أدى الاتفاق النووي الموقع عام 2015 ورفع العقوبات الأميركية إلى ازدهار قطاع الطاقة الإيراني، حيث تمكنت من زيادة إنتاجها النفطي إلى 4 ملايين برميل، وتصدير أكثر من مليوني برميل يوميا؛ لكن سرعان ما انخفض تصدير وإنتاج إيران بشكل ملحوظ بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو/أيار 2018.
أما الآن وفي الجولة الرابعة من المفاوضات بين إيران والغرب في فيينا لعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، ورفع العقوبات عن إيران، يسلط خبراء الطاقة أنظارهم على عودة النفط الإيراني بشكل قانوني إلى الأسواق العالمية، وتداعياته على المعروض العالمي، وتأثيره على أسعار النفط الدولي.
وأوضح كبير المفاوضين الإيرانيين، عباس عراقجي، أنه تم التوافق على رفع بعض العقوبات “القطاعية” المتعلقة بالنفط والبنوك والموانئ والتجارة الدولية، وأخرى متعلقة ببعض الشخصيات والهيئات.
رؤية إيجابية وأخرى سلبية
يقول الخبير في شؤون النفط والطاقة، حميد رضا شكوهي، “ننظر إلى زيادة إنتاج النفط الإيراني وصادراته بعد رفع العقوبات من ناحيتين إيجابية وأخرى سلبية، فمن الناحية الإيجابية يمكن لإيران العودة إلى الأسواق النفطية بسرعة، كما فعلت بعد الاتفاق النووي عام 2015، وذلك بسبب خبرة وزير النفط ومعرفته بالأسواق العالمية، وكذلك الحنكة وقوة تسويق النفط الإيراني”.
ويضيف شكوهي في حديثه للجزيرة نت أن في المقابل هناك في السوق العالمية فائضا في المعروض من النفط ونقصا في الطلب؛ مما يعرقل رجوع الدول التي ابتعدت عن هذا السوق لبعض من الوقت إلى مكانتها السابقة (مثل إيران)، كما أن مستورد النفط الإيراني قد أصبح متشائما ومتشككا من استمرار اعتماده على النفط الإيراني، وذلك بسبب العقوبات المتكررة على طهران.
وأفاد شكوهي أنه بالنظر إلى الوضع الحالي، سيدخل النفط الإيراني إلى السوق بشكل متدرج، وليس دفعة واحدة، ويمكن لإيران إذا تم رفع العقوبات أن تضيف ما لا يقل عن مليون برميل إلى صادراتها الحالية، وفي النهاية زيادة إنتاجها اليومي إلى 4 ملايين برميل يوميا.
تصدير غير رسمي
يبدو أن صادرات إيران النفطية خلال فترة الحظر لم تصل قط إلى الصفر، وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات رسمية، يعتقد عدد كبير من المؤسسات الدولية والخبراء أن صادرات النفط الإيرانية وصلت إلى 300 ألف برميل يوميا في أقل تقدير، وقد زادت في الأشهر الأخيرة إلى نحو 500 ألف برميل، وفي بعض الأحيان إلى مليون برميل يوميا.
ووفقا لتقرير وكالة الطاقة الدولية في شهر مارس/آذار الماضي وصل إنتاج نفط إيران إلى 2.3 مليون برميل يوميا، كما أفادت وكالة “رويترز” (Reuters) بارتفاع إنتاج النفط الإيراني في أبريل/نيسان إلى 2.5 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى منذ نحو عامين.
تصدير بدون خصومات
يعتقد بعض الخبراء أيضا بأن إيران وبسبب العقوبات تبيع نفطها بخصم إضافي لزبائنها، وفي حال تم رفع العقوبات، فلا داعي لاستمرارها بهذه الخصومات، وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط الإيراني في الأسواق الدولية؛ لا العكس.
ويعتقد مهدي حسيني، أخصائي في شؤون النفط والطاقة، أنه بالنظر إلى أن الطلب العالمي اليومي على النفط يبلغ حوالي 90 مليون برميل يوميا، فلا يمكن أن يكون تصدير 2 إلى 2.5 مليون برميل من نفط إيران ذا تأثير كبير على السوق النفط العالمي.
وأضاف حسيني في حديثه للجزيرة نت أنه نظرا إلى انتشار جرعات لقاح كورونا شيئا فشيئا، والانتعاش الاقتصادي للدول، وزيادة الطلب على النفط، لن يكون دخول النفط الإيراني ذا تأثير كبير على انخفاض أسعار النفط العالمي.
ونظرا لنمو صناعة البتروكيماويات والتكرير في إيران خلال السنوات الماضية، يتم تصدير جزء كبير من صادرات النفط الإيرانية على شكل بتروكيماويات ومنتجات بترولية، وليس فقط بشكل نفط خام
رفع العقوبات ونمو الاقتصاد
ارتفع معدل نمو الاقتصاد الإيراني بعد الاتفاق النووي إلى 12.5% عام 2016، وهذا أعلى مستوى منذ 4 عقود في إيران، وذلك بفضل مبيعاته النفطية في تلك الفترة، وستترك عودة إيران إلى أسواق النفط العالمية تأثيرها الإيجابي على النمو الاقتصادي للبلاد.
ويعتقد الدكتور محمد قلي يوسفي، الخبير الاقتصادي وعضو هيئة تدريس بكلية الاقتصاد بجامعة علامة طباطبائي، بأن معظم مشاكل الاقتصاد الإيراني لا علاقة لها بالعقوبات، وأن مبيعات النفط تساعد الحكومة على إنفاق الأموال وسد عجز ميزانيتها، والاستيراد، وكذلك تخفيض أسعار بعض السلع.
كما يرى يوسفي في حديثه للجزيرة نت أنه لا علاقة لرفع العقوبات بتنمية اقتصاد إيران، حيث إن زيادة الصادرات النفطية يمكن أن تزيد من إيرادات الحكومة؛ لكن لا علاقة لها برفاهية الشعب وإيجاد فرص عمل والتنمية المستدامة ونمو البلاد والتطوير التكنولوجي وبناء المصانع وإعطاء الأمل للشباب؛ لأن رفع العقوبات سيرفع معها مشاكل الدولة، لا مشاكل الشعب.
المصدر : الجزيرة