقر في المنطقة، فستمد يدها لكل من يعرض المساعدة في ظل الأزمات الصحية والاقتصادية التي تعصف بها”.

ويقول بول سالم، إن فيروس كورونا أوجد مشاكل مالية واقتصادية هائلة خلقت بدورها مشكلات اجتماعية للحكومات وعجزاً كبيراً وديوناً ضخمة، فضلاً عن تضاؤل الاقتصادات وفقدان الوظائف وزيادة الفقر، ومن ثم أصبح عديد من البلدان في حاجة إلى مؤسسات التمويل الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي)، حيث للولايات المتحدة تأثير ونفوذ كبير، كما أن تلك البلدان بحاجة إلى التعامل مع أسواق أوروبا والولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه سيرحبون بالاستثمارات الصينية في مجال البنية التحتية والتجارة من خلال مبادرة الحزام والطريق. (أطلقت الصين مبادرة طريق الحرير “الحزام والطريق” عام 2013 وهو مشروع ضخم ينطوي على إنفاق 1 تريليون دولار في مساعدات البناء والاستثمارات في أكثر من 100 دولة عبر آسيا الوسطى وأفريقيا وأوروبا).

ويجمع المشروع بين الحزام الاقتصادي في طريق الحرير البري، والطريق البحري الذي يربط الصين بأوروبا عبر جنوب شرقي آسيا، وآسيا الوسطى والشرق الأوسط، ويغطي 70 في المئة من السكان في العالم، و75 في المئة من احتياطيات الطاقة المعروفة.

ويضيف أن في عالم ما بعد “كوفيد-19″، ستكافح دول الشرق الأوسط للنمو مجدداً وإصلاح مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية، لكن لا الصين أو الولايات المتحدة على استعداد لتقديم الهدايا مثلما فعل قبلاً الاتحاد السوفياتي لأسباب سياسية، لذا على دول المنطقة أن تشق طريقها في عالم صعب ومليء بالتحديات.

وعلى الصعيد الأوسع، يقسم دي روتش، البلدان الفقيرة إلى ثلاثة معسكرات، الدول الفقيرة ولكنها غير “فاسدة” نسبياً وديمقراطية وهي مجموعة صغيرة للغاية (مثل بوتسوانا)، والدول الفقيرة “الفاسدة والاستبدادية”، والدول الفقيرة التي لديها شيء تهتم به الصين (مثل سريلانكا). ويضيف أنه يمكن للمجموعة الأولى الاعتماد على مساعدة كبيرة من مؤسسات التنمية الدولية، والثانية أقل، وستحصل الثالثة دائماً على بعض المساعدة من الصين، لكنها مساعدة تقتصر على النخب وعلى الأمور التي ترى الصين أنها تصب في مصلحتها الذاتية. ويعتقد الأستاذ لدى مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية، أن المؤسسات والدول الغربية ستواصل مساعدة الدول الفقيرة على أساس الحاجة وحدها، لكن هذه المساعدة ستوجه بشكل متزايد إلى الدول غير “الاستبدادية” التي تدار بشكل جيد. ويشير إلى أنه في ظل الإنترنت، أصبح من الصعب الآن توفير مساعدة للدول “الفاسدة “التي تقمع النساء، والتي تنكر حقوق الإنسان الأساسية والحوكمة.

إنجي ماجد

اندبندت عربي